ملفات وتقارير

من أسقط "تسوية" عون الحريري..وما هو البديل؟

بنود التسوية بقيت طي الكتمان ما عدا عناوينها العريضة، إلا أن التسريبات كشفت جزءا من تفاصيلها- جيتي
بنود التسوية بقيت طي الكتمان ما عدا عناوينها العريضة، إلا أن التسريبات كشفت جزءا من تفاصيلها- جيتي

يوشك لبنان أن يدخل مرحلة سياسية جديدة، مع بروز مؤشرات تدلل على سقوط التسوية الرئاسية التي أنجزت قبل ثلاث سنوات، وأفضت إلى انتخاب ميشال عون رئيسا للجمهورية، بالشراكة مع سعد الحريري الذي حصل على رئاسة الحكومة، في اتفاق ينص على بقائه في منصبه طيلة فترة عهد عون ومدتها ست سنوات.

وعلى الرغم من أن بنود التسوية بقيت طي الكتمان ما عدا عناوينها العريضة، إلا أن التسريبات كشفت جزءا من تفاصيلها وما اتفق عليها فريقان متعارضان أساسا في الرؤية والأهداف والتحالفات ضمن المعادلة الشهيرة 14 و8 آذار.

ورأى عضو المكتب السياسي في تيار المستقبل، الدكتور مصطفى علوش، أن "تمسك التيار الوطني الحر وحزب الله بالرئيس الحريري يهدف إلى وضعه في مواجهة مباشرة مع الشارع، وحصر كل الأخطاء والسلبيات برئاسة الحكومة"، مشيرا في تصريحات لـ"عربي21" إلى أن دعوة الحراك إلى إيقاف احتجاجاته بذريعة أن الحكومة استقالت له دلالاته "لجهة محاولتهم النأي بأنفسهم عن أي مساءلة، لكن الساحات لم تستجب ولا يزال نبضها مسموعا في مرحلة تتسم بالترقب لما قد ستسفر عنه الاستشارات النيابية، وما يليها من تسمية رئيس الحكومة الجديد".

وعن مدى قدرة الشارع على التغيير، قال علوش: "أتوقع عملية تجميلية لن تبعد المكونات السياسية عن المشهد، بل سيتم الدفع بوجوه جديدة، على غرار ما حصل في لبنان منذ استقلاله، ليتم دمجها في اللعبة القائمة أو استيعابها مؤقتا قبل محاصرتها وعزلها"، متوقعا تشكيل حكومة "تعمل على تهدئة غضب الشارع، لكن في المحصلة لن تنجز هذه التوليفة أي نقلة جادة، ما يرشح عودة الأمور إلى نقطة الصفر واحتمالية انفجار الأزمة من جديد".

ورأى أن الحراكات المدنية "قصيرة النفس؛ لأن محركيها يحتاجون إلى العودة لأشغالهم من أجل تأمين قوت عائلاتهم، إلا إذا عمل ممولون من أصحاب المآرب الخاصة على الاستثمار في الساحات عبر دعم المشاركين فيها لغايات سياسية"، موضحا: "الحكومة المطعمة من سياسيين واختصاصيين هي المخرج الواضح حاليا ما لم يحصل تبدلات مفاجئة".

وكشف علوش أن التسوية الرئاسية لم تعد قائمة بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري، قائلا: "أحد أطراف هذه التسوية هو رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل (صهر رئيس الجمهورية)، ما يعني استحالة تشكيل حكومة تضم في تكوينها الأساسي الأخير، إلا إذا أردنا استفزاز الشارع اللبناني الغاضب"، وعن موقف تيار المستقبل من باسيل، قال: "أرى شخصيا أنه يعاني من نرجسية قد تصل إلى حد جنون العظمة، ولا أظن أنه القيادي الملائم لعقد أي اتفاقيات، فهو لا يهتم سوى بأهدافه الشخصية وطموحاته"، واصفا إياه بالشخصية "الاستفزازية، مع الإشارة إلى وجود شخصيات سياسية أكثر سوءا منه ممن ارتكبوا جرائم وأعمال دموية، كقيادات حزب الله على سبيل المثال".

وحول دفاع حزب الله عن حكومة الحريري، قال: "الدفاع ليس عن سعد الحريري، لكنهم يدافعون عن تركيبة قائمة تناسب تطلعاتهم وتحقق غاياتهم من خلال حكومة مرهونة لهم ضمن توازنات السياسة في لبنان".

وقال بسام الهاشم، القيادي السابق في التيار الوطني الحر: "أنتمي حاليا إلى مجموعة من كوادر وقيادات كان لهم الفضل في بناء التيار الوطني الحر، وقد أطلقنا على أنفسنا اسم التيار الخط التاريخي"، متابعا في تصريحات لـ"عربي21": "حصلت تحولات أدت إلى انحراف قيادة التيار عن مسارها التاريخي، ما أسفر تدريجيا عن خروج شخصيات هامة من التيار، إما طوعا أو عن طريق قرارات فصل من قبل مجلس التحكيم، وبعضهم تعرض للفصل حتى بعد استقالتهم قبل ذلك من مهامهم، وأنا واحد منهم".

وربط هاشم التحركات الشعبية بما حدث داخل التيار الوطني الحر، فقال: "نحن في التيار التاريخي اعترضنا على هذا المسار والدخول في متاهات كنا بغنى عنها"، مشددا على أن فريقه السياسي الحالي "جزء من هذه الثورة التي انفجرت في الشارع؛ لأنها تعبر عن تطلعاتنا، لا سيما على صعيد بناء الدولة الحرة العلمانية".

وشدد على أن الحراكات الشعبية هي "ثورة ممتدة على مساحة لبنان، حيث يشارك بها الشباب الذين يجدون أن مستقبلهم مهدد"، لافتا إلى أن "الثورة الشعبية بدأت تأخذ أشكالا تنظيمية بشكل تدريجي تحت عناوين وطروحات معينة، وقد بادرنا نحن ومجموعات من مختلف المناطق على تشكيل هيئة تنسيق الثورة، وهي تضم 103 مجموعات ناشطة تتفاوت في أحجامها، وتضم العسكريين المتعاقدين وحركتي الشعب والنهضة، إضافة إلى مجموعات محلية من البقاع والجنوب والشمال، ما شكل خليطا تجمعه الهوية الوطنية، كما أنها تتبنى فكر الإمام موسى الصدر الانفتاحي؛ بهدف بناء دولة خالية من الفساد".

 

اقرأ أيضا: متظاهرو لبنان يستمرون بالاعتصام.. وفتح للمدارس والطرقات

وأضاف: "طرحنا برنامجا أدرج في البيان التأسيسي لهذه الهيئة، غير أننا لا ندعي في الوقت نفسه أننا نمثل جميع من شارك في الثورة القائمة في لبنان، ولا ندعي أننا القيادة الوحيدة في الساحات، ولا يزال الباب مفتوحا أمام مختلف الشرائح للانضمام إليها".

وعن مدى قدرة الحراكات على تحقيق مطالبها في ظل تمسك السلطة بعدم التنازل الكلي عن مواقعها، قال: "لن تتوقف الثورة حتى تحقيق مطالبها من استرجاع الأموال المنهوبة، ومحاسبة الفاسدين، والوصول إلى بيئة نقية صالحة لإنشاء دولة مدنية عصرية"، وأكد أن الهيئة التنسيقية "منفتحة على الحوار للتوصل إلى الإصلاحات المطلوبة، داعيا إلى إحداث "توازنات جديدة تبتعد عن منطق مد اليد إلى جيوب الفقراء والطبقة الكادحة، وتوزيع العبء على القادرين، ووقف النهب والتهرب الضريبي، إلى جانب الإصلاح السياسي من خلال إنتاج قانون انتخاب جديد على قاعدة النسبية، على أن يكون لبنان دائرة انتخابية واحدة، وكذلك تطبيق المادة 22 من الدستور التي تنص على إنشاء مجلسين للشيوخ والنواب من خارج الإطار الطائفي".

التعليقات (0)