هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت مجلة "إيكونوميست" مقالا ترجمته "عربي" حول التقييم الاقتصادي لفترة رئاسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وأسباب دعوى الرئيس للأمريكيين لإعادة انتخابه بناء على "سجله الاقتصادي".
وتمتعت أمريكا قبل وباء كورونا المستجد بأدنى مستوى من البطالة على مدى 50
عاما، ونمو سنوي سريع في الأجور يصل إلى 5 بالمئة بين أقل العمال أجورا وسوق أسهم
مزدهر.
ويعزو ترامب كل هذا لاستراتيجيته ذات الثلاث أبعاد: تخفيض الضرائب
وإزالة القيود وسياسة المواجهة التجارية. ويقول إن المزيد من هذه الاستراتيجية سوف يحيي الاقتصاد بعد الجائحة. ويتفق معه
الكثير من الناخبين.
وبحسب الصحيفة، فإن الاقتصاد ليس بقضية يواجه فيها ترامب عجزا كبيرا في الاستطلاعات.
ولكن سجل إدارته الاقتصادي من قبل الجائحة مختلط. وأصاب ترامب في شيء واحد:
"عندما تسلم الرئاسة كان الاقتصاد بحاجة لتحفيز والذي ساعد عليه المزيد من
تخفيض الضرائب وزيادة الإنفاق. ولكن ذلك النجاح ساعد أيضا على تغطية الضرر الذي
تسببت به سياسة الحماية الاقتصادية".
ولم يحقق اقتصاد ترامب ما تنبأ به مؤيدوه. فخلال حملته الانتخابية عام 2016
توقع ترامب نموا اقتصاديا بنسبة 4 بالمئة أو أكثر، وخلال وجوده في الرئاسة توقع
نموا بنسبة 3 بالمئة.
اقرأ أيضا: مستشار سابق لترامب يتنبأ بتصرفه لو خسر الانتخابات
وبين بداية عام 2017 إلى نهاية 2019 وصل نمو الاقتصاد الأمريكي السنوي إلى
2.5 بالمئة، أكثر بقليل من 2.4 بالمئة للسنوات الثلاث التي سبقتها.
واحتجت إدارة ترامب بأن تخفيض الضرائب سيعوض ذاتيا وأن تخفيف الإجراءات
الرسمية للشركات سيؤدي إلى الاستثمار. وفي الواقع فقد ارتفع العجز في الميزانية من 4.4
بالمئة إلى 6.3 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، بحسب مقياس صندوق النقد الدولي،
ومع أن إزالة القيود زادت الثقة في قطاع الأعمال فإنه لم يكن هناك
ارتفاع مستمر في نمو الاستثمار.
وتسببت الإصلاحات التنظيمية والضريبية بكبح بعض السياسات السيئة، مثل تقليص
الخصومات الضريبية للفوائد على القروض العقارية وضرائب الولايات والضرائب المحلية.
ولكن تحسينات كهذه، بالنسبة لحجم الاقتصاد، تبقى صغيرة.
وبعد ثلاث سنوات حتى عام 2019 تقول
الإدارة الأمريكية إنها وفرت مبلغ 51 مليار دولار تكاليف تنظيمية، والتي تشكل
حوالي 0.2 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، وتهمل أي فوائد يجنيها المجتمع من
التنظيم.
وتشير معظم التقديرات إلى أن دعم النمو
على المدى الطويل من الإصلاحات الضريبية سيكون حوالي 0.1 بالمئة في العام أو أقل.
وما كان استثنائيا حول اقتصاد أمريكا قبل الجائحة لم يكن جانب الإمداد ولا
ازدهار فرص العمل والذي تكرر في أنحاء العالم الثري. لكن عندما تباطأ النمو بشكل
حاد عامي 2018 و2019 تراجع النمو الاقتصادي الأمريكي بشكل بسيط فقط نسبيا. وذلك لأنه
دعم مؤقتا عن طريق عجز ميزانية أكبر. ويمكن لترامب أن يكون راضيا عن تحفيزه
للاقتصاد.
وفي عام 2017 احتج العديد من الاقتصاديين بأن الوقت كان غير مناسب للمحفزات
الاقتصادية لأن الاقتصاد وسوق العمل وصلا إلى حدهما. وفي عام 2018 عندما توصل
الاحتياطي الفيدرالي إلى نفس الاستنتاج فقد قام برفع نسبة الفائدة أربع مرات. وتبين أن
هناك ركودا أطول. وتسببت النفقة المالية السخية بنمو أسرع مما شوهد في الدول الغنية
الأخرى دون التسبب بالكثير من التضخم. ثم تراجعت الفوائد مرة أخرى لتجعل الدين
العام ميسر السداد.
والمفارقة هي أنه ربما لم يكن هناك ضرورة للمحفزات لولا حروب الاقتصاد والتعرفة الجمركية التي شنها ترامب والتي أضرت
بالثقة وأثقلت النمو العالمي.
وقدر صندوق النقد الدولي قبل الجائحة أن الحرب الاقتصادية بين أمريكا
والصين قد تقضي على 1 بالمئة من الناتج العالمي. واستطاعت أمريكا أن تعوض هذا
الركود ولكن لم تنج منه تماما.
اقرأ أيضا: التصويت المبكر يشعل المنافسة الانتخابية بين ترامب وبايدن
وتظهر الدراسات الحديثة أن التعرفة الجمركية التي فرضها ترامب دمرت وظائف
في التصنيع أكثر مما أوجدت، لأنها جعلت القطع المستوردة أثمن وتسببت بأن تنتقم
باستهداف البضائع الأمريكية. أما التوظيف في التصنيع فإنه بالكاد نما عام 2019. وفي نفس
الوقت تدفع التعرفة بالأسعار للمستهلك بنسبة 0.5 بالمئة، وهو ما يكفي لخفض معدل
دخل العائلات بحوالي 1300 دولار.
ونستخلص من تجربة ترامب الاقتصادية ثلاثة دروس، الأول: هناك فوائد بأن تزداد
حرارة الاقتصاد عندما تصبح المقدرة الإنتاجية غير قادرة على مواكبة الطلب وزيادة
فرص العمل وخاصة بالنسبة للعمال الفقراء.
والثاني: هو أن الإصلاحات في جانب الإمداد في الاقتصادات المحررة أصلا قد
لا تظهر دائما نموا كبيرا في الناتج المحلي الاجمالي.
والثالث: هو أن التعرفة في العادة أسلوب سلبي
لتشجيع التصنيع وتضر بالنمو والمستهلك.