بورتريه

حجة لحبيب.. جزائرية على رأس الدبلوماسية البلجيكية (بورتريه)

تقدم لحبيب أداء لافتا حول غزة وتكاد أن تكون من الأصوات الشجاعة في العالم التي تواصل ضغطها باتجاه وقف إطلاق النار- عربي21
تقدم لحبيب أداء لافتا حول غزة وتكاد أن تكون من الأصوات الشجاعة في العالم التي تواصل ضغطها باتجاه وقف إطلاق النار- عربي21
تعرف نفسها بالقول: "لست يسارية ولا يمينية" تقول: "أنا حرة بشكل أساسي".

لم تنشط سياسيا، ما أثار بعض الامتعاض في بلجيكا لدى تعيينها على رأس وزارة الخارجية.

صحفية بقيت طيلة 30 عاما في قلب الصحافة والإعلام حيث قدمت نشرات الأخبار لسنوات طويلة، وغطت الحروب والأزمات، وأنجزت تقارير وأنتجت وأخرجت أفلاما لافتة.

ولدت حجة لحبيب لأبوين جزائريين في عام 1970 في والونيا، ونشأت في العاصمة بروكسل.

درست الصحافة والاتصالات في جامعة بروكسل ما بين عامي 1993و1995، وكانت أطروحتها حول "تاريخ الحرب الجزائرية: صمت الذاكرة". ولاحقا في عام 2019 حصلت على دبلوم في القيادة الرقمية من "معهد سولفاي" ببلجيكا.

وبعد تخرجها عملت مساعدة في كلية الصحافة في جامعة بروكسل الحرة حتى عام 1997، كما أنها عملت في تلفزيون "آر تي إل لياج" البلجيكي لمدة 5 سنوات، كما أنها أصبحت مذيعة أخبار نشطة في راديو وتلفزيون بلجيكا الناطق بالفرنسية، وعملت فيه 23 عاما مقدمة ومراسلة ميدانية ومخرجة أفلام.

قدمت في مسيرتها تقارير في مناطق الحروب، فغطت الانتفاضة الفلسطينية الثانية التي اندلعت ما بين عامي 2000 و2005، وأنجزت سلسلة تقارير من تشاد عن ضحايا القمع في حقبة الرئيس حسين حبري، ونزلت إلى الميدان الأفغاني عدة مرات في الفترة ما بين 2001 و2009، وأنتجت فيلما وثائقيا عن مصير المرأة الأفغانية بعنوان "أفغانستان. اختيار المرأة".

وفازت في عام 2008 بجائزة الاتحاد الأوروبي للبث الذهبي.

وفي نفس العام أخرجت وأعدت فيلما بعنوان "العنق والرأس.. كينيا"، فيما حصل فيلمها "صبرا صبرا.. ستدخل الجنة" على جائزة في مهرجان مرسيليا المتوسطي، وهو فيلم روائي طويل عرض في المسارح لأكثر من 6 أشهر وترجم إلى 5 لغات.

كما أنها توجت بجائزة "برلمان المجتمع الفرنسي" في بلجيكا، ومنحت لقب "المواطنة الفخرية لمدينة لياج البلجيكية" عام 2010. وفي 2013، اختيرت "امرأة العام" في بروكسل.

اظهار أخبار متعلقة


وزيرة للخارجية
وعملت أيضا في مؤسسة التضامن الدولي، وهي منظمة تهدف إلى تعزيز الديمقراطية وتحسين الحقوق الاجتماعية والاقتصادية في أفريقيا وأمريكا اللاتينية والشرق الأوسط. وفي عام 2010، أصبحت سفيرة السنة الأوروبية لمكافحة الفقر والتهميش الاجتماعي، التي أنشأتها المفوضية الأوروبية.

وفي عام 2021، كلفتها حكومة بروكسل بمهمة التحضير لترشيح مدينة بروكسل عاصمة الثقافة الأوروبية في عام 2030.

وسط كل ذلك ودون توقع من أحد عينت في عام 2022، وزيرة للخارجية والشؤون الأوروبية والتجارة الخارجية والمؤسسات الثقافية الفيدرالية في حكومة دي كرو الفيدرالية، وكان تعيينها لافتا للنظر، إذ لم تكن لها خبرة سياسية سابقة.

 وعينت خلفا للوزيرة المستقيلة صوفي فيلميس، التي استقالت من الحكومة لأسباب عائلية بعد تشخيص إصابة زوجها بسرطان الدماغ العدواني.

ولكن لحبيب ردت على المتشككين والمشككين بقولها: "باعتباري صحافية على الأرض في مناطق مثل الشرق الأوسط وأفغانستان وباكستان والهند وأماكن أخرى، وباعتباري صانعة أفلام وثائقية، كنت أرغب دائما في بناء الجسور بين الشواطئ التي تكون متباعدة جدا في بعض الأحيان".

وأضافت أن رغبتها في المساهمة في تحقيق الأشياء، واقتناعها بإمكانية "وجود عالم أكثر عدلا وحرية واحتراما" دفعها في النهاية إلى قبول المنصب. واعترفت بأنها بلا خلفية سياسية، لكن هذا سمح لها بالتصرف بحرية أكبر باعتبارها "مواطنة تشعر بالقلق إزاء حالة العالم"، بحسب قولها.

وسائل الإعلام البلجيكية اعتبرت أن اختيار "الحزب الليبرالي الفرانكفوني" صحافية لتولي وزارة الخارجية ليس سابقة في حد ذاته، فهو يحاول على الدوام اختيار شخصيات عامة، لكن كونها من عائلة من أصول جزائرية فالاختيار ليس منزها عن الحسابات الانتخابية مع اقتراب موعدها في عام 2024، بحسب ما نشر حول تعيينها.

وتناقلت وسائل الإعلام عبر العالم مشهد إقدامها على قص خصلة من شعرها في جلسة مناقشة بمجلس النواب، في تكرار لما قامت به نائبة من أصول إيرانية كانت تجلس إلى جانبها.

معبرة عن "صدمتها" لموت مهسا أميني أثناء توقيفها من قبل "شرطة الأخلاق" في طهران.  والوزيرة من بين الأصوات المريدة لفرض عقوبات على إيران.

في عام 2023، نجت لحبيب في تصويت بحجب الثقة في البرلمان بعد منح تأشيرات دخول لوفود من المدن الإيرانية والروسية لحضور مؤتمر رؤساء البلديات في بروكسل. وكان حزبها، الحركة الإصلاحية، قد هدد بمغادرة الحكومة إذا اضطرت لحبيب إلى الاستقالة، الأمر الذي كان من شأنه أن يؤدي إلى انهيار الحكومة.

ووجدت لحبيب نفسها في عين العاصفة بسبب زيارتها شبه جزيرة القرم في عام 2021، وعلى الرغم من تصريحاتها المساندة لأوكرانيا وتأكيداتها المتكررة على انتماء شبه جزيرة القرم إلى كييف ومشاركتها بنشاطات تحت الراية الأوكرانية، فإنها لم تكن كافية لردع الانتقادات.

 لكنها اليوم باتت مستهدفة من كييف بسبب زيارتها إلى جزيرة القرم عبر موسكو لتغطية مهرجان ثقافي، قبل أن تصبح وزيرة وقبل حتى اندلاع القتال في أوكرانيا.

اظهار أخبار متعلقة


صوت شجاع
ولأنها خبرت القضية الفلسطينية عبر متابعتها تفاصيل الانتفاضة الفلسطينية الثانية، فإن حجة لحبيب تنشط في حراكها حول ما يجري في قطاع غزة، وترفض أن تبقى الولايات المتحدة الأمريكية اللاعب الوحيد في غزة، معربة عن اعتقادها بأن الوقت حان ليظهر الاتحاد الأوروبي نفسه "بوضوح" في عملية السلام.

وقالت لحبيب في اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في لوكسمبورغ، إنه لا تكفي الدعوة لوقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن وإيصال المساعدات إلى قطاع غزة فيما القتل مستمر.

وشددت على أن "هناك مأساة إنسانية يجب إيقافها".

وقالت الوزيرة لحبيب إن "فرض العقوبات على المستوطنين العنيفين في الضفة الغربية لا يكفي وعلينا فرضها على الذين يسلحونهم ويدافعون عنهم".

وأكدت أن الاعتراف بدولة فلسطينية خطوة حاسمة نحو حل الدولتين، و"مستعدون للترحيب بأي مبادرة بشأن ذلك"، وقالت إن بلجيكا ستدرس الاعتراف بفلسطين دولة ذات سيادة "عندما يحين الوقت".

وعلى أثر إعلان استشهاد موظف في وكالة التنمية البلجيكية وعائلته في قطاع غزة إثر قصف إسرائيلي فإنها استدعت السفيرة الإسرائيلية لإدانة قصف المناطق المدنية والسكان وللمطالبة بتفسير، مؤكدة أن قصف المناطق المدنية واستهداف السكان يتعارض مع القانون الدولي.

في جميع الأحوال تقدم لحبيب أداء لافتا حول غزة وتكاد أن تكون من الأصوات الشجاعة في العالم التي تواصل ضغطها باتجاه وقف إطلاق النار في غزة ودخول المساعدات إلى جميع مناطق القطاع دون مماطلة.

حجة لحبيب أثبتت في العامين الماضيين أنها سياسية تتقن لعبتها وتعرف كيف تنجو من حقول الألغام، وأنها حقا "مواطنة تشعر بالقلق إزاء حالة العالم".. وأنها "حرة بشكل أساسي".
التعليقات (0)