قضايا وآراء

الملهأساة

هشام عبد الحميد
1300x600
1300x600

لا شك عزيزي القارئ أنك ستستغرب العنوان. لا بأس.


إنه أحد المصطلحات الدرامية التي تُطلق على حالات تراجيدية، من فرط فظاعة ألمها تُفجر ضحكات تعبر عن مرارة الموقف ومأساويته.


اقتبست هذا المصطلح من موقف شديد المأساوية يخُصّ - شهدي نجيب سرور - ابن المبدع نجيب سرور، الذي ألف قصيدة (الأميات) أشهر أعماله على الإطلاق، لما فيها من شجب ونقد وصراحة وجرأة.


تلك القصيدة قد نتفق معها أو نرفض شدة استخدام الكلمات البذيئة فيها؛ والتي تظهر من العنوان فيها إلى النهاية. ولكن من دون شك أن للقصيدة محتوى سياسي وفكري عميق؛ مما يجعلنا غير قادرين على إغفال أننا أمام موهبة فريدة.


رحل نجيب سرور المُبدع  عن عالمنا دون ضجة. وهذا ليس غريبا على بلاد اعتادت تجاهلا أعمى لمبدعيها الغير مسنودين سلطويا.


أراد الابن شهدي سرور أن يعيد نشر قصيدة أبيه الممنوعة سابقا في محاولة من الأمن لطفي خبرها. فنشرها المسكين على صفحته بـ"فيسبوك". انتشرت القصيدة لجمالها الغرائبي ربما، وربما لأن الناس محقونة، ويفيض بها الكيل يوما بعد يوم.


القصيدة التي عرفها القاصي والداني، وأصبحت ليس بمتناول النخبة فقط، بل أيضا بمتناول الجميع؛ مما أدى إلى فتح أبواب جهنم على شهدي الابن. ورُفعت قضية ضده وحُكم عليه بالسجن.


تدبر شهدي أمر هروبه مضطرا، ليعيش في بلاد السند والهند، معانيا شظف العيش. لحظه العاثر يُصاب بالمرض الخبيث ويعاني مرارة عدم القدرة على تدبير مصاريف العلاج.


هنا تحركت أسرة شهدي الملتاعة؛ وحاولت عبثا تحريك المياه الراكدة. تعاطفت وزيرة الثقافة إيناس عبد الدايم. واتصلت بأهله واعدة بتأمين مصاريف العلاج. لكن يبدو أن المبادرة جاءت متأخرة. ليرحل شهدي عن عالمنا في موكب ملهأساوي دون ضجيج أيضا لمجرد نشر قصيدة على "فيسبوك".
 
إنها مجرد قصيدة على وجه افترضي. وليست مدفعا ضد وجه حقيقي.

0
التعليقات (0)

خبر عاجل