ملفات وتقارير

مع تراجع بوادرها.. هل انتهت المصالحة الخليجية؟

غاب أمير قطر عن القمة الخليجية في الرياض في كانون أول/ ديسمبر الماضي- جيتي
غاب أمير قطر عن القمة الخليجية في الرياض في كانون أول/ ديسمبر الماضي- جيتي

مع دخول الأزمة الخليجية بين السعودية والإمارات والبحرين من جهة، وقطر من جهة أخرى، عامها الثالث، تراجعت بوادر المصالحة التي لاحت بشكل واضح في الثلث الأخير من العام 2019.

 

وبعد زيارة غير معلنة قام بها وزير خارجية قطر محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، وتطور المبادرات الكويتية للمصالحة، والتي تبلورت بتهدئة التراشق الإعلامي بين أطراف الأزمة، عادت التوترات إلى المشهد مجددا، بين أبو ظبي والدوحة، ثم الرياض والدوحة بوتيرة أقل.

 

وتقدّمت الدول الثلاث إضافة إلى مصر، بـ13 شرطا لإعادة العلاقات مع قطر، بينها إغلاق قناة الجزيرة، وخفض العلاقات مع إيران، وإغلاق قاعدة عسكرية تركية في قطر.

لكن وزير خارجية قطر شدد على أن الدوحة ليست مستعدة لتغيير علاقتها مع تركيا، التي تعتبر قطر أنّها إلى جانب إيران، ساعدتها في تخطّي تبعات المقاطعة الاقتصادية للدول الأربع.

وأوضح أن "أي دولة فتحت لنا أبوابها وساعدتنا خلال الأزمة، سنبقى ممتنين لها (...) ولن ندير ظهرنا لها أبدا".

 

ورغم بوادر المصالحة، غاب أمير قطر تميم بن حمد، عن القمة الخليجية في الرياض بكانون أول/ ديسمبر الماضي، وهو ما فسره موقع "ميدل إيست مونيتور/ ميمو" باستحالة مشاركة تميم دون حل القضايا العالقة، وأن مشاركته رغم استمرار عقوبات دول الحصار على بلده، تعني اعترافات بالاتهامات الموجهة للدوحة.

وتحول الخطاب الرسمي في أبو ظبي والمنامة بعد غياب أمير قطر عن القمة إلى الشهور الأولى للأزمة، بكيل الاتهامات للدوحة بتعقيد الخلاف، وعدم السعي إلى حله.

 

ضرب من الخيال

رئيس تحرير "البيت الخليجي للدراسات والنشر"، عادل مرزوق، رأى أن الحديث عن مصالحة خليجية شاملة يبدو "ضربا من الخيال"، مضيفا أنه لا يعتقد أن إعادة بناء الثقة بين الدوحة والرياض وأبوظبي ستحدث بضغطة "زر"، على حد قوله.

وقال مرزوق في حديث لـ"عربي21"، إن الوساطة الكويتية وحتى العواصم الخليجية المتصارعة تسعى إلى "تبريد الأزمة" والحد من توحشها على المنصات الإعلامية، مضيفا أن "مثل هذا الإنجاز يمكن أن يبنى عليه لاحقاً".

ورأى عادل مرزوق أن حد تعقيدات الأزمة في محور "الدوحة-أبو ظبي"، أثّر سلبا على "الهدنة الإعلامية"، وترشيد الخطاب وضبطه بين الدوحة والرياض، خلال الفترة الماضية.

 

رغبة سعودية بـ"التبريد"

وبحسب مرزوق، فإن "السعودية جادة في رغبتها بتبريد الأزمة مع قطر، أيضاً قطر جادة بل وتطمح إلى تبريد الأزمة مع السعودية تحديداً، لعدة اعتبارات. المؤكد هو أن الدوحة لا تريد أن تربط هذه الهدنة القطرية السعودية بعلاقاتها مع أبوظبي".

وقال عادل مرزوق إن من بين الأسباب التي أدت إلى التحفظ السعودي للذهاب بعيدا نحو المصالحة، هو اشتراط الدوحة عدم حضور ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، للقاء كان مزمعا عقده بين أمير قطر تميم بن حمد، وولي عهد السعودية محمد بن سلمان في الكويت، برعاية الشيخ صباح الأحمد الصباح.

ووفقا لمرزوق، فإن العلاقة بين الدوحة وأبو ظبي وصلت إلى طريق مسدود، ولا يمكن إصلاحها على المدى القريب على المستوى السياسي، متابعا أن السعودية بإمكانها المضي قدما نحو المصالحة مع قطر، لكن ذلك يعني الإضرار بعلاقتها مع الإمارات.

 

وأضاف: "يبدو لي أنه من الطبيعي والمنطقي أن تحرص السعودية على أن لا يكون تبريد الأزمة مع قطر على حساب علاقاتها الوثيقة مع الإمارات".

 

وتابع: "هناك عدة أسباب تجعل من تبريد الأزمة أولوية لكل من السعودية وقطر، أقلها فكاك الرياض من كماشة الآلة الإعلامية القطرية الجاثمة على صدرها والمترصدة لزلاتها، ونجاح الدوحة في تنظيم كأس العالم 2022م في أجواء إقليمية مشجعة تحقق لها مردوداً اقتصادياً يعوض ما أنفقته من مليارات على تطوير بنية البلاد التحتية".

ورأى عادل مرزوق أن البحرين لا تملك ما يمكن تقديمه للسعودية، فيما "الحليف المصري متردد ويجب أن لا ننسى خذلانه للرياض في حرب اليمن التي رفضت مصر المشاركة فيها أو حتى تأمين الحدود السعودية اليمنية".

 

اقرأ أيضاالزياني يغادر "التعاون الخليجي" قبل انتهاء ولايته

الجميع خاسر

 مرزوق قال إن "هذه الأزمة ليست أكثر من محرقة للثروات الخليجية، ومن قام بهندسة أهدافها لم يكن يدرك أنه يقوم بفعل (طائش) ولم يع توازنات القوى في الخليج أو كيف تسير الأمور فيه".

 

وتابع: "رغم ذلك، يجب أن لا نتصور الأزمة اليوم كما كانت في العام 2017، هي اليوم أزمة باردة. السعودية والإمارات أدركتا استحالة تحقيق الأهداف التي كانتا تراهن عليها، من جانب آخر، استطاعت قطر تجاوز الأزمة على أكثر من صعيد. هذا لا ينفي أن الرياض وأبوظبي والدوحة تكبدوا جميعاً خسائر مالية كبيرة".

 

وأضاف: "نحن اليوم أمام قيادات شابة، سيحكم الأمير محمد بن سلمان السعودية لثلاثين عاماً مقبلة. وكذلك هو أمير قطر الشيخ تميم بن حمد الذي سيبقى على رأس المؤسسة السياسية في قطر الفترة ذاتها. أعتقد أن الطرفين يدركان بوضوح أن بقاء حالة العداء بين السعودية وقطر لن يكون في صالح أي منهما".


قناة للتواصل

الإعلامي والمحلل السياسي الأردني عمر عياصرة، قال إن المصالحة الخليجية في الفترة الماضية توافرت لها قناة للتواصل بين القطريين والسعوديين ليس أكثر.

 

وأضاف في حديث لـ"عربي21" أن من بين اشتراطات هذا التطور وقف التراشق الإعلامي، أو المساس بالرموز بين البلدين، وهو مستمر لغاية الآن.

 

وتابع أنه "أثناء ذلك حدثت تطورات أثر على إتمام المصالحة، أبرزها حضور أمير قطر للقمة الإسلامية في كوالالمبور، وزيارته إلى طهران، وزيارة قام بها وزير خارجيته إلى بغداد".

 

وأكد عياصرة أنه وبرغم عودة التوتر، إلا أن قناة الاتصال بين الرياض والدوحة لا تزال موجودة، حتى لو تم تجميدها أو دخولها حالة بيات هذه الفترة.

 

ولفت إلى أن الفترة المقبلة قد تشهد عودة الأمور إلى ما كانت عليه، إلا أنه لا يوجد توقع مؤكد حول ما سيحصل.

 

وشهد شهر تشرين ثاني/ نوفمبر الماضي وقفا تاما للتراشق الإعلامي بين دول الحصار، وقطر، وذلك بعد عدول الدول الثلاث عن انسحابها من كأس الخليج الذي أقيم بالدوحة، في قرار جماعي اعتبره مراقبون مؤشرا على قرب إتمام المصالحة.

 

وفي شهر حزيران/ يونيو 2017، قررت السعودية والإمارات والبحرين ومصر، قطع جميع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، وإغلاق المنافذ الجوية والمجال الجوي معها، ووضعت 13 شرطا لعودة العلاقات، وهو ما رفضته الدوحة.

 

اقرأ أيضاالرياض "تمدّ يدها" لدمشق ودعوة من مسؤول سعودي للجعفري

0
التعليقات (0)