نشر موقع "ميدل إيست أي" البريطاني، الأحد، تقريرا كشف عن أن "اللوبي الإسرائيلي يصطدم مع الديمقراطيين في الولايات المتحدة بشأن خطة رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو لضم" الضفة وأغوار الأردن.
وأوضح التقرير الذي أعده الصحفي علي حرب، وترجمته "عربي21"، أن "لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (إيباك)، التي تعد نفسها مؤيدة من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، تتصدر حملة لمعارضة الجهود التي يبذلها أعضاء الكونغرس من الديمقراطيين لإعاقة خطة الضم".
وتاليا النص الكامل للتقرير كما ترجمته "عربي21":
تتصدر إيباك الجهود التي تبذل لإفشال تشريع من قبل السيناتور كريس فان هولين من شأنه أن يحظر على المساعدات الأمريكية المساهمة في ضم إسرائيل للأراضي الفلسطينية
بينما تتحرك إسرائيل باتجاه ضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة، فقد بات أكثر صعوبة إيجاد أي ديمقراطي في واشنطن لا يعارض خطط رئيس الوزراء الإسرائيلي بنجامين نتنياهو.
وحتى المنظمات المؤيدة لإسرائيل من داخل التيار العام والمشرعون الرئيسيون في الولايات المتحدة الذين لا يترددون في العادة عن التعبير عن دعمهم للحكومة الإسرائيلية نددوا بالتحرك.
إلا أن لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (إيباك)، والتي تعتبر نفسها مؤيدة من قبل الحزبين الجمهوري والديمقراطي، تتصدر حملة لمعارضة الجهود التي يبذلها أعضاء الكونغرس من الديمقراطيين لإعاقة خطة
الضم.
ولقد انهمكت المجموعة هذا الأسبوع في حشد مؤيديها ضد تشريع مقترح من قبل السيناتور الديمقراطي كريس فان هولين من شأنه ضمان ألا تساهم المساعدات الأمريكية لإسرائيل في الضم.
وطالبت إيباك، من خلال نشر العديد من التدوينات عبر مواقع التواصل الاجتماعي كثير منها مرفق بصور لمقاتلين فلسطينيين ملثمين، أتباعها بالاتصال بممثليهم في واشنطن لحثهم على رفض المقترح المقدم من فان هولين.
وكانت مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين قد تقدموا الأسبوع الماضي بتعديل على الميزانية العسكرية للولايات المتحدة للعام 2021 يحظر استخدام الأموال الأمريكية "لنشر المواد والخدمات أو التدريبات العسكرية" في المناطق التي يتم ضمها داخل الضفة الغربية أو التي تسهل عملية ضمها.
يحظى إجراء فان هولين بمساندة التقدميين بما في ذلك السيناتور بيرني ساندرز وإليزابيث وارين، بالإضافة إلى العديد من الشخصيات من التيار العام من وسط الحزب الديمقراطي، بما في ذلك تيم كاين، المرشح السابق لمنصب نائب الرئيس.
تحركت إيباك بسرعة للتنديد بالتعديل المقترح، وفي دعوتها للعمل ضده اتهمت فان هولين وزملاءه بتعريض أمن إسرائيل للخطر.
وقالت إيباك في الرسالة التي وجهتها لأنصارها: "يسيس التعديل المقترح من قبل فان هولين دعم الولايات المتحدة لأمن إسرائيل ويتجاوز القانون الحالي بطرق تضر بالمصالح الأمريكية، ويهدد أمن إسرائيل، ويقلل من احتمال إحلال السلام".
وأضافت: "الرجاء حث الشيوخ الذين يمثلونكم على الوقوف مع إسرائيل ومعارضة هذا التعديل الخطير".
ويذكر أن فان هولين، السيناتور الديمقراطي عن ماريلاند، مناصر قوي لإسرائيل منذ انتخابه للمرة الأولى لعضوية مجلس النواب في عام 2002. والأكثر من ذلك أن التعديل لا يخفض المعونة التي تتلقاها إسرائيل – والتي تصل قيمتها إلى 3.8 مليار دولار سنوياً.
ومع ذلك، فقد بدا أن مجرد الإشارة إلى تقييد المساعدة المالية بشروط، دفع إيباك نحو العمل ضد الفكرة.
المعونة لإسرائيل
في وقت متأخر من الشهر الماضي، وجهت عضو الكونغرس أليكسندريا أوكازيو كورتيز واثنا عشر مشرعاً آخر خطاباً إلى وزير الخارجية مايك بومبيو يتعهدون فيه بفرض شروط على إسرائيل بشأن حقوق الإنسان فيما لو تم تنفيذ خطة الضم.
وحينما كان ينافس على ترشيح الحزب الديمقراطي لمنصب الرئاسة هذا العام، تصدر السيناتور ساندرز لفكرة تقييد المعونة التي تتلقاها إسرائيل للضغط عليها حتى تغير من سياساتها تجاه الفلسطينيين، الأمر الذي أثبت إمكانية تبني مثل هذا الموقف من قبل اليسار في الولايات المتحدة.
لا يبلغ مقترح فان هولين مستوى ما ورد في خطاب أوكازيو كورتيز أو ما يدعو إليه بعض المدافعين عن الحقوق الفلسطينية. بل قال مكتب السيناتور إن التعديل سوف يحافظ على "التزامات واشنطن الحالية تجاه إسرائيل" كما هو منصوص عليها في مذكرة التفاهم الموقعة من قبل الرئيس باراك أوباما في عام 2016.
إلا أن مكتب فان هولين رد بقوة على إيباك متهماً الرئيس دونالد ترامب بأنه يخرق بدعمه لخطة إسرائيل للضم "السياسة الأمريكية التي طالما أجمع عليها الحزبان تمسكاً بسيادة القانون وتأييداً لحل الدولتين عبر المفاوضات".
وقال مكتب فان هولين في تصريح أدلى به مطلع هذا الأسبوع لموقع
ميدل إيست آي: "تدعي إيباك إنها تدعم حل الدولتين، ولكنها ترفض اتخاذ إجراء يضمن بقاء ذلك الحل ممكناً على أرض الواقع".
وأضاف: "بالمقابل، يوفق هذا التعديل بين دعمنا القوي لبقاء إسرائيل سليمة وآمنة والتزامنا بتسوية يتم التوصل إليها عبر المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين لإقامة دولتين لشعبين يعيشان بسلام جنباً إلى جنب".
الجمهوريون يدعمون الضم
لم تقر إدارة ترامب بشكل صريح خطة الضم، وحصل في مناسبتين أن تهرب بومبيو من الإجابة على أسئلة حول الموضوع خلال الشهور القليلة الماضية من خلال القول إن الأمر يعود إلى "قرار إسرائيلي".
إلا أن منتقدي خطة نتنياهو يقولون إن الضم أبعد من أن يكون مجرد شأن إسرائيلي لأنه ينتهك القواعد الأساسية للقانون الدولي الذي يحظر الاستيلاء على الأراضي بالقوة.
عندما تقدم فان هولين بمقترح التعديل يوم الثاني من يوليو/ تموز، ألقى داخل قاعة مجلس الشيوخ خطاباً استمر لثمانية وثلاثين دقيقة، أكد فيه أن الإخفاق في معارضة الضم والانتصار للقانون الدولي من شأنه أن يقوض "المنظومة التي تقوم على احترام القواعد" وأن يفتح الباب على مصراعيه أمام "الغابة العالمية".
وقال السيناتور: "لا أعتقد أن حكومة الولايات المتحدة ودافعي الضرائب في الولايات المتحدة يمكنهم تأييد ومساندة خطة رئيس الوزراء نتنياهو لضم الضفة الغربية بشكل أحادي".
وأعرب عن معارضته لخطة الضم عدد من كبار الديمقراطيين، بما في ذلك زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ تشاك شومر والعضو البارز في لجنة الشؤون الخارجية بوب مانينديز، رغم ما يُعرف عنهما من تأييد قوي لإسرائيل.
في هذه الأثناء، أقر أغلب الجمهوريين في مجلس النواب خطة نتنياهو، وساندوا القادة الإسرائيليين في "اتخاذ قرارات سيادية بشكل مستقل عن أي ضغط خارجي".
وجاء في الخطاب الذي أرسل إلى نتنياهو في وقت مبكر من شهر يونيو/ حزيران ووقع عليه 120 من أعضاء المجلس الجمهوريين: "تتيح المقاربة الجديدة لإدارة ترامب وعداً بالنجاح حيث أخفقت الجهود السابقة، وذلك من خلال الاعتراف بمصالح إسرائيل الحيوية، القومية والأمنية، بينما تيسر التوصل إلى تسوية عادلة ومعقولة مع الفلسطينيين في حال اختارت القيادة الفلسطينية أخيراً إعطاء الأولوية للسلام".
وأضاف الخطاب: "إننا نأمل في أن تجلب هذه الخطة السلام والأمن والرفاهية إلى المنطقة التي طالما عانت من الصراع. وكأصدقاء متفانين للدولة اليهودية فإننا نعيد التأكيد على تمسكنا الحازم بالعلاقة بين بلدينا وبحق إسرائيل في السيادة وفي الحدود الآمنة".
تسمح خطة ترامب التي تعرف باسم "صفقة القرن" لإسرائيل بالاحتفاظ بكل مستوطناتها في الضفة الغربية والاحتفاظ كذلك بوادي الأردن، وذلك مقابل الاعتراف بدولة فلسطينية تقام داخل قطع متناثرة من الأراضي التي تخضع بحكم الأمر الواقع للسيطرة الإسرائيلية.
خسارة دعم الحزبين
وكانت الحكومة الإسرائيلية قد حددت الأول من يوليو/ تموز كموعد أخير للبدء بعملية تطبيق السيادة على أجزاء من الأراضي الفلسطينية، ولكن يبدو أنها أجلت ذلك الإجراء في خضم حالة من السخط الدولي.
من الجدير بالملاحظة أن التناقض الصارخ بين دعم الحزب الجمهوري لخطة الضم التي يعزم نتنياهو على تنفيذها ومعارضة الديمقراطيين لها يسلط الضوء على الصعوبات التي تواجهها إيباك في الإبقاء على دعم الحزبين لإسرائيل.
يبدو أن اللوبي المؤيد لإسرائيل مشغول الآن بملاحقة الديمقراطيين حصرياً. ففي أواخر شهر يونيو/ حزيران، اتهمت المجموعة أوكازيو كورتيز بجعل "حل الدولتين أقل احتمالاً" بسبب خطابها الذي طالبت فيه باتخاذ إجراءات بعد الضم.
وفي وقت مبكر من 2020، شبهت إيباك المشرعين الديمقراطيين رشيدة طليب وإلهان عمر وبيتي ماكولوم بتنظيم الدولة الإسلامية المتشدد.
ولم تستجب المنظمة المؤيدة لإسرائيل لطلب "ميدل إيست آي" للتعليق.
أما جيمز زغبي، رئيس المعهد العربي الأمريكي فقال إن نفوذ إيباك في واشنطن يزداد وهناً كلما أصبحت المنظمة أشد حزبية.
وأضاف زغبي في تصريح لموقع "ميدل إيست آي": "لقد فقدت إيباك السيطرة على الجدل داخل الحزب الديمقراطي. وهم الآن يضربون عشوائياً يمنة ويسرة لأنهم مرعوبون، وهذا شيء جيد. ليس بإمكانهم إنقاذ من يرغبون في إنقاذه ولا يمكنهم في نفس الوقت ضرب من يرغبون في ضربه".
وقال زغبي إن إيباك سينتهي أمرها إلى ما آل إليه أمر الرابطة الوطنية للبندقية، وهي مجموعة لوبي تؤيد حق المواطنين في امتلاك السلاح، والتي تتمتع بنفوذ في أوساط السياسيين الجمهوريين ولكنها أصبحت العدو رقم واحد لمعظم الديمقراطيين الذين يطالبون بتشريعات تقيد حمل السلاح.
وقال إن السياسيين الذين يدفعون باتجاه الإبقاء على الدعم غير المشروط لإسرائيل أمراً يلتزم به الحزبان يخوضون معركة خاسرة لأن الرأي العام في الجانب الديمقراطي تحول بشكل "لا تراجع" عنه، وبات الناس فيه ينتقدون بشكل متزايد انتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان.
وقال زغبي: "لم يعد بإمكانك إعادة الخيول إلى الإسطبل. فقد حدث التغيير في أوساط الشباب وفي أوساط السود، وفي أوساط اللاتينيين، وفي أوساط التقدميين اليهود".