هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قال كاتب إسرائيلي؛ إن
"التحريض المتزايد لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، والأزمة الاقتصادية
المتفاقمة، والمعركة على المظاهرات، وتزايد حالات الإصابة بفيروس كورونا، كلها
تقرب إسرائيل عدة خطوات من حرب أهلية.
وأضاف بن كاسبيت في
مقال بموقع المونيتور، ترجمته "عربي21"؛ أن "إسرائيل في العصر
الحديث اجتهدت أن تكون حذرة من هذه الحرب الأهلية، عبر تبنيها نهجا معاكسا يمجد
الوحدة الداخلية، ويؤكد المصير المشترك بين اليهود، ويدعم التماسك الداخلي،
لمواجهة التهديدات الخارجية، ومنذ تأسيسها عام 1948، كان الشعور السائد بأن العالم
ضدنا، مصدر فخر وقوة حتى في أوقات الخلافات الداخلية".
وأشار الكاتب وثيق
الصلة بدوائر صنع القرار الأمني والسياسي الإسرائيلي، إلى أن "هذا التماسك بين
اليهود تآكل في السنوات الأخيرة، وحل محله هوة داخلية دموية تغذيها الكراهية
الشريرة الخارجة عن نطاق السيطرة، ونادرا ما كانت إسرائيل قريبة جدا من صدام
داخلي عنيف، وربما حتى من حرب أهلية، مثل هذه الظروف الحالية، رغم أنها واجهت
اشتباكات داخلية شديدة الندبات في تاريخها القصير".
اقرأ أيضا: خبراء يحذرون: "إسرائيل" على شفا كارثة بسبب كورونا
ويستعرض ما حدث في حزيران/يونيو
1948، بعد أسابيع من تأسيس دولة الاحتلال، عندما أمر رئيس الوزراء الجديد ديفيد بن
غوريون بإغراق السفينة "ألتالينا"، التي تحمل أسلحة لعصابة
"إيتسل" السرية، وفي 1952 قاد مناحيم بيغن زعيم حركة حيروت، الحزب الأم
لليكود، احتجاجات حاشدة ضد اتفاقية تعويضات المحرقة التي أبرمتها إسرائيل مع ألمانيا.
وأشار إلى أنه
"في كلتا الحالتين، توقفت الأطراف الإسرائيلية على شفا مواجهات دامية، لكن
بيغن وهو رئيس الوزراء في 1977، بذل كل ما بوسعه لمنع الحرب الأهلية، لكن اليوم
وأكثر من أي شيء آخر، تفتقر إسرائيل لشخصية مثله، الذي ضغط على المكابح قبل فوات
الأوان، واختار مستقبل الدولة على المصالح الشخصية أو السياسية لحركته، أما رئيس
الوزراء ورئيس حزب الليكود بنيامين نتنياهو فلا ينوي أن يحذو حذوه".
وأكد أن "نتنياهو
منخرط يوميا بتكثيف التحريض ضد مؤسسات الدولة، وأعدائه السياسيين، يواجهه مئات
الآلاف من المعارضين الذين يرغبون منه أن يتنحى، أما الغالبية الصامتة من
الإسرائيليين فهي ممزقة بين هذين المعسكرين المتحاربين، وتواجه الشرطة صعوبة في
السيطرة على الاحتجاجات ، أما الثقة في مؤسسات الدولة ففي أدنى مستوياتها، وكراهية
الإسرائيليين بعضهم لبعض، تلوّن الساحة العامة بشكل لم يسبق له مثيل".
وأوضح أن "الخلاف
بين الإسرائيليين لم يعد يدور حول تنافس أيديولوجيات اليسار واليمين، ولا
الاتفاقات، والتنازلات للدول المعادية، وقضايا الحرب والسلام، الصراع اليوم بين
نصفي الشعب الإسرائيلي شخصي بحت، ويضع مؤيدي نتنياهو ومعارضيه بمواجهة بعضهم بعضا، فمن ناحية هناك شريحة كبيرة من الإسرائيليين تعتبره المسيح الذي يحول دون
انقراض إسرائيل، وآخرون يعتبرونه خطرا قائما على مستقبلها".
وأشار إلى أنه "بجانب
جائحة كورونا المستعرة، وتداعياتها الاقتصادية، وتجاهل اليهود المتشددين لقيود
الإغلاق، وتحول الاحتجاجات المستمرة لعنف متزايد، فإن التوترات الداخلية تواجه
إسرائيل بأكبر منحدر عرفته منذ تأسيسها، والهجوم المستمر من نتنياهو ومبعوثيه على
جميع رموز الدولة يجعل التوترات الحالية متفجرة بشكل خاص، لأن الكثيرين في إسرائيل
لم يعودوا يثقون بأي مؤسسة حكومية".
وأكد أن "خصوم
نتنياهو أنفسهم يشاركون أتباعه الشعور نفسه بأن مؤسسات الدولة مفلسة، والنتيجة أن
تفشي كورونا، ودماره الاقتصادي، أدى لتدمير الحواجز، ودفع عشرات آلاف الإسرائيليين للشوارع، وشكلوا تهديدا متزايدا لسيطرة نتنياهو على السلطة، والمطالبة باستقالته،
وألحقوا كلمة "ارحل" بصور ملفاتهم الشخصية على الفيسبوك، فيما يفعل
نتنياهو كل ما بوسعه لصد الاحتجاجات، وبات يعتبرها أكثر خطرا من انتشار
كورونا".
وأشار إلى أن
"اليأس لدى الأطراف الإسرائيلية المتحاربة بلغ ذروته، وتستخدم الشرطة تكتيكات
عنيفة بشكل متزايد للسيطرة على الاحتجاجات، ولن يستغرق الأمر سوى شرارة واحدة
لتفجير برميل الديناميت الذي يهدد الشوارع الإسرائيلية، ولم تساعد دعوات الصحفيين
والنقاد لمنح نتنياهو العفو، ودفن لائحة الاتهام ضده، مقابل استقالته على استعادة
الهدوء، فلا يبدو أنه يخطط للانسحاب".
وختم بالقول بأن
"نبوءة الرئيس رؤوفين ريفلين قبل عدة سنوات، بأن نتنياهو سيأخذ الدولة معه
إذا سقط، أصبحت حقيقة أمام أعيننا، صحيح أن إسرائيل قد تكون بعيدة عن حرب أهلية
حقيقية، لكن المسافة تتضاءل مع مرور كل يوم".