وسط اشتداد الجدل في "
إسرائيل" بشأنه، نفى تسفي زمير، رئيس جهاز "
الموساد"، أثناء حرب 1973 أن يكون أشرف مروان، السكرتير السياسي للرئيس المصري الأسبق أنور
السادات - وهو الذي زود "إسرائيل" بمعلومات مهمة حول الحرب - أن يكون عميلاً مزوجاً.
وفي مقابلة أجرتها معه مجلة "هلوحيم" (المقاتل)، التي تصدرها منظمة "معاقي الجيش الإسرائيلي"، وأعادت نشرها النسخة العبرية لموقع صحيفة "جيروسلم بوست"، مساء الثلاثاء، قال زمير، إن مروان -وهو زوج كريمة الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر- زود الموساد بالخرائط والمخططات التي وضعها الجيش المصري لاجتياز خط بارليف، مشيراً إلى أن مروان قد أبلغه شخصياً بأن الجيش المصري سيستخدم 5 فرق عسكرية في عبور القناة، والتمركز على خط يبعد 10 كلم شرقي قناة
السويس.
وأضاف زمير أنه التقى بمروان في لندن يوم الجمعة قبل يوم من اندلاع الحرب، حيث أكد له أن الحرب ستندلع في يوم السبت التالي، وهو ما جعله يقوم بإرسال رسالة عاجلة للحكومة "الإسرائيلية" حول الأمر، وهو ما أدى إلى صدور قرار بتعبئة قوات الاحتياط.
ونوه زمير إلى أن مروان زود "إسرائيل" بمعلومات ذات قيمة إستراتيجية كبيرة، مشدداً على أنه قدم معلومات "نوعية وذات قيمة إستراتيجية"، سيما حول الاتفاقات السرية التي توصلت إليها مصر مع الاتحاد السوفياتي بشأن التزويد بالسلاح وغيرها من معلومات حساسة.
وأكد زامير أن الكثير من المعلومات التي جلبها مروان أكد صحتها عملاء مصريون آخرون نجح الموساد في تجنيدهم.
وعزا زمير القصور الإسرائيلي خلال الحرب، الذي أدى إلى مقتل أكثر من 2400 جندي "إسرائيلي" وجرح 7200 آخرين، إلى موقف رئيسة الحكومة " الإسرائيلية" خلال الحرب غولدا مائير التي كانت تعتمد على المعلومات التي تجلبها شعبة الاستخبارات العسكرية "أمان"، والتي كانت تقوم على توظيف تقنيات متقدمة.
وأشار زمير إلى أن مائير كانت تتبنى موقفاً عنصرياً حتى في تعاملها مع المصادر الاستخبارية، حيث كانت تكثر من القول إنها تفضل المعلومات التي يجلبها اليهود على المعلومات التي يجلبها العملاء العرب.
ودحض زمير الأقوال التي ترى أن مروان كان عميلاً مزدوجاً، قائلاً: "لو كان عميلاً مزودجاً لكان من السهل عليه تضليلي قبل يوم اندلاع الحرب، وكان من السهل عليه القول إن قرار السادات بحشد القوات كان مجرد مناورة، وليس أكثر من ذلك، لكنه أصر على لقائي وتزويدي بالمعلومات".
ونوه زمير إلى أنه في الأوضاع العادية يكون الاتصال بين العملاء العرب وبين المستويات التنفيذية داخل الموساد، مستدركاً أنه بشأن مروان تقرر أن يتولى هو شخصياً مسؤولية الاتصال به بسبب مكانته والمنصب الرفيع الذي يضطلع به في مصر، والمعلومات الحساسة التي يفترض أن يجلبها، مشيراً إلى أن مثل هذه الخطوة شجعته على مزيد من التعاون.
وكشف زمير النقاب عن أن الأجهزة الاستخبارية "الإسرائيلية" تمكنت قبل الحرب من زرع أجهزة تنصت حساسة في مكاتب كبار المسؤولين وألوية الجيش المصري، من أجل الحصول على معلومات حول نوايا الحرب.
من ناحيته قال الدكتور محمود محارب، أستاذ العلوم السياسية في جامعة "القدس" والباحث في الشؤون الإسرائيلية، إن معظم الخبراء "الإسرائيليين" في مجال الاستخبارات يؤكدون الآن أن مروان كان عميلاً مزدوجاً، وأنه قد تم زرعه من قبل المصريين لتضليل "إسرائيل"، مشيراً إلى أن رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية "الإسرائيلية" خلال الحرب الجنرال إيلي زعيرا هو أول من كشف عن اسم مروان عام 2005، حيث أكد أنه كان عميلاً مزوجاً.
وفي مقابلة مع "عربي 21"، أوضح محارب أن معظم الكتب التي تناولت حرب 73 مؤخراً تدلل على أن مروان كان عميلاً مزوجاً، وأن المعلومات المتناقضة التي قدمها أحدثت تفاوتا في تقييم التحركات العسكرية المصرية، ما جعل إسرائيل تقع هول المفاجأة.
وأوضح محارب أن نفي زمير أن يكون مروان عميلاً مزودجاً هو أمر مفهوم "لأن الأجهزة الاستخبارية لا توافق على الاعتراف بأخطائها".