ملفات وتقارير

ما وراء المراوحة القضائية بقانونية "الإخوان" في الأردن؟

الرواشدة قال إن الحكومة لا تريد إنهاء القضية ضد الجماعة أو تبرئتها لكثير من الاعتبارات- أرشيفية
الرواشدة قال إن الحكومة لا تريد إنهاء القضية ضد الجماعة أو تبرئتها لكثير من الاعتبارات- أرشيفية

أثار قرار الهيئة العامة لمحكمة التمييز الأردنية، وهي أعلى سلطة قضائية في البلاد، أمس الأحد، باعتبار "جماعة الإخوان المسلمين" جماعة منحلة قانونيا منذ العام 1953، وأن "جمعية جماعة الإخوان" (أسسها منشقون عن الجماعة) ليست خلفا لها، تساؤلات بشأن تبعات القرار، وأسباب مراوحة هذه القضية بين الأخذ والرد منذ سنوات حتى الآن.

وجاء في قرار التمييز أن "جمعية الإخوان (الجماعة) لم تقم بتوفيق أوضاعها، وعليه فإن مقتضى ذلك أنها أصبحت غير قائمة وفقدت شخصيتها الاعتبارية باعتبارها منحلة بحكم القانون، وأن تسجيل المميز ضدها بذات النظام الجمعية المنحلة لا يجعل منها أنها استمرار قانوني أو واقعي للجمعية المنحلة، مما تغدو معه أسباب الطعن واردة على الحكم المطعون فيه وتوجب نقضه"، وفق قولها.

وأضاف أن "الشخصية الاعتبارية لا تقوم إلا إذا اعترف لها القانون بهذه الشخصية، أي أنها تنشأ وتحل وتنتهي بموجب أحكام القانون، ولما كان الثابت أن جمعية الإخوان المسلمين التي جرى تأسيسها في عام 1946 تعتبر منحلة حكما منذ 16/6/1953 طبقا لأحكام المادة (12) من قانون الجمعيات الخيرية رقم 36 لسنة 1953".

وصدر حكم الهيئة العامة لدى المحكمة في القرار حيث وجدت أن إصرار محكمة الاستئناف على حكمها السابق في غير محله، وقررت نقض الحكم المطعون فيه، وإعادة الأوراق إلى مصدرها.

 

اقرأ أيضا: تقارب الحكومة الأردنية والإسلاميين.. هل يزعج دولا خليجية؟

 

وهذا ليس الحكم الأول، الذي يصدر في هذه القضية، لصالح عدم اعتبار "جمعية جماعة الإخوان" خلفا للجماعة التي أسست عام 1946، وشنت الحكومة الأردنية خلال السنوات حملة طالت مقراتها ومملتكاتها، وبعض الجمعيات القائمة عليها، وأبرزها جمعية المركز الإسلامي الخيرية.

وفي تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، قضت محكمة الاستئناف بأن جماعة الاخوان "منحلة"، وأن الجمعية المرخصة حلت مكانها.

ورأت المحكمة أن تعامل الدوائر الحكومية مع جماعة الإخوان المسلمين "المنحلة" بحسب وصف المحكمة "لا يسبغ عليها الوصف القانوني الصحيح، وأن هذا التعامل لا يجعلها شخصا حكميا وفق نص المادة 50/6 من القانون المدني".

وأكدت "التمييز" على ما ذهبت إليه الهيئة العادية للمحكمة، من أن جمعية جماعة الإخوان المسلمين التي تأسست عام 2015 لا يمكن اعتبارها خلقا قانونيا أو واقعيا لجمعية الإخوان المسلمين التي تأسست عام 1946 وانحلت لاحقا بموجب قانون الجمعيات الخيرية رقم 36 لسنة 1953.

النائب الثاني للأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي، الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، المحامي حكمت الرواشدة، قال إن القرار رغم "ورود حديث عن الوضع القانوني للجماعة، وهي ليست طرفا في الدعوى بالأساس، إلا أنه يعد لصالحها".

وأوضح الرواشدة لـ"عربي21" أن "قرار هيئة المحكمة، مع الاحترام له، جانبه الصواب، في حديثه أن الجماعة منحلة، والقضية بالأساس رفعتها الجمعية، ضد أعضاء المكتب التنفيذي السابقين، بأسمائهم وشخوصهم الاعتبارية، بدعوى أن الممتلكات باسمهم".

وأضاف: "قرار محكمة التمييز يؤكد أن ما تسمى الجمعية، ليست خلفا للجماعة قانونيا، وليس لها الحق في ممتلكاتها، وهذا الأمر يتكرر للمرة الثانية بالاستئناف، ومن محاكم أخرى".

ولفت المحامي الرواشدة، إلى أن عددا من القرارات القضائية صدرت عن محكمة استئناف عمّان، "أكدت صحة الشخصية الاعتبارية للجماعة".

وفي التفصيلات القانونية، التي تدفع بها الجماعة، لتأكيد أن هويتها الاعتبارية قائمة، وليست منحلة، قال الرواشدة: "الإخوان أسست كجمعية عام 1946، وفق قانون الجميعات الصادر عام 1935، وكان الحديث عن الجميعات بالعموم ولم يتطرق للعمل الخيري حينها، وحين صدر قانون الجمعيات الخيرية، عام 1958، وطلب من الجميع تصويب أوضاعه، لم يطلب من الإخوان ذلك، لأن ميثاقها الأساس لا يتضمن الإشارة إلى العمل الخيري بالأساس، ولذلك قانونا لا يجوز تطبيق قانون 1958 على جماعة الإخوان".

 

إقرأ أيضا: إخوان الأردن يفصلون مراقبهم العام الأسبق وآخرين


وتابع: "الإخوان حوّلت اسمها من جمعية إلى جماعة، قبل صدور قانون الجمعيات عام 1953، وقبل نشره في الجريدة الرسمية، ويصبح ساري المفعول، ولذلك هي لا تخضع لأحكامه".

وأوضح أن "السلطة التنفيذية عام 1953، وقبل صدور قانون الجميعات، ونشره بالجريدة الرسمية، وافقت على طلب "الجمعية" تعديل اسمها لتتحول إلى جماعة، وتعاملت معها كشخصية اعتبارية موجودة، وملكتها العقارات، وصدر قرار من أعلى سلطة تنفيذية عام 1961، بوصفها هيئة اعتبارية، وتعامل معها كل ملوك البلاد والحكومات، والمادة 60، الفقرة الخامسة، من القانون المدني الأردني، يؤكد شخصيتها الاعتبارية، حتى لو لم تخضع لقانون معين.

وتساءل الرواشدة: "كيف تملكت الجماعة العقارات والأراضي، طيلة العقود الماضية، وهي هيئة غير قانونية وليس لها شخصية اعتبارية؟".

واعتبر أن المراوحة في قضية قانونية الجماعة، "مسألة سياسية"، مشددا على أن الحكومة "لا تريد الوصول إلى حكم قضائي ببراءة الجماعة في كل الملفات، حتى لا يتم إبطال كل إجراءاتها ضدها، منذ العام 2015 وحتى اليوم، أو إعادة مقراتها، لكن في بالمقابل لا تريد مخالفة القانون، وإلغاء التاريخ الذي تعاملت به مع الجماعة، ووجودها على الأرض".

وأكد الرواشدة، "وجود قرار في محكمة الاستئناف، ومدرج في التمييز يؤكد شرعية الجماعة ووجودها وشخصيتها الاعتبارية".

وبشأن القضية التي التي أعادتها محكمة التمييز إلى الاستئناف، قال المحامي إنه سيعاد النظر بها كونها قضية خصومة، لكنه شدد على أن كل هذه القضايا "مصيرها الفشل، لوجود أصل قانوني للجماعة".

وشهد العام الماضي، تقاربا بين القصر الملكي، والحركة الإسلامية، من بوابة كتلة الإصلاح النيابية، التي تمثل الحركة في مجلس النواب الأردني.

وفي أيار/مايو عام 2019، التقى العاهل الأردني عبد الله الثاني، بنواب الحركة الإسلامية في البرلمان، بقصره، وكان مؤشرا على تصاعد التقارب بين الطرفين، خاصة أنه جاء بعد قرار قضائي بتبرئة 24 قيادات من الحركة، من تهمة الإخلال بأمانة الوظيفة، والكثير من التهم في قضية "جمعية المركز الإسلامي الخيرية"، والتي أثيرت في العام 2006.

وتعود القضية إلى زمن حكومة رئيس الوزراء معروف البخيت، الذي أصدر قرارا بحل الهيئة الإدارية للجمعية التي أسستها الحركة الإسلامية منذ عقود، وتعيين لجنة على رأسها وتحويل قيادات في الجماعة للمحاكمة، بتهم فساد في أجواء كانت تشهد توترا بين النظام الرسمي والجماعة.

وفي حينه وصف نائب رئيس الوزراء الأسبق والنائب في البرلمان ممدوح العبادي، في تصريحات لـ"عربي21" التقارب بـ"إشارات حسن النوايا"، وشدد على الظروف الصعبة في المنطقة وصفقة القرن، (لم تكن معلنة في حينه)، دفعت للقاء وبحث العديد من الملفات المشتركة".

ورأى أن إصلاح العلاقات بين الجماعة والقصر، يعتمد على "الإخوان بالدرجة الأولى، وإنهاء أي ارتباط لهم بالخارج، ليكونوا حزبا أردنيا حقيقيا" وفق قوله.

التعليقات (0)