قضايا وآراء

غارات رائجة عدوة المنشأ وأسدية البوصلة

نزار السهلي
1300x600
1300x600
تتكرر الغارات الإسرائيلية في العمق السوري، على مواقع النظام وحلفائه، وبالقرب من سرير نوم الأسد.

فمنذ سنوات، لا يمر شهر دون أن تكون لقذائف الاحتلال صوت وأثر مدوٍ، بخلاف صيحات أبواق النظام وإعلامه، المنهمك بالتستر على قتل السوريين، والتطبيل لقوى محتلة تفعل فعلها في الجغرافيا والديمغرافيا كما تفعل إسرائيل. تتطور الغارات وتأخذ أشكالا مختلفة، وتتنوع المواقع المستهدفة التي يسمع عنها السوريين من وسائل إعلام العدو عن طبيعتها، وماذا تحتوي!!

احتلت الغارات الإسرائيلية، مكانة في سياق التهكم المستمر للسوريين والعرب، على ما يدعيه النظام في دمشق بشأن السيادة السورية، المقسمة بين قوى الاحتلال الأسدي الإيراني، والروسي الإسرائيلي، والتركي والأمريكي، فضلاً عن جيوش الاستخبارات الغربية العاملة فوق "سيادة الأسد" التي يهمها في كل ما هو رائج؛ مقاومة الشعب السوري.

وليكون لهذه اللحظة الرائجة بوصلة أوضح، نزعت عن الأسدية كل ما تتداوله عن المقاومة والسيادة وإلى ما هنالك من شعارات؛ تكرارها بات سخيفاً بعد أكثر من أربعة أعوام من رفع نشاط العدوان الإسرائيلي وتكثيف الغارات على الأراضي السورية، وعلى السيادة ومقدرات السوريين، مدنية وعسكرية وغيرها.

وبعد أكثر من تسعة أعوام من بحث غُزاة الأسد عما يحفظ له استمرار عدوانه على السوريين، وفي اللحظة التي يحاول النظام في دمشق التدثر بالسيادة العارية، تشهر الحقيقة وجهها، فلا وقت لإحصاء الغارات والتفريق بينها، لا تمييز في أصوات الصواريخ والبراميل في ليالي السوريين المرعبة بين صواريخ عدوة المنشأ، يقال إنها تُطلق من فوق تلال مرج عيون أو شمال فلسطين، وأسدية البوصلة تطلق من كل الأراضي نحو صدور السوريين على امتداد الجغرافيا.

الغارات الإسرائيلية، تجعلنا نكتشف ما بحوزة الأسد من مشتركات مع المحتل، تُمكنه من ابقاء سطوة القوة والقتل على المجتمع السوري، وهذه اللعبة من التمايزات والتوازنات الدائبة والمتعددة الخطوات في جميع الاتجاهات داخل سوريا، فشل فيها النظام والمحتل تلميع صورة باهتة عن السيادة، ومحاربة الإرهاب الذي يدعيه النظام والمحتل بصواريخ وبراميل وقذائف لا تدمر سوى السوريين ومقدراتهم؛ وتحفظ للمحتل خردقة السيادة وللطاغية تسهيل السبل لأي موت يصل السوريين ومن أية جهات.

لا جديد.. لا جديد، رغم كل ما يحدث من غارات، ولا دهشة في الأخبار الرسمية ونقل البيانات مع كل غارة إسرائيلية. حفظنا وحفظ السوريون كل الحروف، وبلاغة وسماجة ما ترسو عليه عقليه "المسألة الوطنية والسيادة" المحصورة بحفظ كرسي قاتل ومهووس بتدمير مدارس ومشافي وبيوت السوريين مع حواضرهم.
لم يعد مفيدا اللعب على حبال السيادة المتقطعة والمقسمة بين نفوذ المحتلين بإدارة النظام. ذاكرة السوريين طازجة ومثقلة بالغارات التي التهمت الآمال والأحلام، وتكررت بقضم السيادة وانتهاكها. ويعرف السوريون أن الغارات هي شريان حياة الطاغية والمحتل، وأن المعادلة القائمة ضرب من سراب لن تعيد سيادة وشرعية لقاتل، ولن تمنح المحتل حق الاستثمار في أبد الطاغية.

يبقى الموقف من غارات الاحتلال على السيادة السورية، والتي يتباكى عليها من يصرخ في وجه السوريين للرضوخ لطاغية قتل مليونا من السوريين، وهجّر عدة ملايين، ودمّر ثلاثة أرباع المدن والقرى.. الموقف من الغارة ليس سوى بند واحد من بنود البحث الدائر في جدل نخب عربية عن مسؤولية الطاغية في تدمير السيادة، بحيث لا يكون من الموضوعية فقط تناول وتذكر السيادة في حالة غارات المحتل الإسرائيلي، بينما بقية الاحتلالات من موسكو إلى طهران وعصاباتهما، من فاغنر إلى "الحيدريون"، إلى زنازين الأسد التي تنفذ كل لحظة جرائم يتم التغاضي عنها.

يشكل الموقف من رواج الغارات، إسرائيلية أم أسدية كانت، وجهاً آخر لعملية الابتزاز السياسي والأخلاقي، وأكثر حدة وخطورة إن كان هناك فصل بينهما؛ لأنها تمثل مظهراً من مظاهر الدفاع عن محتل وطاغية، بينما وقائع كثيرة وكافية تبرز أن بطش النظام ووحشيته أزالت عقبات من أمام المحتل، لتسهيل السبل لتنفيذ غارات واعتداءات في ظل ازدحام الأجواء بالطائرات، وازدحام الجغرافيا بقواعد احتلالية تستوطن كل الجهات وتُجمع كلها على هدف واحد: دحر إرادة وعزيمة السوريين.
التعليقات (0)