مقالات مختارة

بوتين كلّ ذلك التاريخ العظيم

مهند مبيضين
1300x600
1300x600

من ليننغراد التي ولد فيها فلاديمير بوتين في السابع من أكتوبر 1952، واشتهرت بحصارها العظيم من قبل دول المحور(ألمانيا وإيطاليا واليابان) في الحرب العالمية الثانية وخرجت مدمرة بعد حصار استمر من 9/9/1941- 18/1/1943 والتي اعتبرها الروس مهد الشيوعية، يقدم بوتين اليوم صورة لقائد مناور ومغامر مدرك لظرفية الراهن الدولي وتعقيداته، وهو مدرك لعجز الغرب الرأسمالي عن دحر طموحه.


يبدو بوتين الذي عمل ضابط مخابرات سابقا، واحداً من القياصرة العظام، الذين بنوا تاريخ روسيا الحديث الذي بدأ مع القيصر إيفان الرهيب كما تسميه كتب التاريخ، والذي استحق لقب أمير موسكو العظيم، وقيصر عموم روسيا الأول، هكذا مع بوتين -الذي يعرف التاريخ جيداً ويدرك حماقات الغرب- ولدت روسيا الاتحادية حين عينه الرئيس يلتسن رئيسا للحكومة في آب 1999 ليرث هذا الزعيم كل انتصارات الماضي وإخفاقاته ولكي يعرف كيف يتخلص منه لبناء اقتصاد جديد ويصوغ مكانة مميزة لروسيا في العالم والمنطقة، عنوانها التدخل في الأزمات الراهنة واختبار ردود الفعل الدولية على مغامراته.


في مقابل بوتين ابن السبعين عاما، هناك جو بايدن الرئيس الأمريكي ذو الثمانين عاماً والذي يبدو كهلاً لا طموح له بولاية ثانية، فيما بوتين يمسك اليوم بزمام الحاضر الروسي والظرف الدولي ويطمح للبقاء أكثر في السلطة، فيظهر كزعيم عالمي، منذ أن تدخل في سوريا العام 2014 وأوقف انهيار النظام فيها من اجل مصالحه التي كان عنوانها حضور روسي فاعل وخدمة لمصالحه، ومعنى ذلك كان باديا في توسيع قاعدة حميم العسكرية، ثم التدخل في ليبيا والسودان، هذا عدا عن الامتداد في منطق أخرى تحت عين الأمريكان، ولا ينسى العالم التوتر مع تركيا وكيف اجبر الرئيس التركي طيب رجب أردوغان على الاستدارة نحو موسكو بعد تهديد الأخير بالحرب.


بعد ضمه لشبه جزيرة القرم 2014 والثورة الأوكرانية ذات العام، نجح بوتين في إسقاط خصومه في رعب سياساته التوسعية والمغامرة بالصورة السلبية له، ولم تنجح العقوبات الأمريكية على روسيا في الحد من طموح القيصر الجديد.


في ولايته الأولى التي بدأت عام 1999 بعد استقالة بوريس يلتسين انعشت سياسات بوتين الاقتصاد الروسي وزاد الناتج القومي الإجمالي، لكن في ولايته الثانية زادت شبكة الفساد المالي، وفرض إجراءات قمعية على معارضيه. وكل ذلك دون أن يأبه القيصر الجديد بأي عقوبات وتصنيفات حقوقية أممية في مجال حقوق الإنسان لبلده، وزاد تدخله وعلاقاته مع الدول العربية، كما عمق تأثيره في المشهد الدولي بعد شبهة التدخل في الانتخابات الأمريكية لصالح الرئيس الأمريكي ترامب ضد المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون.


كل تلك الملفات من تاريخ بوتين، لا يتذكرها العالم اليوم وهو يراوغ الأمريكان وحلفاءهم، فيدفع بالرئيس الأمريكي جو بايدن لأن يوكد في خطابه أمس بأن حلفاء أمريكا موحدون ضد الروس، وليأتي بايدن بحقيقة متأخرة في خطابه بأن قرار الحرب الروسي اتخذه الرئيس فلاديمير بوتين الذي يحضر في المشهد الدولي كرئيس عظيم ضد الغرب الرأسمالي الإمبريالي.


(الدستور الأردنية)

0
التعليقات (0)