لا تزال المغنية اللبنانية
فيروز تلتزم الصمت إزاء الضجة التي أثارها ابنها
زياد الرحباني؛ بعد تصريحاته التي قال فيها إن والدته هي "من محبي حسن نصرالله" زعيم حزب الله في لبنان.
وكان الملحن والمغني زياد الرحباني قد قال لموقع العهد الالكتروني المرتبط بحزب الله الثلاثاء، إنه يواظب على الاستماع دائما إلى خطابات نصرالله وإنه يحتفظ بخطاباته في أرشيف خاص. لكن الرحباني لم يكتف بالتعبير عن نفسه، بل تحدث عن أن والدته فيروز "هي أيضا من محبي نصرالله".
ثم عاد الرحباني ليكرر في مقابلة بثتها قناة الميادين يوم الخميس نفس الحديث باسم أمه، ويهاجم من انتقدوه ووالدته بسبب تصريحاته السابقة.
وقال إن "فيروز مع المقاومة"، في إشارة إلى حزب الله، مضيفا: "هي تفضل الصمت، وأنا أتحدث عنها لأن فيروز لا تمثل نفسها فقط، بل تحمل كل إرث الرحابنة، وكانت الناطقة باسمه". وتابع: "لو لم تكن فيروز مع المقاومة لكانت هناك مشكلة بيني وبينها، ولم أكن لألحن لها أغنياتها"، معتبرا أن "من يهاجم فيروز ونصر الله يدافع عن إسرائيل" حسب تعبيره.
كما توسّع الرحباني في آرائه السياسية، وقال: "أنا مع خيارات حزب الله حتى لو ذهب إلى مصر"، متسائلاً: "كيف يمكن ألا يذهب حزب الله إلى
سوريا، وهو بذلك يدافع عن كل المنطقة، ضد الهجمة التي تتعرض لها".
كما هاجم الرحباني السعودية التي قال إنها منعت تسجيلاته، واتهمها بأنها تدعم "داعش" (تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام) في سورية.
والتقط الخيط رئيس تحرير صحيفة الأخبار اللبنانية، الموالية لحزب الله. إذ هاجم إبراهيم الأمين منتقدي الرحباني، معتبراً أنه لا يمكن وصف "رافضي محبة فيروز للسيد حسن نصر الله" بـ"غير التكفيريين".
واعتبر الأمين أنه "لو كانت عندنا دولة، لوجب تحرّك قوى الأمن الداخلي، بناء على إشارة من وزارة الصحة العامة، لإيقاف من يفسد الهواء العام بأنفاس من الكراهية والأحقاد ذات الخلفيات
الطائفية الدفينة، أو العقد النفسية الناجمة عن فشل خيارهم الفكري أو السياسي، أو من صاروا مستعدين لمصافحة الشيطان نكاية بمن ليس على ذوقهم الأيديولوجي"، حسب تعبير الأمين الذي هاجم في سياق حديثه أيضا ما أسماها "عصابة آل سعود"، ليختم حديثه، كما فعل زياد الرحباني، بالقول: "اذهبوا وانتسبوا إلى "داعش" وأخواتها، ثم موتوا بغيظكم"!
من جهته، اعتبر الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط أن "فيروز أكبر من أن توجه لها سهام انتقاد، وفي الوقت ذاته أكبر من أن تصنف لحساب هذا الفريق السياسي أو ذاك أو لصالح هذا المحور أو ذاك". وقال جنبلاط، بحسب ما نقلت عنه وسائل إعلام لبنانية الجمعة: "الفن الراقي الذي قدمته وتقدمه (فيروز) أسمى من أن يغرق في الزواريب السياسية والفئوية والمصلحية. فلنتركها في موقعها السامي كي لا نقحمها في ما ليس لها فيه".
ورأى جنبلاط أن فيروز "كانت وستبقى رمزاً من رموز التراث الوطني اللبناني، وهي التي حفرت بصوتها في ذاكرة اللبنانيين جميعاً صوراً ومشاهد متنوعة، وهي التي أنشدت لفلسطين والقدس واحدة من أروع الأغنيات في كلماتها المعبرة وألحانها الجميلة، وناجت الشام التي كانت دائما متألقة، مع كل مناطق سورية، قبل أن يقحمها عنف النظام والتآمر الدولي في دوامة الحرب الأهلية".
وعلّق الإعلامي نديم قطيش عبر تلفزيون المستقبل الذي تملكه عائلة الحريري؛ بأن زياد الرحباني "فنان عنده قدرة استثنائية في صناعة الجدل حوله"، لكنه هذه المرة حاول أن يثير الجدل من خلال أمه".
كما كتب موقع شبكة المستقبل متسائلاً: "فيروز من محبي نصرالله.. فهل يبادلها الشعور بالمثل"، فيما ردد معلقون بأن حسن نصر الله لا يحب الاستماع لفيروز. وتساءل الموقع: "بعد ان كسر زياد الرحباني هيبة والدته وفضح سرها، هل يكون السيد نصرالله من عشاق ومحبي أغاني السيدة فيروز؟".
واعتبر موقع شبكة المستقبل أنه "للمرّة الأولى انقسم اللبنانيون حول فيروز، فهل باتت أيقونةُ الوحدة اللبنانية خطَّ تماس؟".
وكتب معلق على الفيسبوك: "هواية زياد الرحباني المفضّلة إحراق صورة فيروز وإنزالها عن عرش الايقونة.. عمق أهداف زياد ان يحوّل فيروز من رمز إلى مجرّد مغنية عادية تردح أي كلام يسميه زياد (شعرا)، كل أدبيات زياد قائمة على تحطيم صورة فيروز الأم وفيروز إلهة الصوت".
وبين مؤيد ومهاجم لفيروز بسبب أقوال ابنها، حاول الكاتب السوري المعارض
حكم البابا الدفاع عن فيروز، مستذكراً انه "حين قدمت السيدة فيروز مسرحيتها "صح النوم" ضمن فعاليات احتفالية دمشق عاصمة ثقافية 2008 اتصل محمد ديب دعبول (أبو سليم) مدير مكتب بشار الأسد بالدكتورة حنان قصاب حسن مديرة الاحتفالية، وأخبرها بأن بشار الأسد قرر تقليد السيدة فيروز وسام الاستحقاق السوري من الدرجة الأولى، على أن تقوم هي بترتيب الأمر مع فيروز بما في ذلك تحديد الموعد، وبناء على هذه المكالمة الهاتفية أبلغت الدكتورة قصاب حسن السيدة فيروز بقرار بشار الأسد، فما كان من السيدة فيروز إلاّ أن اعتذرت رغم ما قيل لها عن مدى الإحراج الذي قد تسببه لمن سينقل اعتذارها، ولكن السيدة فيروز أصرت بشجاعة على موقفها رغم محاولات إقناعها المتكررة، مبررة ذلك بأنها لم ولن تتلقى أي وسام من أي زعيم عربي، وهو ما نقلته الدكتورة حنان قصاب حسن لأبي سليم الذي كان مُرتبكاً ومُحرجاً، لأنها المرّة الأولى التي تتم فيها مخالفة رغبة رئيس سوري منذ مجيء حافظ الأسد ورفض مايعتبره مكرمة منه، ولم يخف أبو سليم عدم قدرته يومها على العثور على الطريقة التي سينقل بها (للسيد الرئيس) اعتذار السيدة فيروز عن تلقي وسام الاستحقاق الذي قرر منحه لها!!".
وبينما انقسم المعلقون على صفحات التواصل الاجتماعي حول فيروز، مثلما هو حال الانقسام السياسي في لبنان بين قوى 8 و14 آذار، بدا أن كثيرين حاولوا إبقاء فيروز خارج السجال، وكأنهم لا يريدون تصديق كلام ابنها، وهو ما عبّر عنه أحدهم بالقول: "إنها فيروز…إنّها أكبر من كلّ الاحزاب.. وهي بحجم الأوطان". وقال آخر: "فيروز باقية.. هي الصامتة من دون تصريحات.. وتصريحات زياد الرحباني عن أمه زائلة وإن لم تنفها".
ولكن يبقى لافتا صمت فيروز حتى الآن، فهل هو كما أوّله أحد المعلقين بقوله: "فيروز صمتت دهراً ونطق ابنها زياد عنها كفراً وكرهاً"؟ أم أنها، كما قال ابنها، سوف تعتب عليه الآن كما فعلت في السابق عندما تحدث باسمها قبل ذلك؟