قضايا وآراء

هل انتهى "شهر العسل" بين واشنطن وبغداد؟

جاسم الشمري
1300x600
1300x600
بعد أكثر من عقدين من العلاقات والتنسيق والتلاحم بين واشنطن وما تسمّى، حينها، المعارضة العراقيّة، وهم أنفسهم حكّام العراق اليوم، بدأت تتنامى هذه الأيّام خيوط فصل جديد من الحكاية بين الفريقين، لكنّه فصل مليء بالجفاء والتهديدات والتعقيدات السياسيّة والعسكريّة والماليّة والإداريّة.

مع واقعة مقتل قاسم سليماني، وأبو مهدي المهندس، وقصف العديد من مقرّات الحشد الشعبيّ، ومقتل وجرح المئات منهم على يد القوّات الأمريكيّة وغير ذلك، بدأت تتعالى بعض الأصوات البرلمانيّة، وهي في حقيقتها مليشياويّة، للمطالبة برحيل القوّات الأجنبيّة من العراق، وفي مقدّمتها الأمريكيّة!

معلوم أنّ واشنطن هي التي حرست النظام العراقيّ القائم منذ مرحلة تشكيل مجلس الحكم في العام 2004، وأنفقت تكاليف حرب الاحتلال، والمعارك اللاحقة، التي أبقت نظام بغداد على قيد الحياة حتّى الساعة!

الإدارة الأمريكيّة لم تغزُ العراق من أجل عيون "المعارضة" كما قد يتوهّمون، وإنّما نحن نتحدّث عن دولة مؤسّسات كبرى لا تتحرّك فيها قطعة عسكريّة واحدة إلا بموجب القانون والمصلحة الوطنيّة والاستراتيجيّة الأمريكيّة!

المُذهل أنّ برلمان بغداد صادق خلال جلسة طارئة، وبحضور رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي، على قرار "إلزام الحكومة العراقيّة بحفظ سيادة العراق من خلال إلغاء طلب المساعدة الأجنبيّة"!

والغريب لدرجة اللامعقول، أنّ البرلمانيّين والحكومة يعلمون جيدا أنّ الحكومة لا تمتلك الصلاحيّات القانونيّة والدستوريّة لتنفيذ هذا القرار؛ لأنّها حكومة تصريف أعمال يوميّة، ومن ثم لماذا الإصرار على هذا العبث السياسيّ غير المنتج؟

واشنطن ردّت على مطالبات حكومة العراق بإرسال وفد لدراسة الانسحاب الأمريكيّ؛ بأنّها سترسل وفدا لترتيب البقاء العسكريّ الأمريكيّ في بلاد الرافدين، وكأنّها تُخبرهم بأنّ القرار في واشنطن، ومنْ يريدنا أن ننسحب، عليه أن يتذكّر ما قدمنا له من "خدمات"، ومؤكّد أنّها ليست بالمجّان!

الرئيس الأمريكيّ دونالد ترامب قال الأحد الماضي، إنّ أمريكا "لن تغادر العراق قبل أن يدفع تكلفة قواعدها العسكريّة هناك، وإذا أجبرت القوّات الأمريكيّة على المغادرة، فسنفرض عقوبات كبيرة على العراق لم يروا مثلها من قبل، وستكون عقوبات إيران بجوارها شيئا صغيرا"!

الأمريكان عازمون على استرداد المبالغ كافة التي أنفقوها في العراق، والرئيس ترامب أكّد أنّ على العراق دفع تريلوني دولار، تكلفة القواعد والحرب التي خاضتها واشنطن في العراق!

وترامب لم يكتف بذلك، بل كانت تهديداته مساء الأحد الماضي صريحة، وأوضح "لدينا قاعدة جويّة هناك باهظة التكلفة بشكل استثنائيّ. لقد احتاجت مليارات الدولارات لبنائها. لن نغادر إلا إذا دفعوا لنا تكلفتها"!

وعن الدعوات الأخيرة من حكومة بغداد للبدء بالتخطيط لسحب القوّات الأمربكيّة، قال ترامب في مقابلة مع محطّة فوكس نيوز الأمريكيّة: "هذا ما يقوله العراقيّون علنا، لكنّهم لا يقولون ذلك في الجلسات الخاصّة"!

وحينما سُئِل عن الطريقة المُمكنة لتحصيل الأموال من العراقيّين، قال ترامب: "لدينا الكثير من أموالهم، هناك 35 مليار دولار في الحساب"!

ومع كلّ هذه التهديدات والتعقيدات المتنامية، يعاني العراق الآن من جملة مشاكل سياسيّة وأمنيّة واقتصاديّة، وفي حال نفّذت واشنطن بعض تهديداتها ستدخل البلاد مرحلة الانهيار الاقتصاديّ!

اليوم هنالك بطالة مقنعة متمثّلة بأكثر من أربعة ملايين موظّف غالبيّتهم غير منتجين، ورواتبهم مع رواتب أكثر من ثلاثة ملايين متقاعد، بحاجة إلى 70 مليار دولار سنويا، بحسب ما أكّده عضو اللجنة الماليّة في البرلمان العراقيّ هيثم الجبوري، خلال ندوة مفتوحة جمعتنا عبر مواقع التواصل الاجتماعيّ!

هذا المبلغ الضخم لا يمكن لحكومة بغداد توفيره في حال نفّذت واشنطن تهديدها بفرض عقوبات على البلاد، التي تعتمد في وارداتها بما لا يقلّ عن 95 في المئة على صادرات النفط الذي تحفظ أمواله في البنك الفيدراليّ الأمريكيّ!

العراق واقع بين مطرقة واشنطن وسندان إيران، ومعها حكومة لا تعمل من أجل مصلحة البلاد!

نهاية "شهر العسل" بين واشنطن وبغداد: هل ستنقل العراق لمرحلة مليئة بالموت وفقدان الأمن والجوع، وتفشّي الفوضى والاستخفاف بقيمة الوطن والمواطن؟ أم إنّ للعراقيّين رأيا آخر؟
التعليقات (1)
حفيد الحسن ( ع )
الأحد، 19-01-2020 02:30 م
حكام العراق ومع كل اسف نسميهم بحكام العراق والذين جاؤا على ظهر الدبابة الاميركية معتقدين انهم سيخدعون الولايات المتحدة بحلف مزيف ..الغرض منه استعمال اميركا لاسقاط نظام صدام حسين الذي كان قد قطع ايدي ايران في العراق عن طريق تحييد حميع عملائها في العراق وجعلهم يختبئون داخل ايران بحثا عن ملاذ امن لهم ومن ايران ينطلقون عبر الاهوار في جنوب العراق والتي تشكل مطقة حدودية تنقسم مابين البلدين ايران والعراق ومن خلالها مستجيرين بالمستنقعات وجزر القصب الكثيفة الكثيرة والممتدة لمساحة تقدر بمئات الكيلومترات المربعة كانوا يهاجمون العراق وجيشه ومشأته خدمة لايران ..ثم وجدوا في الاميركان وحلفائهم البريطانيين وحلف شمال الاطلسي خير وسيلة لاسقاط النظام من جهة والعمل تحت امرة التحالف الغربي حتى يسيطروا على الحكم في العراق ثم بعد ذلك يطلبون من اميركا الرحيل ومن ثم تسليم العراق بالكامل لاسيادهم الايرانيين ..وبهذه الطريقة ( الخارقة الذكاء ) يكونوا قد استعملوا الغرب واميركا تحديدا للوصول الى مأربهم المذهبية والطائفية في جعل ايران المسيطر الكلي على العراق والخليج وسوريا وصولا في المستقبل الى مصر لاحياء الدولة العبيدية الشيعية والتي تسمى جزافا بالدولة الفاطمية ...المشكلة هنا ان جميع بل الاكثرية الغلبة في الحكوميين الشيعة في العراق من المعممين الختصين بالنياحة والصياح واللطم على الحسين وسب وقذف عرض الرسول وصحابته والاخرين هم من بائعي الخضروات والباعة المتجولين للنفط والغاز ومن صباغي الاحذية وبعض من كانوا يام الحكم الوطني للعراق قبل 2003 من العسكريين ذوي الرتب الصغيرة اغلبهم لايتجاوز التائب ضابط ..ثم منحوا رتب جنرالات في الجيش العراقي وهم لايعرفون حتى قراءة احداثية بسيطة لرامي مدفعية او دبابة ..وهؤلاء يظنون انهم بامكانهم خداع دولة تعرف مخططاتهم منذ البداية وهي التي خدعتهم بابرام صفقات معاهدات استراتيجية مع الولايات المتحدة جعلتهم مكبلين بالتزامات في حالة التخلي عنها ستكلفهم وا لايتخيل هؤلاء الرعاع حكام العراق ...على اية حال فان هؤلاء الرعاع يعلمون جيدا ان الحل الوحيد امامهم هو ترك العراق في خضم من المشاكل والهرب الى ايران مع ماسرقوه من اموال العراق ..املين ان تقوم ايران باستضافتهم وحمايتهم ..ثمنا لما فعلوه من خدمات عظيمة لاسيادهم في بلاد فارس المجوسية ..من تدمير للعراق وهيكلته التي بنتها الحكومات الوطنية منذ استقلال العراق في 1921 والى سقوط الدولة العراقية في 2003 .. هذا النظام النكرة الذي يحكم من المنطقة الخضراء واصبح يعتمد كليا على الميليشيات التابعة عقائديا لايران في الدفاع عن نفسه ومحاولة القضاء على الذين خرجوا للشوارع ضد استمرار هذه الزمرة من الرعاع واللصوص والقتلة التي جاءت بهم اميركا لحكم العراق .