هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
على وقع أزمة كورونا،
وانعكاساتها على الاقتصاد الأردني، كثفت حكومة عمر الرزاز في الأردن حملتها على
رجال أعمال كبار وشخصيات متنفذة وسياسيين سابقين، لفتح ملفات التهرب الضريبي،
وقامت بالحجز على أموال العديد من الشركات. وهو ما قابلته شكاوى واتهامات للحكومة
بتصفية حسابات.
وكان الرزاز قال في
خطاب عبر التلفزيون الأردني، إن الحملة تهدف إلى حماية المال العام، ومحاربة
الفساد" واصفا إياها بـ"الواجب الوطني".
ونقلت وسائل إعلام
أردنية عن سلطات الضرائب قولها إنها داهمت، 650 شركة حتى الآن، بمرافقة أمنية، في
أكبر حملة تنفذها السلطات منذ عقود.
لكن في المقابل اتهم
رجال أعمال الحكومة، بالرجوع إلى سجلات وزارة التجارة والصناعة، والبحث في كافة
التعديلات الخاصة بانتقال الحصص والأسهم، وصياغة تفسيرات، من أجل الضغط على أصحاب
الأموال للدفع. مقابل رفع الحجز التحفظي على حسابات شركاتهم.
وبدا لافتا تصريحات
الحكومة، بمضيها في "تعقب الملاذات الضريبية في الخارج".
ولم تخل الاتهامات
للحكومة بالتوسع في حملتها، من الجانب السياسي، وخرج المعارض الأردني البارز ليث
شبيلات، في تسجيل مصور عبر حسابه بموقع فيسبوك، ليتهم الحكومة، بالحجز على أموال
شركته، وحرمان موظفيه من رواتبهم، بسبب آرائه السياسية.
وقال شبيلات مخاطبا
موظفيه خلال الفيديو، بأن حرمانهم من الرواتب، يعود لمعارضته، ومواقفه
من الحكومة، وقال وهو يبكي إنه أبلغ شريكه بخروجه من الشركة من أجل رفع الحجز
التحفظي عن أموالها، وعودة الرواتب للموظفين في ظل الظروف الصعبة التي فرضها فيروس
كورونا.
في حين اتهم رئيس مجلس النواب، عاطف الطراونة الحكومة، باستهداف أسرته، والتغول على القانون، بعد توقيف مدعي عام النزاهة ومكافحة الفساد لشقيقه أحمد.
ويعد أحمد الطراونة من كبار المقاولين على مستوى الأردن، ووجه له المدعي العام جناية الغش في أعمال المقاولة وجنحة هدر المال العام.
وقال الطراونة في بيان عقب القرار، إن الأوامر "يتم تحويرها من قبل أجهزة في الدولة، نحو استهداف مبرمج لرئيس مجلس النواب وأسرته".
ضغوطات
ويتقاطع ما أشار إليه
شبيلات مع تقرير لإذاعة محلية أردنية، حيث قال إن الحكومة طالبت أحد رجال الأعمال
البارزين، بدفع مبلغ 8 ملايين دينار أردني، ضريبة دخل عن صفقة بيع مصنع دهانات قبل
سنوات، رغم أن العملية تمت خارج الأراضي الأردنية.
وأشار موقع إذاعة "عمان نت" إلى أن
وزير المالية محمد العسعس، ورجل الأعمال ميشيل الصايغ، اجتمعا، وطلب من الأخير دفع
8 ملايين دينار، بالإضافة إلى غرامات تأخير، كضرائب على صفقة بيع مصنع دهانات
ناشونال، والتي أبرمت في دبي بالإمارات.
ولفتت الإذاعة نقلا عن مصادر مقربة من
الصايغ، إشارته إلى أن الطلب غير قانوني، كون الصفقة تمت على أراض غير أردنية.
وأشارت إلى أن الحكومة، حركت القضية من مدخل
مادة، ضمن قانون دائرة ضريبة الدخل، لكن رجل الأعمال الأردني رفض الأمر، واعتبر أن
إجراء الصفقة خارج الأردن، يحول دون دخول الصفقة ضمن هذه المادة، وهو ما دفعه لطلب
تحويل القضية إلى دائرة تفسير القوانين أو مجموعة من أربعة محامين.
وقالت مصادر لـ"عربي21" إن
الحكومة، لجأت إلى إصدار بند يسمى "الحكم الملزم"، لتطبيقه على دخل غير
المقيم في البلاد، واصفة الأمر "بغير القانوني".
ولفتت إلى أن العادة جرت على أن تقوم دائرة
الضريبة، بإصدار تعليمات لبيان آلية تطبيق بعض المواد القانونية، لكن بعد
"العجز عن إيجاد مثل هكذا تعليمات، لجأت لعمل الحكم الملزم لتفسير وضع غير
قانوني، وهو ما يلقي بظلال سلبية على الاستثمار".
من جانبه قال مدقق مالي، في شركة دولية، لـ"عربي21"،
فضل عدم التصريح عن اسمه، إن الحكومات لجأت إلى الضغط من أجل زيادة التحصيلات
الضريبية، بعد أزمة كورونا، وانخفاض القدرة الشرائية للمواطنين.
إقرأ أيضا: الأردن ينفذ أكبر حملة لمكافحة التهرب الضريبي منذ عقود
وأضاف: "في حالة الأردن، هناك مخاوف بعد
فتح ملفات الشركات، والبحث في أعمالها، للوصول إلى تهربات ضريبية، من محاولة إيجاد
تبريرات، واستدراك ما فات الجهات الحكومية، عبر صياغة قوانين وتعليمات، للمحاسبة
بأثر رجعي، وهو أمر غير معمول به في دول العالم".
وأشار إلى أن الخطورة في ضعف قدرات موظفي
الضرائب، بشأن مسألة الملاذات الضريبية، والكثير منهم لا يمتلك خبرة في هذا الجانب
مما ينتج عنه إشكالات عند التحقيق والتقصي في أعمال الشركات.
وقال إن كثيرا من الشركات، تقوم بعمل خطط
ضريبية، قبل مباشرة أعمالها، من أجل الاستفادة من كل الفسح القانونية، الخاصة بدفع
الضرائب.
وأشار إلى أن الأردن، لم يكن متنبها للملاذات
الضريبية، لكن في الفترة الأخيرة بدا التحرك واضحا لفتح كل تلك الملفات واستدراك
ما فات.
ملفات قديمة
بدوره قال المحلل الاقتصادي حسام عايش، إن فتح
ملفات التهرب الضريبي، ينبغي أن يكون "عملا متواصلا، لكن الحالة الراهنة يظهر
فيها وكأنه جديد على البلاد، ما سمح بمساحة كبيرة من التفسيرات والافتراضات، بشأن
تطبيق القانون لمنع التهرب".
وقال عايش لـ"عربي21": الكثيرون
منذ سنوات يقولون إن الفساد ظاهر في الشوارع، وليس بحاجة إلى إثباتات وحملات،
وكثيرا ما دار الحديث عن الفساد، دون الاقتراب من المفسدين، والمأمول أن يكون
العمل مستمرا دائما بحق الجميع، بعيدا عن الضجيج الذي نراه مرافقا للحملة.
وشدد على أن اللجوء إلى البحث في ملفات
قديمة، وبأثر رجعي، لا يعطي انطباعا باستمرارية تطبيق القانون، ويشير إلى أن الأمر
موسمي من أجل تمرير سياسات وأهداف أخرى، ونحن أمام فساد مالي وإداري، تسبب في تدني
الاستثمارات.
وتابع: "استهداف شخصيات نافذة في مفاصل
الدولة، والعمل العام، أحدث ردة فعل كبيرة، لكن ما بالبلاد من تكامل الحملة، لتواجه
الهدر العام الحكومي في المقابل".
ورأى أن الحملة "قد تحمل رسالة سلبية
للمستثمرين، في حال نفذت بطريقة عشوائية، دون استهدافها للمتهربين الحقيقيين".
وأعرب عن اعتقاده أن الأردن يواجه إشكالية،
وجود الكثير من القوانين التي تستخدم بطريقة انتقائية، لافتا إلى أن "الحكومة
تتجنب كثيرا من المواجهات لأسباب تتعلق بها، وكل حكومة تأتي وكأنها تقطع مع سابقتها وتبدأ من الصفر، وهو عامل مقلل لفعالية محاربتها للتهرب الضريبي والفساد
المالي، ويلحق خسائر كبيرة بالاقتصاد المحلي".