صحافة دولية

واشنطن بوست: هذه دلالات فوز قيس سعيد في انتخابات تونس

واشنطن بوست: فوز سعيد يعد ضربة للنخبة السياسية التونسية التي ظهرت بعد ثورة عام 2011- تويتر
واشنطن بوست: فوز سعيد يعد ضربة للنخبة السياسية التونسية التي ظهرت بعد ثورة عام 2011- تويتر

نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا لمراسلها سودارسان راغفان، يقول فيه إن قيس سعيد (61 عاما)، وهو أستاذ القانون، فاز في انتخابات الرئاسة التونسية في الجولة الثانية، متفوقا على رجل الأعمال ورئيس حزب قلب تونس.

 

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن فوز سعيد يعد تحولا يراه المراقبون ضربة للنخبة السياسية التونسية التي ظهرت بعد ثورة عام 2011، لافتا إلى أن الرجل الذي لم يكن معروفا للكثير من التونسيين قبل الجولة الأولى سيطر على الديمقراطية الوحيدة التي ظهرت في مرحلة ما بعد الربيع العربي. 

 

ويلفت راغفان إلى أن النتائج الأولية أظهرت فوز سعيد بنسبة 77% مقابل 28% للقروي، مشيرا إلى أن التونسيين احتفلوا بهذه النتائج من خلال التجمع في شارع الحبيب بورقيبة، الذي كان مركز ثورة 2011، وهتفوا باسم سعيد، ورفعوا الأعلام التونسية، وأشعلوا الألعاب النارية، فيما هتف آخرون "نبيل انتهى". 

 

وتنقل الصحيفة عن المحللة المالية رانيا جنابة (32 عاما)، قولها: "أشعر بالفرح والفخر بديمقراطيتنا"، وأضافت: "سيقوم سعيد بالتأكد من احترام القانون والدستور، وسيكافح الفساد". 

 

وينوه التقرير إلى أنه "في منطقة يحكمها ملوك ومستبدون وعائلات، فإن تونس عرضت، مرة أخرى، مكانتها المتميزة للعالم العربي، وتدفق الملايين إلى صناديق الاقتراع ليختاروا بين شخصين خارجين عن المؤسسة السياسية في جولة الإعادة، وبعملهم هذا فإنهم أظهروا ازدراءهم للمؤسسة السياسية، التي لم تكن قادرة على حل معدلات البطالة وزيادة الأسعار وغياب الفرص، التي كانت سببا في اندلاع الثورة". 

 

ويقول الكاتب إن السكان الذين شعروا بالخيبة قرروا وضع آمالهم على شخصين، كل منهما نسخة مضادة للآخر؛ وهما نبيل القروي، رجل الأعمال والملياردير صاحب قناة تلفزيونية، الذي قاد حملته من زنزانة السجن، والآخر هو سعيد، وهو أستاذ جامعي لم يكن معروفا، ولم يقد حملة انتخابية بالمعنى الحقيقي، واقترض المال ليسجل اسمه في قائمة الترشيح. 

 

وتورد الصحيفة نقلا عن نجوى ساسي (45 عاما)، قولها: "لقد سئمت من النظام السياسي"، وأضافت ساسي، وهي موظفة في شركة صيدلة وصوتت لسعيد: "لكنني لم أتوقع أننا سننتخب مرشحا من خارج المؤسسة السياسية، وهو ما يجعلني فخورة بديمقراطيتنا". 

 

ويفيد التقرير بأن المحللين يرون أن هذه الدولة الواقعة في شمال أفريقيا تبنت التوجهات الشعبوية التي أطاحت بأنظمة في دول أخرى. 

 

وينقل راغفان نقلا عن المسؤول في المعهد الجمهوري الدولي، الذي راقب مع المعهد الديمقراطي الدولي الانتخابات التونسية، سكوت ماستيك، قوله: "يتطلع الناخبون إلى الوجوه الجديدة، وأحيانا لوجوه جديدة دون سجل"، وأضاف: "وبهذا المعنى، فإن الدينامية في تونس هي مشابهة إلى حد كبير لما يحدث في أوروبا، أكثر من بقية دول المنطقة الأخرى". 

وتستدرك الصحيفة بأنه على خلاف أوروبا، حيث غذت الشعبوية المشاعر المعادية للمهاجرين والسياسة القائمة على معاداة الدين والعرق، فإن كلا من القروي وسعيد تعهدا بمكافحة الفساد واستئصال الفقر وبناء حكومة جيدة، وخلق نظام صحي وتعليمي، وتوفير الاحتياجات الأساسية، مشيرة إلى أن هذا خلافا للانتخابات في دول عربية أخرى، حيث لا يوجد للسكان فيها صوت حقيقي، وتكون الانتخابات فيها مزورة. 

 

ويورد التقرير نقلا عن سوسن عطية (35 عاما)، التي تعمل في شركة لتزويد المياه، قولها: "نحن التونسيون غاضبون من الرؤساء والحكومات السابقة"، وأضافت: "لقد خيبوا أملنا، واليوم الدينار ينهار، والفساد في كل مكان، والشباب مثلي يريدون أن تكون تونس مثل الولايات المتحدة وفرنسا". 

 

ويشير الكاتب إلى أن سعيد والقروي جاءا في المرتبة الأولى والثانية في الجولة الأولى ضد 26 مرشحا، الذين كان بينهم مرشح حزب النهضة وآخرون متعاطفون مع زين العابدين بن علي، الذي أطاحت به الثورة ومات في المنفى في السعودية الشهر الماضي، لافتة إلى أن الانتخابات جاءت بعد شهر من وفاة الرئيس الباجي قايد السبسي، الذي انتخب عام 2014.

 

وتذكر الصحيفة أن القروي قاد حملته من السجن، وقدم نفسه على أنه زعيم شعبوي يدافع عن الفقراء والمحرومين الذين تجاهلتهم المؤسسة السياسية، وتمت مقارنة أسلوبه مع أسلوب الرئيس دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإيطالي السابق سيلفيو برلسكوني، مشيرة إلى أنه تم الإفراج عنه يوم الأربعاء ليخوض الانتخابات، لكن الاتهامات لا تزال قائمة.

 

وينقل التقرير عن عطية، قولها: "لدى القروي برنامج اقتصادي، وهو مثلي، ولا أصدق الاتهامات الموجهة ضده". 

 

ويلفت راغفان إلى أنه في المقابل، فإن سعيد ليس مرتبطا بحزب سياسي، ولم يخض حملات انتخابية، أو يعلق ملصقات له، بل اكتفى بزيارة الناس في بيوتهم، لافتا إلى أن سعيد يعرف بالمحافظة، ويطلق عليه بالروبوت بسبب طريقة كلامه، واحترمه الكثيرون لقراره خوض الانتخابات رغم قلة الموارد المالية. 

 

وتورد الصحيفة نقلا عن المحامي محمد عبيدي (40 عاما)، قوله: "لا نريد رئيسا خرج للتو من السجن.. يمكن لسعيد التواصل مع الناس".  

 

ويستدرك التقرير بأنه سيواجه تحديات، خاصة بعد فوز حركة النهضة في مقاعد البرلمان في الأسبوع الماضي، فيما فازت أحزاب أخرى، مثل قلب تونس بزعامة القروي.

 

وتختم "واشنطن بوست" تقريرها بالإشارة إلى قول ماستيك: "ننظر إلى واقع متشرذم في البرلمان.. هناك عمل كبير يجب بذله لتشكيل تحالف للحكم".

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)

التعليقات (0)