صحافة دولية

نيويورك تايمز: لماذا اختار ترامب هذا التوقيت لإعلان خطته؟

توقيت إعلان خطة ترامب هدفه حرف الانتباه عن مشكلاته الداخلية ولخدمة نتنياهو- نيويورك تايمز
توقيت إعلان خطة ترامب هدفه حرف الانتباه عن مشكلاته الداخلية ولخدمة نتنياهو- نيويورك تايمز

نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا أعده كل من مايكل كراولي وإيزابيل كيرشنر، تقول فيه إن خطة ترامب للتسوية بين الإسرائيليين والفلسطينيين ستعطي إسرائيل السيادة على كامل وادي الأردن. 

 

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن لقاء الرئيس دونالد ترامب مع كل من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومنافسه بيني غانتس في البيت الأبيض هو خطوة للحصول على دعم لخطته. 

 

ويقول الكاتبان إن الخطة تحتوي على خريطة تحدد الحدود الإسرائيلية الجديدة المقترحة، وتعطي السيادة على معظم منطقة وادي الأردن، وهي منطقة استراتيجية تقع شرق الضفة الغربية.

 

وتنقل الصحيفة عن شخص مطلع على الخطة، التي تم تطويرها بإشراف صهر الرئيس ومستشاره جارد كوشنر، قوله إنها حددت الدولة الفلسطينية بمجرد منطقة حكم ذاتي منزوعة السلاح، وتعترف بإسرائيل دولة يهودية.

 

ويرجح التقرير أن يرفض القادة الفلسطينيون، الذين قاطعوا البيت الأبيض بعد نقل ترامب السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، كل بند فيها حتى لو جاءت بمكافآت اقتصادية بـ50 مليار دولار أو أكثر تقول إدارة ترامب أنها ستقوم بتقديمها.

 

ويورد الكاتبان نقلا عن محللين، قولهم إن هذه الخطة مهمة نظرا لأثرها السياسي على الانتخابات الإسرائيلية في آذار/ مارس، ولكونها حرفا للأنظار عن محاكمة الرئيس في الكونغرس بالفضيحة الأوكرانية.

 

وتنقل الصحيفة عن المدير التنفيذي لمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، روبرت ساتلوف، قوله: "لا يمكن لأحد تجاهل السياق المحلي لكل شيء يحدث في الأيام المقبلة، في الولايات المتحدة وإسرائيل.. في رأيي فإن هذا سيدفع ما سيحدث أكثر من دفع العملية السلمية في الشرق الأوسط لما سيحدث". 

 

ويورد التقرير نقلا عن ترامب، قوله في استقباله لنتنياهو، إن الخطة "هي أقرب ما توصلنا" إليه لتحقيق اتفاق بين الإسرائيليين والفلسطينيين، "وسنحصل في النهاية على دعم الفلسطينيين"، مشيرا إلى أن هذا رأي لا يشاركه فيه الكثير من الخبراء. 

 

ويذكر الكاتبان أن ترامب قد التقى مع غانتس يوم الاثنين بشكل منفصل، وغادر واشنطن بعد اللقاء، فيما بقي نتنياهو ليحضر الإعلان عن الخطة إلى جانب ترامب، واشتكى حلفاء غانتس من فكرة الظهور المشترك التي ستعزز من مكانة نتنياهو القريب من ترامب، مشيرين إلى أن الرئيس الأمريكي لم يدع الصحافيين بعد لقائه مع غانتس. 

 

وتفيد الصحيفة بأنه عندما سئل ترامب عن دعوته متنافسين سياسيين في وقت واحد، فإنه أعلن الحيادية، لكنه قال إنه سئم من السياسة الإسرائيلية المتشابكة، التي أدت إلى ثلاث جولات انتخابية في عام، مشيرة إلى أن جولتي الانتخابات انتهت في نيسان/ أبريل وأيلول/ سبتمبر 2019، دون تحقيق غالبية مطلقة لا لنتنياهو أو غانتس. 

 

وينقل التقرير عن ترامب، قوله: "كلاهما متنافسان جيدان وهم يتصارعان للفوز"، وأضاف: "انتظرت طويلا وهذه هي ثالث انتخابات وسنواصل الانتظار وننتظر وننتظر ما هذا النظام؟". 

 

ويلفت الكاتبان إلى أن نتنياهو رد بمديح للرئيس والإشارة إلى الخدمات التي قدمها لإسرائيل، وهو ما فعله غانتس الذي قال للصحافيين إن الرئيس هو رئيس شجاع وصديق حقيقي لدولة إسرائيل، ووصف خطة السلام الأمريكية بالمهمة وبأنها حدث تاريخي. 

 

وتقول الصحيفة إن الخطة الأمريكية تقدم سيادة أو ضما لمناطق واسعة لوادي الأردن، بشكل يضع نتنياهو ومنافسه أمام مأزق، مشيرة إلى أنها قد تجبر نتنياهو على القتال من أجل مستقبله السياسي وحريته من التهم التي يواجهها بالرشوة والتزوير وانتهاك الثقة، وقد تزامن الإعلان عن الخطة مع الوقت الذي كان فيه الكنيست سيقرر في طلبه الحصانة من المحاكمة، الذي تخلى عنه. 

 

ويجد التقرير أنه حتى لو كانت الخطة الأمريكية مجرد اقتراح لضم مناطق واسعة من وادي الأردن، كجزء من تسوية أكبر مع الفلسطينيين، فإن نتنياهو سيواجه ضغوطا من أنصاره للتحرك مباشرة وبقرار فردي لضم هذه المناطق. 

 

ويورد الكاتبان نقلا عن وزير دفاعه نفتالي بينت، وهو زعيم حزب متطرف، قوله في تغريدة على "تويتر" الأسبوع الماضي: "انتهى وقت الكلام.. علينا فرض السيادة وخلال أسبوعين على المستوطنات كلها". 

 

وتستدرك الصحيفة بأن الضم من جانب واحد يحمل الكثير من المخاطر، ولهذا السبب حاول القادة الإسرائيليون قبل نتنياهو تجنبه، فقد يؤدي إلى تقويض معاهدات السلام الإسرائيلية مع الأردن ومصر، وقد يؤدي إلى عنف واضطرابات وضحايا من الجانبين. 

 

وينوه التقرير إلى أنه بالنسبة لغانتس فإن دعمه للخطة يعني تنفير أنصاره في اليسار، وإرسالهم إلى قواعدهم التقليدية ودعم حزب ميريتس، بشكل يعرض تحالفه أزرق وأبيض لخسارة أصوات، لافتا إلى أنه في المقابل لو رفض الخطة أو اتخذ موقفا فاترا منها فإن الأحزاب المتطرفة ستبعد عنه وتجعل حلمه بالنصر بعيدا. 

 

ويقول الكاتبان إنه على أي حال فإن الإعلان عن خطة السلام سيعقد جهود غانتس لتركيز انتباه الناخب الإسرائيلي على القضايا القانونية التي تلاحق منافسه، مشيرين إلى قول غانتس بعد مقابلته ترامب: "لا أحد له الحق في قيادة كامل البلد في هذا التوقيت الدبلوماسي والأمني الحرج عندما يكون تفكيره كله مكرسا على مصالحه الشخصية"، وأضاف أن نتنياهو "لا يستطيع إدارة البلد وإدارة المحاكمة". 

 

وتشير الصحيفة إلى أن غانتس حاول في الوقت ذاته إبعاد نفسه عن نتنياهو في مسألة الخطة التي رحب بها، لكنه أكد أنه يفضل التحرك بالتنسيق مع شركاء إسرائيل بدلا من التحرك بطريقة أحادية، وقال: "بعد الانتخابات مباشرة سأحاول تطبيقها من داخل حكومة مستقرة وفاعلة، إلى جانب دول المنطقة الأخرى". 

 

ويجد التقرير أنه بالنسبة للزعيم الفلسطيني الضعيف المريض، محمود عباس، فإن قبوله الخطة أمر مستحيل؛ لأنها لا تفي بالمطالب الدنيا للفلسطينيين، فيما يترك رفضه لها الفلسطينيين بين الضفة وغزة دون خطة طريق للمستقبل، مشيرا إلى أن رئيس الوزراء الفلسطيني محمد إشتية قال إن الخطة ليست إلا "خطة لتصفية القضية الفلسطينية". 

 

ويستدرك الكاتبان بأنه رغم رفض عباس الحديث مع ترامب عبر طرف ثالث، إلا أن الرئيس الأمريكي بدا منتعشا، وقال إنه "سيكون رائعا لو استطعنا تمريرها"، وأضاف أن عددا من الدول العربية تدعم الخطة، رغم عدم تسميته أيا من هذه الدول. 

 

وتنقل الصحيفة عن الزعيم الإنجيلي وحليف ترامب، مايك إيفانز، الذي التقى مع عدد من المسؤولين العرب البارزين، قوله: "حتى لو لم يتحدثوا علنا فإنهم سرا معها"، إلا أن رئيس جماعة الضغط المعروفة بـ"جي ستريت" جيرمي بن عامي، قال إنه لا يتوقع دعما عربيا قويا للخطة، خاصة من الملك الأردني عبد الله الثاني.

 

وتختم "نيويورك تايمز" تقريرها بالإشارة إلى قول بن عامي: "هذا في الحقيقة جهد لحرف السياسة الأمريكية التقليدية باتجاه التحالف مع أكثر المواقف اليمينية تطرفا التي لم تتخذ مثلها إسرائيل أبدا.. هذا ليس جهدا لحل النزاع، بل لإعادة تشكيل ما هو أساس السياسة الأمريكية".  

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)

التعليقات (0)