أكد الدكتور أشرف العربي، وزير
التخطيط والتعاون الدولي أن
معدل الفقر بمصر وصل إلى ما نسبته 26.3%، وأن منظومة الدعم الحالية تبقي الغني غنياً، والفقير فقيراً مدى الحياة، قائلا: "لسنا في مرحلة التخطيط للسنوات العشر المقبلة، وإنما فقط في مرحلة إطفاء الحرائق، لذلك فإننا نعمل على إصلاح منظومة التخطيط من خلال صنع مشاركة مجتمعية واسعة".
وأضاف: لدينا 20 مليون أسرة تقريبا، ومتوسط حجم الأسرة في
مصر نحو 4.4 فرد، وتعدادنا بلغ 94 مليون نسمة فى الداخل والخارج، وقاربنا على تعداد 18 مليون بطاقة تموين، يستفيد منها أكثر من 69 مليون مواطن، بينهم كثيرون غير مستحقين للدعم، ومعدل الفقر بلغ رسميا 26.3%. وبالتالي، فإنه يجب مخاطبة المجتمع حول حقيقة عدم وفرة الإمكانات التي تجعل من اليسير دعم كل الناس أو حتى منحهم بدل بطالة.
وتساءل مستنكرا: من أين نأتي بـ 500 جنيه شهريا إعانة لـ 7 ملايين عاطل؟ مضيفا أنه لدينا رسميا نحو 3.5 مليون متعطل عن العمل، وما يقابل هذا الرقم في القطاع غير الرسمي، فمن أين سنأتي بنحو 500 جنيه شهرياً على مدى 12 شهراً لكل منهم (كإعانة بطالة)؟
وقال -في حوار مع جريدة "المصري اليوم" الأحد-: إنه كلما زاد الدعم زاد الفقر، ومنظومة التخطيط لدينا تعاني خللا كبيرا، ومخصصات الدعم في الأربعين سنة الأخيرة تسير بالتوازي مع زيادة معدلات الفقر، فكلما زاد الدعم زاد الفقراء، ما يعني أنها منظومة لا تؤدي الهدف منها.
الأجور.. والتعثر
أشرف العربي استطرد بالقول: كحكومة نركز على الحدين الأدنى والأقصى للأجور، بينما الخلل الأساسي في هيكل الأجور نفسه. فبمطالعة مفردات مرتب موظف الحكومة في أي وزارة، سنجد أن الأجر الأساسي أقل من 20% من إجمالي راتبه، وباقي النسبة أجر متغير يشمل حافز الإثابة والبدلات والعلاوات التي تختلف من جهة لأخرى، الأمر الذي يوجد الفروق، ويميز بين شخص وآخر في نفس المهنة، لكن في جهتين مختلفتين، وهذا هو الخلل الأساسي الذي نعمل على إصلاحه بهيكل الأجور.
ومضى إلى القول: "الوضع الطبيعي، هو أن يكون 80% من الأجر أساسيا، و20% فقط متغيرا، يسمح للتمايز بين الناس وفقاً للكفاءة. وكحكومة لا نستطيع فعل ذلك لأن النسبة الأكبر من راتب الموظف أجر متغير، ما يعني أن عقاب الموظف لتكاسله عبر الخصم من أجره المتغير سيصبح أمراً صعباً لأن الأجر المتغير يمثل النسبة الأكبر من راتبه، وأنا باعتبارى رئيساً للجنة إصلاح هيكل الأجور، أعتقد أننا خلال أسابيع قليلة مقبلة سنعلن حصيلة معالجتنا للأمر بما يؤدي في النهاية إلى رفع الأجر الأساسي ليصبح من 50% إلى 60% تقريباً".
وأضاف أن هناك مشكلة أخرى تتمثل في تعثر بعض القطاعات، كقطاع السياحة، فضلاً عن بعض النواحي الجغرافية، وتفاقم مشكلة البطالة. فلدينا رسمياً نحو 3.5 مليون متعطل، وهو القادر على العمل، والراغب فيه، لكنه لا يجد. ويقابل تلك النسبة ما يُعرف بالبطالة المقنّعة العاملة في القطاع غير الرسمي. وبالتالي، فإنه لا يُنصح بالمبالغة في الحد الأدنى للأجور في مرحلة كساد وتباطؤ اقتصادي كبير، لأنه لو لم يقابل ذلك إنتاج حقيقي فستنتج ضغوط ضخمة، وزيادة في الأسعار وتفاقم أزمة البطالة.
وفيما يتعلق بقضية التصدير، أوضح أن إجمالي الصادرات المصرية للخارج يُقدر بنحو 28 مليار دولار يقابلها على الأقل ضعف هذا الرقم واردات. لذلك فإن الزيادة في حجم الصادرات كقيمة، لا يُعتد بها في ضوء استبعاد أثر التغير في سعر الصرف، وأثر الزيادة في الأسعار، ما يعني إما أن معدلات تصديرنا ثابتة أو أنها حتى تراجعت في حجم الصادرات كقيمة حقيقية.
منظومة الدعم.. والمساعدات الخليجية
وحول منظومة الدعم الحالية، قال وزير التخطيط المصري إنها لا تفعل شيئاً إلا أنها تبقي الفقير فقيرا مدى الحياة، والغني غنياً مدى الحياة، وهي لا تؤدي الهدف منها، وتمثل قمة غياب العدالة، فمخصصات الدعم خلال الأربعين سنة الأخيرة تسير بالتوازي مع زيادة معدلات الفقر، فكلما زاد الدعم زاد الفقراء، ما يعني أنها لا تحقق الهدف منها.
واستدرك: بالتالي، أرى أن تلك المنظومة كانت بمثابة نوع من العقد الاجتماعي الضمني والخفي وغير المعلن بين الدولة والفقراء، تدفع بمقتضاه الدولة أي شىء لإسكات الفقراء، وتفعل هي ما تريد. وبالتالي، فإنه يجب أن يوجه الدعم للفقراء لا إلى كل المصريين من خلال الدعم النقدي المشروط للفقراء، لدفعهم إلى تحسين أوضاعهم، وتعليم أبنائهم بلا تمييز كمثال، مع استهداف الفقراء دون غيرهم نظرا لعدم وجود إمكانات لدعم الجميع.
وحول المساعدات الخليجية بعد 30 تموز/ يونيو، كشف عن أن الدعم الذى تلقته مصر جاء عينيا، وفي صورة منتجات بترولية ومنح لا ترد وودائع لـ5 سنوات دون فائدة، إضافة إلى جزء استثمار في مشروعات مباشرة من دولة الإمارات. أما على صعيد القروض والمنح بالتنسيق مع التعاون الدولي، فإننا نقترض قروضا تنموية على مدى 30 عاماً لخدمة مشروعات تنموية وبفائدة ميسرة.
وحول الحزمتين التمويليتين الأولى والثانية للاقتصاد المصري، قال إن فكرة الحزمة الأولى التحفيزية جاءت بعد تباطؤ الاستثمارات الخاصة وعدم رغبة البعض في ضخ المزيد منها نتيجة التوتر الأمني والسياسي، ما استوجب ضرورة ضخ استثمارات عامة وحكومية لتعويض ذلك التباطؤ والنقص في القطاع الخاص من خلال حزم إضافية، وكانت الحزمة الأولى بقيمة 29.7 مليار جنيه، واستهدفت مشروعات قاربت على الانتهاء، أو تتميز بأنها كثيفة التشغيل وتوفر فرص عمل كثيرة وتمويلها جاء من الوديعة الدولارية الموجودة منذ حرب الخليج، ولم تكن ضمن احتياطي النقد الأجنبي لدى البنك المركزي.
وتابع بأن الحزمة الثانية جاءت بعد فتح اعتماد إضافي بقيمة 34 مليار جنيه، موجهة لاستثمارات ومشروعات، وكل تلك المشروعات جارٍ تنفيذها حالياً ومنها الخط الجديد لمترو الأنفاق الذى سيُفتتح في نيسان/ أبريل المقبل، كما سنُدخل 1350 أوتوبيسا جديدا، وهو عدد يفوق الأسطول الحالي للأوتوبيسات العاملة في القاهرة الكبرى، إضافة إلى سداد مستحقات المقاولين لدى الحكومة، وإنشاء وتسليم 50 ألف وحدة إسكان اجتماعي جديدة بالمرافق قبل كانون الأول/ ديسمبر من العام الحالي.
وفد دولي في مهمة سرية بالقاهرة
كان العربي كشف في مؤتمر صحفي السبت النقاب عن أن وفداً يضم مديري البنك الدولي يزور القاهرة حالياً، في زيارة وصفها بـ "المهمة"، لكنه لم يعرب عن أي تفاصيل، سوى أنها تأتي في إطار ملف التعاون الدولي الذي يشرف عليه في الحكومة المعينة.
وأشار -خلال المؤتمر- إلى أن استمرار ملف الدعم الذي يلتهم نحو ثلث الموازنة العامة للدولة، وينفق على الأغنياء ليس مقبولا على الإطلاق، وأنه سيعلن خلال الأيام المقبلة عن إعادة هيكلة لهذا الملف الشائك بغض النظر عن الظروف السياسية أو الأمنية.
وأكد أن الحكومة سوف تنتهي خلال الأسبوعين المقبلين من إعداد مشروع الموازنة العامة للدولة للعام المالي المقبل.
وقال إن هناك خللا في النظام الضريبي بمصر، إذ لا تسهم الحصيلة الضريبية سوى بنحو 15% من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي، مستدركا بأنه يتم في الوقت الحالي النظر في المنظومة الضريبية بالكامل حتى يتسنى تمويل عجز الموازنة، ورفع الناتج المحلي الإجمالي.