مقالات مختارة

الخديعة التي ينطوي عليها احتفال الاحتلال بهزيمة «كوربين»!

هاني حبيب
1300x600
1300x600

بينما لم تتمكن دولة الاحتلال الإسرائيلي من الاحتفال بنجاح قيادتها بتشكيل حكومتها للمرة الثانية خلال بضعة أشهر، فإنها هذه الأيام تحتفل بنجاح الانتخابات البريطانية بعد فوز حزب المحافظين بالأغلبية في مجلس العموم وهزيمة حزب العمال برئاسة جيرمي كوربين، الاحتفال الإسرائيلي بفوز حزب المحافظين بزعامة بوريس جونسون، يأتي تتويجا لسياسة إسرائيلية في سياق حملة تحريضية منظمة ضد زعيم حزب العمال كوربين، منذ أن انتخب زعيما لحزب العمال البريطاني قبل قرابة أربع سنوات، بسب موقفه التاريخي والمعلن والداعم لحقوق الشعب الفلسطيني والمناهض للاحتلال والاستيطان الإسرائيلي، الذي أعلن بشكل لا يقبل التأويل أن المملكة المتحدة، ستعترف بدولة فلسطينية فور فوز الحزب بالانتخابات، هذه الحملة الإسرائيلية المسعورة، أخذت أبعادا تحريضية واسعة قبيل الانتخابات البرلمانية البريطانية الأخيرة، من خلال سلسلة اتهامات تقليدية إسرائيلية بمعاداة الحزب وزعيمه للسامية، رغم رفض الحزب وكوربين، بشكل متكرر لمعاداة السامية وأن الموقف من القضية الفلسطينية ينطلق من حق الشعب الفلسطيني بتقرير مصيره وحقه في إقامة دولته المستقلة على المناطق المحتلة العام 1967.


قبل أيام من الانتخابات البرلمانية البريطانية، قاد وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس حملة منظمة جديدة ضد كوربين، سانده فيها كبير حاخامات بريطانيا أفرايم ميرفس، تركزت مجددا حول دور قيادة كوربين لحزب العمال في تعزيز معاداة السامية في الحزب، والدعوة إلى عدم التصويت لحزب العمال كعقاب له على هذه السياسة، ومع أن هذا الزعيم لم يأتِ بجديد رغم النفي المتكرر من قبل الحزب وزعيمه، إلا أن الدولة العبرية تعتقد من خلال احتفالها بهزيمته في الانتخابات انتصارا لزعمها وادعائها، ونجاحا لحملتها المنظمة ضده.


إن ادعاء إسرائيل، بأن أحد أهم أسباب خسارة كوربين وحزب العمال للانتخابات يعود إلى السياسة التي تبناها الحزب حول الزعم بمناهضة السامية، إنما هو ادعاء مزعوم، إذ إن سبب فشل حزب العمال يعود إلى أسباب أخرى أكثر أهمية وكانت عناوين الحملات الانتخابية ليس من بينها معاداة ومناهضة السامية، وخاصة مسألة الخروج من الاتحاد الأوروبي «البريكست» والتعليم والصحة والمواصلات والأمن الداخلي، ومعظم التحليلات التي عالجت أسباب فشل حزب العمال تشير إلى أنه لم يركز في حملته الانتخابية على مسألة «البريكست» بالقدر الكافي، التي تبين أنها القضية الأهم بالنسبة للشارع البريطاني في هذه الآونة.


هناك خداع واضح في الزعم الإسرائيلي حول التركيز على أن فشل حزب العمال يعود إلى سياسة مناهضة السامية المزعومة، ذلك أن الدولة العبرية تحاول أن ترسل رسالة إلى كل العالم، بأن مناهضة إسرائيل وسياستها ضد الفلسطينيين والزعم بمناهضة السامية، هي الطريق الأقصر نحو خسارة أي حزب يخوض الانتخابات في أي دولة ديمقراطية، وأن على كل الأحزاب أن تكون أكثر حذرا في مناهضة السياسة الإسرائيلية؛ لأن ذلك يعود عليها بالخسارة، والمثال البريطاني واضح في هذا السياق، هذه هي الرسالة المخادعة التي تحاول إسرائيل الترويج لها، وهي تحتفل مع حزب المحافظين بخسارة حزب العمال بزعامة كوربين.


وفي تقديرنا، أن الحملة الإسرائيلية على حزب العمال البريطاني ستستمر حتى بعد خسارته الانتخابات وقرار كوربين بعدم قيادة الحزب في الانتخابات القادمة، لأن هناك قوى عديدة شبابية، خصوصا في حزب العمال، ما تزال تتمسك بالحقوق الفلسطينية، وستظل كذلك، حتى بعد مغادرة كوربين مقعد الزعامة!

 

عن صحيفة الأيام الفلسطينية

0
التعليقات (0)