هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يطرح التوافق بين الأطراف الليبية، تساؤلات عن
مدى وقفه للتدخلات المصرية والإماراتية، عبر الدعم العسكري لمعسكر اللواء المتقاعد
خليفة حفتر.
وأسفرت نتائج انتخابات ملتقى الحوار السياسي
الليبي في جنيف، الجمعة، عن فوز قائمة محمد المنفي، وعبد الحميد دبيبة، على
القوائم المنافسة لتشكيل مجلس رئاسي جديد وحكومة جديدة.
وسيتولى المجلس الرئاسي والحكومة الجديدة إدارة
شؤون البلاد مؤقتا، حتى إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في 24 كانون الأول/
ديسمبر 2021.
وفازت قائمة دبيبة والمنفي والكوني واللافي على
قائمة أخرى كانت تتنافس معها، تضم عقيلة صالح، الذي كان مرشحا لرئاسة المجلس الرئاسي،
وأسامة الجويلي، وعبد المجيد سيف النصر، وفتحي باشاغا لرئاسة الحكومة.
وقال سياسيون مصريون وليبيون
لـ"عربي21" إن الخيار السياسي بات هو الخيار الشعبي في ليبيا بعد أن
فشلت كل الحلول العسكرية في حسم المعركة لصالح طرف دون آخر.
مشيرين إلى أن من شأن اللجوء لصناديق الاقتراع
أن يضع حدا للتدخلات الخارجية، ومحاولة فرض أطراف بعينها، وموالية لها؛ بدعوى
حماية الأمن القومي لبلادها.
وفي 20 حزيران/ يونيو 2020، قال رئيس سلطة
الانقلاب، عبدالفتاح السيسي، إن بلاده لن تسمح بتجاوز مدينة سرت (منتصف الساحل
الليبي) وقاعدة الجفرة الجوية، إبان المواجهات بين قوات حكومة الوفاق واللواء
المتقاعد خليفة حفتر.
وادعى السيسي أن "أي تدخل مباشر من الدولة
المصرية باتت تتوفر له الشرعية الدولية"، مشدّدا على أن "مدينتي سرت
والجفرة في ليبيا خط أحمر بالنسبة لمصر"، على حد قوله.
وغابت فكرة السيسي المتعلقة بتدريب وتسليح
القبائل، عندما أعلن أن "مصر مستعدة لتدريب شباب القبائل في ليبيا وتجهيزهم
وتسليحهم"، مؤكدا أن "معادلة الأمن القومي العربي والأمن القومي المصري
والليبي تهتز حاليا"..
بل إنه مهد لدخول القوات المصرية إلى ليبيا، قائلا:
"إذا قلنا القوات تتقدم فستتقدم القوات، وشيوخ القبائل الليبية على رأسها،
وعندما تنتهي المسألة ستخرج القوات بسلام، لأننا لا نرغب في شيء إلا أمن واستقرار
وسلام ليبيا".
وعلى المستوى الرسمي، رحبت مصر بنتائج
الانتخابات في جنيف، وقالت خارجيتها، في بيان، إنها تُرحب بنتائج التصويت على
اختيار السلطة التنفيذية من قِبل ملتقى الحوار السياسي الليبي.
لكن الأمر كان مختلفا للأذرع الإعلامية لنظام
السيسي؛ حيث أعربت في البرامج والمقالات عن استهجانها لفوز قائمة محمد المنفي وعبد الحميد دبيبة، واتهمتها بالولاء لجماعات ودول أخرى.
وصف مدير إدارة الإعلام الخارجي السابق
بالحكومة الليبية، جمال الزوبية، فوز قائمة المنفي ودبيبة بأنه "ضربة موجعة
لفرنسا وحلفائها مصر والإمارات، ويعتبر نصرا للثورة الليبية ومكسبا للشعب الليبي
الذي يسعى لإنهاء الانقسام السياسي الداخلي، حيث إن القائمة الفائزة هي من الشخصيات
الليبية الوطنية المخلصة لبلدها وشعوبها".
ولكنه رهن في تصريحات لـ"عربي21" بسط
سيطرة المجلس الرئاسي والحكومة الجديدة على كامل التراب الليبي "بإرادة الأمم
المتحدة، والمجتمع الدولي، وتنفيذ الاستحقاقات التالية للانتخابات وعدم الانقلاب عليها،
وقبول الأطراف المتنافسة بنتائجها".
واعتبر الزوبية أن "التحول نحو الحل
السياسي قطع الطريق على محاولات مصر والإمارات التدخل عسكريا في ليبيا تحت مزاعم
متعددة، وكان إعلامهما يتحدث عن توجه القوات الموالية لهما (حفتر) إلى العاصمة
طرابلس لتخليصها من الإرهابيين، وهي دعاوى واهية تهدف إلى السيطرة على الحكم".
الرهان على الخيار الخاسر
من جانبه اعتبر رئيس المكتب السياسي للمجلس
الثوري المصري، الدكتور عمرو عادل، أن "الملف الليبي كان واحدا من الإخفاقات
الكبرى للنظام السياسي في مصر، فقد راهن دائما على الخيار الخاسر منذ البداية وحتى
آخر لحظة، ويبدو أنه مستمر في الإخفاقات".
وأشار في حديثه لـ"عربي21" إلى أن
"مصر خسرت كثيرا بالتدخلات الخاطئة في ليبيا وأعتقد أن الحل العسكري وإثارة
الفوضى القبلية في ليبيا أحد أهداف النظام المصري ولكنه ينتظر الظروف الإقليمية
والدولية الملائمة وما يبدو أن هذا غير محتمل في الفترة القريبة القادمة".
ولفت إلى أن طبيعة النظام العسكري المصري، هي البحث عن الوسيلة التي تحقق له الانتصار لا التي تجلب الاستقرار لليبيا.. ففي
البداية راهن على الخيار الانقلابي في وجود حفتر، وبعد هزيمته تحول إلى الدعوة للحل
السياسي، وعند فشله في السيطرة وفشل الموالين له في الانتخابات قرر مهاجمة
النتائج".
ولم يستبعد الضابط السابق في الجيش المصري أن
"بعض المؤسسات داخل النظام المصري بدأت في التفكير في خطورة الوضع الإقليمي
على مصر وقررت التقارب النسبي مع الأتراك في الملف الليبي وربما ملف غاز المتوسط،
ولا يمكن فصل كل ذلك عن الملف الليبي واتفاقية ترسيم الحدود بين تركيا
وليبيا".