مقابلات

حقوقي مغربي يحذر من "أزمات خطيرة" تعيشها البلاد

عربي21
عربي21
قال الحقوقي والخبير الاقتصادي المغربي، فؤاد عبد المومني؛ إن جميع الأطراف في بلاده تترقب "كيفية انفجار الأوضاع إذا لم يكن عند الحكام التبصر والحكمة الضروريان لاستباق هذا الانفجار الذي ربما يكون حتميا"، مُشدّدا على ضرورة أن تكون هناك "معالجة عميقة وجدية ومستدامة لهذه الأزمات الخطيرة التي نمر بها".

وأضاف في مقابلة خاصة مع "عربي21": "لا زلنا في مرحلة التذمر الشعبي، وردود الفعل المحدودة، والمحتشمة أحيانا، تتسم بالسلمية والحضارية، ولا تذهب إلى حد محاولة فرض تغيير الأمور على الحاكم، إلا أن الوضع الحالي لا يبشر بقرب إنهاء الأزمة"، مؤكدا أن "الأوساط المؤسسية والسياسية مُغيّبة عمليا عن إمكانية التعبير عن الطموحات، وصياغة الإجابات الملائمة لها".

ورغم إقرار المومني بأن أوضاع النظام لا زالت مستقرة، أكد أنه في ظل ما وصفها بـ "التناقضات الداخلية داخل المربع الحاكم، وفرصة نهوض حركة مجتمعية واسعة تطالب النظام فقط بالوفاء بوعوده كافة، ربما نشهد التغيير المأمول؛ لأنه لا يمكن أن يستقيم الوضع هكذا؛ فقد بلغ السيل الزبى".

وشدّد على أن "أهم عنصر أدى لتأزم الأوضاع، استفحال الرشوة بشكل فظيع في أعلى مستويات هرم الدولة، ولعل أقوى مؤشر على ذلك، أن موزعي البترول في المغرب مُتَّهمون بالتواطؤ من أجل فرض أثمان خارج منطق السوق والتنافس"، منوها إلى أن "أهم موزع للمواد البترولية في المغرب، عزيز أخنوش الذي يرأس الحكومة، والذي يُعدّ من أقرب الناس إلى الملك محمد السادس".

وتاليا نص المقابلة الخاصة مع "عربي21":


كيف تنظرون لمجمل المشهد الحقوقي والاقتصادي الحالي في المغرب؟

"أوضاع حقوق الإنسان في المغرب عام 2023 ليست أفضل مما كانت عليه عام 1999"، هذا نص كلام محمد زيان (80 سنة) أكبر سجين سياسي سنا في العالم، الذي يؤكد أنه تعرّض للمتابعة والمحاكمة والإدانة؛ لأنه سبق أن صرّح في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي وطلب من الملك محمد السادس أن يتنازل عن العرش، أو أن يبرهن على قدرته على الاستمرار في تحمل تبعات الحكم، وذلك بعد أن عُلِم أن الملك كان متغيبا عن المغرب فترات طويلة خلال السنة الفائتة، وأن حالته الصحية قد تكون أحد أسباب هذا الغياب.

محمد زيان ليس إلا وجها من الوجوه الكثيرة التي تتعرض للاضطهاد في المغرب اليوم، إلا أن حالته متميزة لأنه من "الخدام التقليديين للعرش"؛ فقد سبق له أن تقلد منصب وزير حقوق الإنسان في ظل حكم الحسن الثاني، كما كان مدافعا دائما عن الاختيارات الجوهرية للملكية.

وبالطبع هناك ضحايا آخرون كُثر من الصحفيين، ومن نشطاء الفضاءات الاجتماعية، ومن النشطاء السياسيين، والنقابيين، وغيرهم؛ إذ إن النظام المغربي يبدو غير قادر على اعتماد آليات للانفتاح والتعايش مع ما يتطلبه العصر، ويطالب به المغاربة من حرية في التعبير، وفي التنظيم، وفي التظاهر.

ولعل أهم عنصر يجعل السلطات المغربية تعتمد القمع بشكل مركزي في المرحلة الأخيرة، التي بدأت في 2013 – 2014، هو عدم القدرة على معالجة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، بما يسمح بتلبية الطموحات الرئيسية للمواطنات والمواطنين.

وأكبر مؤشر على هذا الفشل، هو أن سوق العمل المغربية عاجزة عن استيعاب حتى نصف الأشخاص البالغين سن العمل، فإذا كان تعداد السكان الذين هم في سن العمل يبلغ 27 مليون نسمة، فإن سوق العمل حاليا لا يعمل به إلا 10 مليون شخص فقط. أما المشتغلون بـ"القطاع المهيكل"، فلا يتجاوز عددهم المليونين ونصف المليون من الأشخاص، منهم مليون ومئتا ألف شخص يتبعون القطاع العام، نصفهم يعمل في قطاعات الجيش والأمن.

وتزداد هذه الأوضاع صعوبة عاما بعد عام، حيث إن الوافدين الجدد على سوق العمل بالأعداد الصافية 400 شخص في المتوسط، في حين أن الاقتصاد المغربي لم يتمكن من خلق أكثر من مائة ألف منصب شغل كل واحدة من الـ20 سنة الأخيرة، وهذا يعني أن أعداد العاطلين الحقيقيين في المغرب تزداد بأكثر من 300 ألف نسمة سنويا.

ونظرا لعدم تمكن المغرب من استغلال الظروف التي كانت ملائمة جدا في سنوات سابقة وخاصة خلال مرحلة 1997 – 2007، فإنه غير قادر على مواجهة السنوات العجاف التي تأثرت بالجائحة العالمية، والحرب الأوكرانية، وموجة التضخم التي عمّت العالم.

ما النتائج التي وصلت إليها الاحتجاجات التي شهدتها العديد من كبرى المدن والبلدات المغربية على مدار ‏الأشهر الماضية؟

لقد تنادى المغاربة للاحتجاج بأشكال مختلفة ضد أوضاعهم العامة، وبشكل أخص ضد الغلاء الذي تفاحش مؤخرا، وضد القمع الذي ازداد شيوعا وحِدَّة. وقد بقيت هذه الدعوات محدودة الزمن، والأساليب؛ فعادة ما تكون الدعوات الوطنية للتظاهر يوما أو يومين في الشهر، وتواجهها السلطة أحيانا بالتجاهل، وفي الغالب الأعم بالمنع، وأحيانا أخرى بالتدخل العنيف ضد المتظاهرين.

ويلاحظ في شعارات غالب هذه الاحتجاجات، أنها تبتغي التخفيف من تبعات الأزمة على الفئات المتوسطة والفقيرة، ولكنها لا تحمل مقترحات لمعالجة جذورها، وتفتقد الأطراف كافة لمشاريع واعدة بخلق دينامية اقتصادية حقيقية وعميقة، قادرة على إخراج المغرب من حالة البطالة المعممة والاستهلاك إلى المشاركة المنتجة لأغلب مكونات المجتمع والتوزيع العادل لمنتوج المجهود الجماعي.

وكيف تنظر لمسبّبات وأهداف تلك الاحتجاجات؟

عادة ما يطالب المتظاهرون والناطقون باسم هذه الحراكات الشعبية بالعودة إلى نظام تسقيف الأثمان (تحديد الأسعار) ودعم المواد الاستهلاكية الرئيسة. بالطبع ميزانية الدولة عاجزة عن الدعم المباشر للاستهلاك الجماهيري؛ لأن الإمكانات ضئيلة، ولأن هذه الإمكانات عادة ما تذهب من الأساس في الاستثمارات الباذخة، وفي رشوة النخب المتحكمة، وفي المجهود الضخم في التسابق إلى التسلح مع الجارة الجزائر.

وكان المغرب عادة يعتمد على خصخصة بعض ممتلكات الدولة أو اللجوء إلى الاستدانة، إلا أن الخصخصة لم تُبْقِ الكثير مما يصلح للبيع ويُدِر مبالغ معتبرة لسنوات متتالية، وأما الديون العمومية فقد قاربت الآن على نسبة مائة في المائة من الدخل الوطني (الناتج المحلي)، لذا سيصعب اللجوء إلى الاستدانة بمبالغ كبيرة في المستقبل؛ لأن خيار توسيع التمويل يتقلص، ولا يبقى أمامنا إلا خيار التغيير الجذري في نمط تدبير الاقتصاد وتوزيع الخيرات.

وهل تبريرات الحكومة للأزمة الراهنة مُقنعة للشارع المغربي؟

تبرر الحكومة المغربية الأوضاع الحالية، وبشكل خاص الغلاء الذي يشهد مستويات عالية جدا في المرحلة الأخيرة بجائحة كورونا، وبالحرب بين أوكرانيا وروسيا، وبشح الأمطار، وبموجة البرد. لا يمكن أن ننكر أن هذه العناصر أدت دورا في الأزمة، ومن الوارد أن تتكالب جميعا في لحظة ما عناصر من هذا القبيل، لكن دور الدول في مثل تلك الحالات ليس التبرير للأزمات بعناصر ظرفية، بل عليها أن تستبق هذه الأزمات وأن تخلق شروط المتانة الاقتصادية والاجتماعية التي من شأنها أن تسمح بمواجهة الآفات كافة بأقل الأضرار.

لقد بُني الاقتصاد المغربي على "الزبونية" (المصالح الشخصية للموالين)، وتوزيع الخيرات على "المحاسيب"، وعلى الاستحواذ، من خلال السماح لعدد ضئيل جدا من الأسر بتملك الجزء الأكبر من الثروة، وعلى الريع الذي يسمح لهذه العائلات وأقاربها وعملائها بالحصول على دخل غير مرتبط بإنتاج أو بمساهمة ما.

كما بُني الاقتصاد أيضا على انفتاح مشرع على السوق الدولية، في الوقت الذي لا يتمتع فيه الاقتصاد المحلي بالقوة أو المناعة القادرة على تمكينه من مواجهة المنافسة الخارجية، واستغلال الفرص التي يتيحها له هذا الانفتاح، ومن ثم هناك إشكال جوهري في تصور المشروع الاقتصادي والاجتماعي الذي من شأنه تلبية احتياجات المواطنين.

وأهم عنصر يمكن أن نضيفه إلى هذه العناصر، استفحال الرشوة بشكل فظيع في أعلى مستويات هرم الدولة، ولعل أقوى مؤشر على ذلك أن موزعي البترول في المغرب مُتهمون بالتواطؤ من أجل فرض أثمان خارج منطق السوق والتنافس، وقد حكم عليهم مجلس المنافسة -الذي له صلاحيات قضائية في الموضوع- بغرامة معتبرة منذ ثلاث سنوات، إلا أن القصر الملكي قرر وقف تنفيذ هذا الحكم، ولا زال عقاب هؤلاء المتواطئين لم يقع بعد، ولا زالوا يراكمون في الأرباح الفاحشة دون رادع ولا رقيب. ويجب أن نذكر أن أهم موزع للمواد البترولية في المغرب، هو السيد عزيز أخنوش الذي يرأس الحكومة، والذي يُعدّ من أقرب الناس إلى الملك محمد السادس.

كيف تقارن بين مجمل أداء حكومة أخنوش وحكومة "العدالة والتنمية" السابقة؟ ‏

حكومة عزيز أخنوش الحالية وحكومتي بن كيران والعثماني عن "العدالة والتنمية" في العشرية السابقة في جوهرها هي الحكومات نفسها، من حيث التشكيلة البشرية الغالبة؛ فأغلب من كانوا في الحكومات السابقة هم فيها اليوم، وهم من "التقنوقراط" المقربين من القصر، ويشغلون مقاعد أهم الوزارات من حيث الحجم والصلاحيات والتأثير على الواقع المغربي.

ولكن التشابه الأساسي بينهما، هو أن الحكومة الحقيقية في المغرب هي القصر الملكي، وليس للحكومة الرسمية أيّة صلاحية في صياغة برامج استراتيجية وإعمالها بعد مصادقة الهيئة التشريعية، وكل الخيارات الجوهرية تبقى بين يدي الملك، وهذا توافق عليه إسلاميو "العدالة والتنمية" وقبلوا به، ولا زالوا، رغم كل "المطبات" التي تعرضوا لها.

أيضا لا يمكن أن نغفل أن مستوى الفضائح المالية التي تورطت فيها الحكومة الحالية، لا يضاهيه مثيل في العشرية السابقة، بل ربما يشكل تميزا وتفردا للمغرب مقارنة مع غيره من البلدان.

إلى أي مدى يمكن للفئات الهشة في المغرب الصبر على الأوضاع الاقتصادية المتردية؟

لا زلنا في مرحلة التذمر الشعبي، وردود الفعل المحدودة، والمحتشمة أحيانا، تتسم بالسلمية والحضارية دائما، ولا تذهب إلى حد محاولة فرض تغيير الأمور على الحاكم. إلا أن الوضع الحالي لا يبشر بإمكانية المعالجة، وتحقيق طموحات المواطنين، كما لا يبشر باستمرار المواطنين عموما وخاصة الفئات الفقيرة والمهمشة دون مواجهة فاعلة لهذه الأوضاع.

الجميع في حالة ترقب، والأوساط المؤسسية والسياسية والنخب عموما مُغيَّبة عمليا عن إمكانية التعبير عن الطموحات، وصياغة الإجابات الملائمة لها، والجميع يترقب كيف ستنفجر الأوضاع إذا لم يكن عند الحكام التبصر والحكمة الضروريان لاستباق هذا الانفجار الذي ربما يكون حتميا، وإذا لم تتم معالجة عميقة وجدية ومستدامة للأزمات الخطيرة التي نمر بها.

وماذا عن رؤيتكم لأوضاع حقوق الإنسان وحرية الصحافة في المغرب اليوم؟

لقد تم القضاء بشكل شبه تام على الصحافة المستقلة، وتكاد تكون وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمطبوعة كافة، لها رئيس تحرير فعلي واحد هو الناطق باسم الأمن في المغرب، وقد تم إخلاء الساحة الإعلامية عن طريق الضربات المتتالية للمؤسسات الإعلامية المستقلة، عن طريق الأحكام الظالمة بالغرامات المالية الضخمة، والعرقلة الإدارية لعملها، وحرمانها من الإعلانات الضرورية لتوازنها المالي، مما أدى إلى اضطرار أصحابها لإغلاقها.

ولكن الضربات الرئيسية كانت عبر المحاكمات المتتالية، ومن أهم هذه المحاكمات، الحكم على الصحفي علي المرابط بالسجن ثلاث سنوات، والمنع من مزاولة مهنته لعشرة أعوام؛ لأنه تحدث عن احتمال بيع أحد القصور الملكية، والحكم على حميد المهداوي بالسجن لثلاث سنوات سجنا نافذا؛ بتهمة عدم الإبلاغ عن مكالمة من مجهول من الخارج، أخبره فيها بأنه يستعد لإدخال دبابة وهمية من أوروبا إلى المغرب إبان حراك الريف عام 2018.

هناك الكثير من الصحفيين في السجون وأخص بالذكر توفيق بوعشرين المحكوم بـ 15 سنة، وعمر الراضي المحكوم بـ 6 سنوات، وسليمان الريسوني المحكوم بـ 5 سنوات، وهؤلاء الثلاثة من الأقلام الرائدة في المغرب، وأصحاب أقلام عاقلة ومتزنة، فلم ينجر أحدهم إلى أيّة دعوة للفتنة، ولكن مجرد انتقاداتهم بطريقة مؤدبة لأداء السلطة، كان كافيا لاتهامهم في العديد من القضايا؛ فبجانب قضايا الرأي لفُقت لهم قضايا أخرى بتهم جرائم الحق العام، غالبا جنسية، وليست جرائم سياسية.

ويكفي للشهادة على بهتان هذه المتابعات والأحكام، أن اللجنة الخاصة بالاعتقال التعسفي لدى الأمم المتحدة بجنيف قد أقرت بأن اعتقال توفيق بوعشرين وسليمان الريسوني هو اعتقال تعسفي، وأن عمر الراضي قد تم تتويجه في الأسابيع الأخيرة بجائزة "مراسلون بلا حدود" في الصحافة الجريئة، وبالطبع هؤلاء يتمتعون بدعم كبير من زملائهم المستقلين، ومن الحركة الحقوقية المغربية والدولية، وعلى رأسها منظمتا «هيومن رايتس ووتش» و«العفو الدولية» وغيرهما من المؤسسات.

هناك تقارير أشارت سابقا إلى تعرضك لانتهاكات وتضييقات من قِبل "بعض المقربين من ملك المغرب".. ‏فما مدى صحة تلك التقارير؟ وإلى أين انتهت تلك التضييقات؟

سبق لي أن تعرضت للاعتقال، وللاختطاف، والبقاء مجهول المصير مرة لمدة 6 أشهر، ومرة أخرى لمدة سنتين كاملتين، تعرضت خلالهما للعزلة التامة، وللتعذيب الجسدي والنفسي خلال سنوات شبابي في السبعينيات والثمانينيات.

في 2019 تلقيت إشعارا مصدره مسؤولو تطبيق "واتسآب" بأن هاتفي وهواتف بعض النشطاء قد تعرضت للقرصنة عبر التطبيق الخبيث "بيغاسوس"، الذي تنتجه وتسَوِّقه الشركة الإسرائيلية NSO. وقد راسلت مع بعض الأصدقاء الذين تلقوا نفس الإشعار السلطات العمومية المغربية قبل ثلاث سنوات فاستنكفت عن الرد، ثم أصدرنا بيانا نخبر فيه الرأي العام بما تعرضنا له، وباعتبار أن الدولة المغربية مسؤولة عما يجري من هجوم على حرياتنا وحياتنا الشخصية.

ثم بدأ التهديد والوعيد عبر الصحافة القريبة من المخابرات المغربية، ثم تلاه تعميم لفيديوهات على العشرات من أرقام الهواتف لأقرباء أو لأناس من الوسط الذي أنتمي إليه، تحتوي على تسجيلات لمشاهد من حياتي الخاصة مع زوجتي، ولم تتوقف التهديدات، وحملة التشهير منذ ذاك الحين، ولا زالت مستمرة بكل أسف.

وقد قررنا نحن ومجموعة من ضحايا هذه الهجمات الانخراط في المحاكمة التي دشنتها شركة واتسآب ضد الشركة الإسرائيلية التي تبيع هذه البرمجيات، والتحقيقات مستمرة حاليا في كاليفورنيا، كما ننوي الدخول كطرف مدني ضد البرلمانيين الأوروبيين وشركائهم المتهمين بتلقي رشاوى من أنظمة مختلفة بقصد التأثير على علاقات أوروبا بهذه الأنظمة، وخصوصا بقصد التستر على أوضاع التسلط والقمع الجارية في هذه البلدان.

ما مدى استقرار وقوة النظام في المغرب؟

لا زالت أوضاع النظام مستقرة، ولا شيء يؤشر بشكل واضح على إمكانية اختلال هذا الاستقرار بشكل خطير في الأمد المنظور. ولكن لا يجب أن ننسى مقولة الفيلسوفة الشهيرة حنة أرندت: "في ظل الديكتاتوريات كل شيء يسير دائما على ما يرام، إلى حين ربع الساعة الأخيرة"؛ فلا يجب أن يغتر الحكام بصورة الاستقرار والأمان التي نرى عليها المغرب اليوم؛ لأن إمكانية "بلوغ السيل الزبى" عند الفقراء والعاطلين والمهمشين، وفي ظل التناقضات الداخلية (داخل المربع الحاكم)، وفرصة نهوض حركة مجتمعية واسعة تطالب النظام فقط بالوفاء بوعوده كافة -وخاصة وعوده بالتنمية، والشفافية، والمحاسبة (محاسبة كل ذي سلطة على ما اقترفته يداه)- ربما نشهد التغيير المأمول؛ فهذه أمور لا يمكن أن يستقيم الوضع بدونها، ولا يمكن أن يستقر الوضع بمنعها.
التعليقات (0)