مقابلات

"عربي21" تزور أهالي "الورّاق" وتستمع لمعانتهم وحصارهم

النظام المصري قام بإخلاء وتهجير بعض المناطق من سكانها- تويتر
النظام المصري قام بإخلاء وتهجير بعض المناطق من سكانها- تويتر

كشف عضور بارز في مجلس عائلات جزيرة الوراق بنهر النيل في مصر، عن تفاقم الأزمة بين الأهالي والحكومة المصرية؛ نتيجة إصرار الأخيرة على إخلاء الجزيرة إسوة بمنطقة مثلث ماسبيرو على النيل، ومنطقة نزلة السمان بالهرم.

وفي مقابلة خاصة مع "عربي21"، اتهم "محمود الشامي"، اسم مستعار، الحكومة المصرية بعدم المصارحة والشفافية، والتعامل مع الأهالي باعتبارهم سكان من الدرجة الثانية، وبدون وعي لحقوقهم ومسؤولياتهم، والنظر لهم نظرة الخارجين عن القانون.

وأكد أن ممارسات الحكومة السابقة، وتاريخهم السيء مع الإخلاءات السابقة جعلتهم يفقدون الثقة فيها، ولا يصدقون وعودها، وزادتهم إصرارا على مواقفهم ومطالبهم، داعيا ممثلي الحكومة إلى الاقتناع بأنهم أمام سكان لهم حقوقهم.

وشدد الشامي على أن سكان الجزيرة مع أي خيار تطرحه الحكومة، إلا خيار التهجير مهما كان الثمن، وأن قبورهم تحت أقدامهم، وشكك في إمكانية التواصل لحل مع الدولة.

كما اتهم الحكومة بمحاصرة الجزيرة، ومنع دخل مواد بناء إليها، وتحويلها إلى ثكنات عسكرية؛ بهدف ترويع المواطنين، وأخذ بعض سكانها رهينة سواء بالحبس أو طلب ضبطهم وإحضارهم.

وتاليا نص المقابلة:

ما هو دور مجلس عائلات حزيرة الوراق ؟

 

 مجلس العائلات هو الكيان الوحيد الرسمي المتحدث باسم أهالي الجزيرة، نحو 130 ألف ساكن، أنشئ بعد أحداث 16 تموز/ يوليو 2017، لمواجهة تغول النظام، ومن أجل توحيد المواقف، والحديث من على منصة واحدة، ونشر البيانات والإعلانات الخاصة بتحركات الأهالي، والمسؤول عن الدعوة أو إقامة الفعاليات.

ممن يتكون المجلس وما هي وسيلته في التواصل مع الأهالي؟

 

هو ممثل عن العائلات التي يتجاوز عددها 80 عائلة، والممثل الشرعي لهم في أي مفاوضات مع الدولة، وهو مكون من كل العائلات الموجودة بالجزيرة، كل عائلة له ممثل وأكثر للتحدث بلسان عائلته، ومن ثم لسان عائلات الجزيرة كلها.

صف لنا الأجواء التي يعيشها أهالي جزيرة الوراق بعد وضعها على قائمة الإخلاء؟

 

الدولة تمارس حملات ترهيب متنوعة على أهالي الجزيرة، بداية من نشر قوات الأمن المركزي والمدرعات، واحتلال المعديات (العبارات) الست التي تربط الجزيرة بالعالم الخارجي، وهي شريان الحياة بالنسبة لنا.

فمثلا.. هناك رتب شرطية وأمنية من مختلف الأجهزة على كل معدية "عبارة" تمنع حتى دخول كيلو أسمنت للجزيرة من أجل ترميم أي جزء في المنزل، فقد منعوا مواد البناء تماما، وفي يوما ما حاولوا منع جهاز (عفش) عريس لولا وقوقف الأهالي وإجبار القوات على دخوله.

هل هناك حصار تفرضه الدولة على الجزيرة؟

 

بات هناك حصار من الخارج والداخل، يوجد نقطة ارتكاز أمنية كبيرة أسفل محور روض الفرج الذي يمر بالجزيرة بها جنود ومدرعات.

ماذا عن مسيرات أهالي الجزيرة .. ما الهدف منها؟

 

خرج آلاف من سكان الجزيرة الجمعة الماضية في مسيرات جابت الجزيرة طولا وعرضا؛ لإعلان مطالبهم والتأكيد عليها، ومستمرون فيها للنهاية.

لماذا أخذت أزمة جزيرة الوراق كل هذا الزخم دون غيرها من المناطق التي تم إخلائها؟
أزمة جزيرة الوراق أخذت زخما أكثر من أي أزمة إخلاءات أخرى كمثلث ماسبيرو ونزلة السمان؛ السبب الأول والرئيسي هو أن الدولة ليس لديها أي نية للإفصاح عن حقيقة أهدافها، هل تريد تطوير أم تهجير؟

بداية من قرار عاطف عبيد ( رئيس وزراء مصر في عهد مبارك) الذي حولها لمحمية طبيعية، انتهاء بضمها لهيئة المجتمعات العمرانية.

هل لكم شروط للتحاور؟

 

إذا كان لديهم هدف التطوير إذن لابد أن يكون هناك نية للجلوس مع الأهالي والتحاور معهم، وتوضيح كيفية التطوير كتحويل المنطقة من حياة ريفية إلى حياة حضرية بتطوير البنية التحتية والمباني، لكن حتى الآن لا يوجد أي إفصاح عن النوايا.

ما هو تاريخ الأزمة الحقيقي مع السلطات المصرية؟

 

في 16 تموز/ يوليو 2017، وهو يوم تاريخي في الجزيرة؛ حيث تمت فيه محاصرة الجزيرة ومهاجمتها بمختلف أنواع المدرعات من قبل قوات الأمن بحجة إزالة التعديات على نهر النيل، والتي خالفت كل القوانين في تنفيذه.

الحملة أسفرت عن اسشتهاد أحد أبناء الجزيرة، وإصابة البعض واعتقال 18 آخرين، والتحفظ على بعض المحتجزين، ومضايقة الجنازة بإطلاق النار وقطع الكهرباء واحجتاز الجثة في مبنى أمن الدولة، واقتصار التشييع على عدة أشخاص.

هل هناك انعدام للثقة بين الأهالي والحكومة؟

 

افتقدت الثقة من ذلك اليوم ، خاصة بعد زيارة رئيس الهيئة الهندسية السابق كامل الوزير، والتي قال فيها إن لديه صلاحيات لمنح الأهالي شقق في منطقة الأسمرات، وهي منطقة بديلة للعشوائيات تضم شققا حكومية رخيصة، بدلا من أن يحدثنا عن مصير المعتقلين، أو محاسبة المسؤولين عما حدث، والكشف لنا عن مصير الجزيرة.

هل رفضكم لثمن المغادرة أم لمبدأ المغادرة أصلا؟


نحن نرفض مبدأ البيع أصلا وليس عرض للبيع، والذين باعوا للدولة نسبة قليلة جدا لا تتجاوز 5- 10% بالمئة وغالبيتهم لا يقطنون هنا. يوجد نحو 130 ألف هنا من أصل 80 عائلة، في كل عائلة لم يبع إلا أفراد وليس عائلات.

كما أن ثمن المتر زهاء 1428 جنيه، وإن وافقنا على البيع فهو من أجل الشراء في مكان آخر بالجزيرة وليس للخروج منها، ثم إن مبدأ الخروج خارج الجزيرة مرفوض شكلا وموضوعا.

كيف تتفاوض معكم الدولة؟

 

الموضوع مع الدولة تراكمي؛ بدأ بشكل خاطئ، وتعاملت على أننا لا حقوق لنا، وأن أي فتات سنرضى به، وأننا سنتخلى عن أرضنا بعد رشنا بعض المياه، أو ملاحقتنا بالخرطوش، أو القبض على بعض السكان، أو حصار الجزيرة.

لقد أثبتنا وعيا كاملا عندما قررت الدولة إقامة محور روض الفرج ومروره من الجزيرة، وهو دليل على تعاطينا بإيجابية مع الصراحة؛ الدولة كانت واضحة عندما أعلنت أنها تريد عمل محور للمنفعة العامة لكنهم عندما طالبوا بمئة متر حرم للطريق اعترضنا لإنه تجاوز لا نقبله.

ما هي الممارسات التعسفية ضد أهالي الجزيرة؟

 

في 13 آذار/ مارس الماضي، اعتقلت السلطات ثلاث أفراد من الجزيرة هم: الشيخ سيد مصطفى، وإبراهيم شعراوي، وأحمد جمال من خلال أكمنة معدة مسبقة أثناء عودتهم من العمل، وطالبنا بإخراجهم، لكنهم طالبونا بالتنازل عن الطعن الموجود في المحكمة ضد قرار رئيس الوزراء بتحويل المنطقة لهيئة المجتمعات العمرانية .

ما هي حصيلة المحبوسين والموضوعين على ذمم قضايا إرهاب وتحريض؟

 

هناك أربعة محبوسين، كان آخرهم الشيخ ناصر أبو العينين أثناء عودته من الحج وظهر في قسم الوراق وتم عمل له قضية الانضمام لجماعة إرهابية والتحريض على التظاهر وحمل السلاح.

هناك 85 شخص مطلوبين، من بينهم 22 اسم "دائرة إرهاب" بينهم خمس محامين، وجلستهم 14 سبتمبر المقبل، وتم إضافة 25 اسما لاحقا، ثم 35 اسما حولهم النائب العام إلى محكمة الجنيات بنفس التهم.

هل أظهرت الدولة أي حسن نية تجاه ملف المحتجزين والمطلوببين؟

 

بعد احتجاز الشيخ ناصر كان لابد من إتخاذ موقف قوي؛ لأن سكوتنا يعني التمادي في اعتقالنا واحد تلو الآخر، وكان رد فعلنا قويا ما اضطر القيادات للجلوس معنا ووعدونا بإخراج الأربعة وحذف القضايا بحق الـ 85 مطلوبا مقابل التنازل عن الطعن والتزام الهدوء ولكننا رفضنا، وطالبنا بإبداء حسن النية أولا، وهو ما ظهر عكسه في تجديد حبس الشيخ ناصر.

لماذا يُنظر لكم أنكم ضد الدولة؟

 

نحن مع الدولة في التطوير، وليس التهجير، مع الدولة في الشفافية وليس في اللف والدوران، مع الدولة في التحضر وليس التشريد. مسيراتنا مستمرة حتى إشعار آخر، وإخراج المحبوسين، وإسقاط القضايا الملفقة عن الأهالي.

التعليقات (0)