هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت
صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا لمدير مكتبها في بيروت بين هبارد والصحافي
رونين بيرغمان، تحدثا فيه عن الاستهداف الإسرائيلي لمركبة كانت تقل عناصر من حزب
الله على الحدود اللبنانية السورية، الأسبوع الماضي.
والأربعاء 15 نيسان/أبريل الجاري، تعرضت سيارة كانت تقل عناصر من حزب الله على الحدود
اللبنانية السورية لاستهداف نفذته طائرة مسيرة، ولم يسفر عن وقوع إصابات في صفوف
المستهدفين.
وكشف
تقرير الصحيفة الأمريكية، الذي ترجمته "عربي21"، أن قذيفة انفجرت بجانب سيارة
الجيب في البداية، ما مكن ثلاثة من مقاتلي حزب الله من القفز منها بحثا عن غطاء آمن.
وبعد
ذلك بقليل عادوا إلى سيارتهم ذات الدفع الرباعي لأخذ حقائبهم حيث شعروا أن لديهم وقتا،
ومشوا بعيدا قبل أن تصيب قذيفة أخرى السيارة وتدمرها.
وتقول الصحيفة:
"الغارة الإسرائيلية لم تهدف لقتل أو جرح أحد من عناصر حزب الله في
سوريا".
وبحسب
عدة مسؤولين إسرائيليين وشرق أوسطيين فإن "إسرائيل تبنت سياسة تحذير مقاتلي حزب
الله في سوريا قبل ضرب قوافلهم، لتجنب قتلهم والمخاطرة بحرب مدمرة في لبنان".
وكشف
الهجوم الذي تم تصويره عبر كاميرات المراقبة عن جانب جديد في قواعد الاشتباك غير الرسمية
بين "إسرائيل" وحزب الله، بينما يحضر الجانبان للحرب الكبيرة القادمة مع محاولتهما تجنب إشعالها، وفق ما قالت الصحيفة.
اقرأ أيضا: تداول لفيديو استهداف الاحتلال مركبة لحزب الله بسوريا (شاهد)
وسياسة "إسرائيل" باستخدام التحذير قبل الضربة في سوريا، والتي لم يتم التحدث عنها سابقا، تعكس
الخوف من إدخال ترسانة حزب الله الصاروخية الضخمة في المعادلة حتى وهي تحاول رسم الخطوط
الحمراء لمنع حزب الله من الحصول على الصواريخ الموجهة الدقيقة وتطويرها، والذي تعتبره "تهديدا استراتيجيا".
وقد
توسع الصراع بين "إسرائيل" وحزب الله، الذي تدعمه إيران التي تهدف لتدمير "إسرائيل"، فشمل مساحة أوسع من الشرق الأوسط في السنوات الأخيرة، بعد أن وسع حزب الله
تدخله في سوريا والعراق وغيرها، واستمرت "إسرائيل" بملاحقته في هذه الأنحاء.
وبينما
لم تتوان "إسرائيل" عن قتل الإيرانيين في سوريا، حيث سمحت فوضى الحرب الأهلية للعديد
من القوى أن تتدخل، لكنها تجنبت قتل أعضاء من حزب الله.
وحصل
أن تلقى مقاتلو حزب الله اتصالات هاتفية مفاجئة من مسؤولين إسرائيليين يحذرونهم بإخلاء
قواعدهم قبل أن يتم قصفها، بحسب مسؤول في التحالف الموالي لإيران في المنطقة.
وتعمدت
القذيفة الأولى التي أطلقت على سيارة حزب الله الأسبوع الماضي ألا تصيب السيارة كـ"ضربة
تحذيرية" ليضطر رجال حزب الله لمغادرة سيارتهم حتى يتم تدمير معداتهم،
بحسب مسؤول استخباراتي. وقد فشلت الخطة هذه المرة لأن الرجال استطاعوا أخذ حقائبهم
قبل أن يتم تدمير السيارة.
ولكن
الفكرة، بحسب مسؤول استخباراتي كبير في الشرق الأوسط، هي القول لحزب الله: "نستطيع
رؤيتكم، حتى لو لم نقم بقتلكم".
وحزب
الله أيضا بالرغم من خطابه الناري حول تدمير "الدولة الإسرائيلية"، فقد تجنب قتل إسرائيليين
في السنوات الأخيرة، خشية حرب تدمر مساحات كبيرة من لبنان.
وبعد
يومين من الهجوم على سيارة الجيب في سوريا، اتهمت "إسرائيل" حزب الله بإحداث ثغرات في
السياج الحدودي اللبناني الإسرائيلي وتعليق صور لقياداته وللجنرال قاسم سليماني.
اقرأ أيضا: الاحتلال يشكو لبنان لمجلس الأمن بسبب حزب الله
وقال
العميد المتقاعد في الجيش اللبناني، أمين حتيحت، المقرب من حزب الله بأن ما فعله الحزب
هو "إرسال رسالة لإسرائيل ردا على هجومها ولإثبات أن بإمكان مقاتليه اختراق الحدود لو
شاؤوا"، وفق ما نقلت نيويورك تايمز.
وقال
حتيحت: "لأن الضربة الإسرائيلية لم تتسبب بمقتل أحد جاء رد حزب الله دون إحداث
إصابات".
وقالت
رندة سليم، الزميلة في معهد الشرق الأوسط في واشنطن: "هذا شكل جديد من الحرب..
وسيكون هناك استهداف دقيق للأشخاص والناشطين الرئيسيين في ما تعتبره إسرائيل تهديدا
وجوديا لأمنها، وهو صواريخ حزب الله دقيقة التوجيه".
وأضافت أن تكتيك الضربات التحذيرية وتركيز الجهد على ضرب المعدات بدلا من الأشخاص لن يحقق
لإسرائيل كل ما تريد، وقالت: "إن كان مشروع الصواريخ دقيقة التوجيه يسير بالمعدل
الذي يتحدث عنه الإسرائيليون فإنهم في المحصلة سيبدأون بقتل هؤلاء الناس".
ويعتقد
المسؤولون الإسرائيليون بأن لدى حزب الله ترسانة صواريخ تتألف من أكثر من 100 ألف صاروخ
يمكنها الوصول إلى كل زوايا "إسرائيل". وليس بإمكان منظومة القبة الحديدية
أن تسقط زخة كبيرة من الصواريخ المطلقة في آن واحد، بحسب المسؤولين، ويعتمد دفاع "إسرائيل" على عدم دقة تلك الصواريخ.
لكن "إسرائيل" تؤكد أن حزب الله يحاول بناء صواريخ موجهة يمكنها أن تستهدف منشآت بعينها
مثل القواعد العسكرية والبنايات الحكومية ومحطات الطاقة، وسيكون من شبه المستحيل إيقافها،
وقامت "إسرائيل" بعدة غارات جوية على سوريا على ما قالت إنها قوافل أسلحة موجهة لحزب
الله لإيصال الرسالة بأنها لن تسمح بوجود صواريخ ذكية على حدودها.
وأرسلت "إسرائيل" طائرة مسيرة متفجرة خلال شهر آب/ أغسطس الماضي إلى قلب المنطقة التي يسيطر
عليها حزب الله في بيروت لتدمير ما وصفه المسؤولون الإسرائيليون أنها ماكنات ضرورية
لإنتاج الصواريخ الدقيقة، ولكن لتجنب قتل أي من أعضاء حزب الله تم الهجوم قبل الفجر
في وقت لا يوجد فيه أحد في المنطقة، بحسب تصريح مسؤول كبير بالشرق الأوسط للصحيفة الأمريكية.
وتكتيك
التحذير هو توسيع لتكتيك استخدم في غزة، عندما كانت "إسرائيل" تريد تدمير أسلحة مخزنة
في بيوت مدنية حيث كانت تسقط قذيفة غير متفجرة لتحذر سكان البناية للفرار منها قبل
أن ترسل عليها قذيفة تدمرها، وأعطي التكتيك لقب "النقر على السطح".
ومع
انتقال حزب الله إلى سوريا لدعم قوات بشار الأسد في وجه الثوار، ثم لتوسيع نشر أسلحتها
ضد "إسرائيل"، بدأت الأخيرة باستخدام هذا الأسلوب هناك أيضا، وعندما يطبق هذا على السيارات
كما حصل في هجوم الطائرة المسيرة الأسبوع الماضي يطلق عليه "النقر على الصدام".
وكانت
سيارة الجيب التي ضربت الأسبوع الماضي قد عبرت لتوها الحدود من لبنان إلى سوريا بالرغم
من كون الحدود مغلقة بسبب فيروس كورونا، ولم تكن تحمل لوحات تسجيل.
وكان
في السيارة أحد كبار الناشطين في حزب الله، عماد كريمي، بحسب عضو التحالف الموالي لإيران
والمسؤول الشرق أوسطي الكبير، اللذين تحدثا كغيرهما ممن قوبلوا لهذا التقرير بشرط عدم
ذكر اسميهما. وقال المسؤول الاستخباراتي بأن كرامي مسؤول عن وحدة تابعة لحزب الله مسؤولة
عن تهريب الأسلحة المتطورة.
ويظهر
فيديو كاميرات المراقبة بأن السيارة توقفت على الطريق بعد سقوط الصاروخ الأول وفر منها
الركاب الثلاثة بمن فيهم كريمي وتركوا الأبواب مفتوحة ولكنهم عادوا للسيارة لأخذ عدد
من الحقائب وحقائب الظهر قبل إغلاق الأبواب والفرار ثانية.
وبعد
ذلك بلحظات أصاب الصاروخ الثاني السيارة ما أدى لتفجيرها وصعود الدخان منها.
وعلق المسؤول الاستخباراتي الشرق أوسطي على استطاعة عناصر حزب الله أخذ معداتهم بالقول: "يبدو الأمر كأن أحدهم تذكر شراء الحليب والبيض الذي أوصته زوجته بشرائهما فيعود حتى ليفعل ذلك.. فهل هذه هي قوة أعظم قوة في الشرق الأوسط".
وتسبب
التكتيك بخلاف بين القيادة العسكرية الإسرائيلية والموساد، وفق ما ذكرت نيويورك تايمز.
ويعتقد
الجيش بأن تحذير رجال حزب الله بينما يقومون بتدمير معداتهم يخلق توازنا في الردع مع
تجنب الدخول في حرب.
وقال
مسؤول عسكري كبير سابق: "الالتزام بهذه القواعد سمح لنا بضرب حزب الله مرات عديدة
مع الحرب على أهداف أخرى في أنحاء الشرق الأوسط دون الانجرار إلى حرب شاملة".
ولكن
رئيس الموساد يوسي كوهين يشك في إمكانية حزب الله وإيران وحلفائهما حشد ما يكفي من القوة
لتشكيل تهديد عسكري كبير لإسرائيل، وقال إنه "يجب على إسرائيل عدم محاولة التوصل إلى
موازنة ردع مع ميليشيا تعتبرها إسرائيل وأمريكا إرهابية"، مضيفا: "يجب قتل الإرهابيين
وليس الامتناع عن قتلهم خشية ردة الفعل".
وقال
كوهين في نقاش مع القادة العسكريين إن الرسالة الوحيدة التي يجب إرسالها لزعيم حزب
الله، حسن نصر الله "هي أن عليه ألا يختبرنا.. وألا يفرق بين ما الذي يطلقه على
إسرائيل – صواريخ غراد محسنة المدى أو صواريخ ام-600 أو أي شيء آخر – ففي اللحظة التي
يحصل فيها ذلك، سيتم مسحه هو وتنظيمه تماما".
وحتى الآن كان الحذر العسكري هو السائد مع أن "إسرائيل" قتلت رجلين من حزب الله في آب/ أغسطس
في هجوم.
وسبق لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن صرح بأنه "منع الإطلاق الوشيك لطائرات مسيرة قاتلة من سوريا باتجاه إسرائيل". ورفض مسؤول عسكري إسرائيلي التعليق وكذلك المتحدث باسم مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، والذي تقوم الموساد بتقديم تقاريرها له.
وقد
قتلت الغارات الإسرائيلية على سوريا في السنوات الأخيرة مئات الإيرانين والسوريين
ورجال الميليشيا الموالين لإيران من العراق وغيرها. ولكن هذه الغارات لم تقتل سوى
16 ناشطا من حزب الله منذ 2013، بحسب عضو الحلف الموالي لإيران في المنطقة.