هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
في زيارة هي الأولى التي يقوم بها وزير مصري منذ عام 2016، زار وزير البترول المصري طارق الملا، الأحد، "إسرائيل" والتقى رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو في مدينة القدس المحتلة بدلا من العاصمة تل أبيب، ما أثار التكهنات حول مدى قبول النظام العسكري الحاكم بالقاهرة بالمدينة المحتلة كعاصمة لـ"إسرائيل".
زيارة الملا، تأتي بعد انقطاع الوزراء المصريين عن زيارة الكيان المحتل 5 سنوات؛ وقبل أيام من الانتخابات الإسرائيلية التي ينافس فيها نتنياهو وزير الحرب، بيني غانتس، ما دفع مراقبين لاعتبار اللقاء في القدس بدلا من تل أبيب محاولة من السيسي لدعم نتنياهو في معركة الانتخابات.
الوزير المصري التقى نتنياهو، ووزير الخارجية الإسرائيلي، غابي أشكينازي، ووزير الطاقة الإسرائيلي يوڨال شتاينيتس، وزار حقل غاز "ليفاثيان" بالبحر المتوسط والمواجه للأراضي المحتلة، وسط احتفاء إسرائيلي كبير.
وعقد الوزير اتفاقية لنقل الغاز من حقل "ليفاثيان" عبر خط الأنابيب البحري بوحدات مصنع إسالة الغاز بمدينة دمياط المصرية، الذي يعود للعمل الشهر الجاري بعد توقف 8 سنوات، لتسييل نحو 4.5 ملايين طن من الغاز سنويا لترتفع قدرة البلاد إلى 12.5 مليون طن، وفق وكالة "بلومبيرغ".
كما تأتي زيارة الوزير المصري إلى القدس بعد أسبوع من إعلان إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن في 12 شباط/ فبراير الجاري، أن "وضع القدس هو ضمن الحل النهائي الذي يجب أن يتوصل إليه طرفا الصراع بالمفاوضات المباشرة"، ما يمثل بارقة أمل جديدة للفلسطينيين حول ملف المدينة المحتلة.
وكان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، قد اعترف في 6 كانون الأول/ ديسمبر 2017، بالقدس المحتلة عاصمة لـ"إسرائيل"، ونقل سفارة بلاده فعليا للقدس 14 أيار/ مايو 2018، ما مثل ضربة قاسية لملف القدس بالقضية الفلسطينية.
"ليس مستغربا"
وفي رؤية سياسية، حول دلالات لقاء الملا مع نتنياهو في القدس بدلا من تل أبيب، قال رئيس المكتب السياسي للمجلس الثوري المصري الدكتور عمرو عادل: "في تشرين الثاني/ نوفمبر 2013، وبعد الانقلاب بفترة قصيرة خرج تصريح من عدلي منصور –أول رئيس بعد الانقلاب- حول شرقي القدس
فقط كعاصمة لفلسطين".
عادل، وفي حديثه لـ"عربي21"، أوضح أن حديث منصور مثل حينها "سابقة تشير إلى طبيعة النظام المصري الجديدة؛ نظام يعتبر الكيان الصهيوني حليفا استراتيجيا، ويغازله دائما ليتقرب منه لكي يحافظ على سيطرته على مصر".
السياسي المصري، تابع حديثه بالقول، إنه "لم يكن التنازل عن جزيرتي (تيران وصنافير)، للسعودية نيسان/ أبريل 2016، والذي حرر الملاحة في خليج العقبة إلا في مصلحة الصهاينة"، مؤكدا أنه "ولذلك ليس مستغربا لقاء وزير البترول المصري بنتنياهو بالقدس".
ويعتقد أن "ملف الطاقة والغاز من الملفات المهمة التي كانت سببا في تسريع الانقلاب العسكري، لأن تغيير توازنات القوة بوجود نظام ديمقراطي بمصر كان سيغير خريطة شرق المتوسط تماما في غير صالح الكيان".
اقرأ أيضا: نتنياهو يستقبل وزيرا مصريا ويرسل "تحياته" لـ"صديقه" السيسي
وحول توقيت هذه الزيارة بعد 5 سنوات انقطاع للوزراء المصريين عن إسرائيل واعتبار ذلك دعما من السيسي لنتنياهو، قال عادل: "ربما تلك الرؤية ليست صحيحة بالكلية".
وأضاف: "صحيح أن أي نظام استبدادي يخشى من أي تغيير ولو طفيف؛ ولكن لا أظن أن أي تغيير قد يحدث في الكيان سيغير موقفه من السيسي ومن النظام المصري الذي يعمل بشكل واضح أكثر مما ينبغي لصالح الكيان ولا يوجد دليل أكثر وضوحا من (تيران وصنافير)".
وأوضح أن "التغييرات السياسية عموما لا تغير كثيرا من استراتيجية أو تكتيكات الدول في التعاون مع التابعين؛ قد يتغير مع الحلفاء والأعداء، أما مع التابعين فلن يحدث".
رئيس المكتب السياسي للمجلس الثوري المصري ضرب المثل بالتغيير الحادث في أمريكا الآن وأنه "غير شكل التعامل مع إيران وتركيا؛ ولكن لم يحدث تغيير يذكر مع مصر التي فقدت الكثير من التأثير وقدرتها على إحداث توازن وربما خسرتها كلها".
"على طبق ذهبي"
وفي رؤية اقتصادية، جزم الأكاديمي والخبير الاقتصادي المصري الدكتور محمود وهبه، بأن زيارة الملا لإسرائيل ولقاء نتنياهو ووزيري الخارجية والطاقة الإسرائيليين بالقدس تبدو اقتصادية لعقد اتفاقية حول الغاز إلا أنها خطوة من السيسي لدعم نتنياهو للفوز بالانتخابات الإسرائيلية.
وحول القيمة الاقتصادية للاتفاق الذي عقده الملا مع نتنياهو، أعرب رجل الأعمال المصري الأمريكي في حديثه لـ"عربي21"، عن أسفه من أن "وزارة البترول المصرية أصبحت أفضل شريك مع وزارة البترول الإسرائيلية".
وقال إنها "الأقرب إلى إسرائيل، وهي التي قدمت مصر على طبق ذهبي لتل أبيب مرتين، الأولى بتصدير الغاز في عهد حسني مبارك، وبأقل من سعره العالمي عدة مرات عام 2005، والثانية باستيراده في عهد السيسي، وبأضعاف سعره العالمي عام 2018".
وهبه، قلل من قيمة الاتفاق على بناء خط غاز من حقل "ليفاثيان" لمعمل الغاز بدمياط الذي يقول النظام في مصر إنه إنجاز يحيي مصنع تسييل الغاز المصري ويعيد فتحه بعد غلق 8 سنوات، مؤكدا أن "مصر لا تمتلك المعمل، ولن تكسب إلا الرسوم المفروضة عليه وتشغيل بعض العمالة وفقط".
"طوق نجاة"
وتحت عنوان: "طوق نجاة لنتنياهو"، أعرب الأكاديمي المصري الدكتور عادل دوبان، عبر "فيسبوك" عن أسفه لإرسال السيسي، وزير البترول للقاء نتنياهو، في مدينة القدس المحتلة وليس في تل أبيب مقر الحكومة الإسرائيلية.
دوبان، اعتبر اللقاء بهذا التوقيت طوق نجاة لنتنياهو قبل الانتخابات البرلمانية الرابعة، مشيرا إلى أن "التعامل مع رئيس الوزراء الإسرائيلي الآن لن يفيد إلا نتنياهو، وسيكون كمن يختلط بالأجرب أو المريض بمرض معد، لن يشفيه اللقاء ولكن سيجلب العدوى لمخالطيه".