هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
اختلفت المواقف حول الدعوة للعصيان المدني التي تردد صداها في الاحتجاجات التي عرفتها الجزائر الجمعة الماضي، بين مؤيد يرى فيها وسيلة للضغط على السلطة للاستجابة لمطالب الحراك، وبين محذر من تبعات هذا العصيان الذي قد يؤثر سلبا على استقرار البلاد.
وخلال مسيرات الجمعة الأخيرة بالعاصمة، توعد متظاهرون النظام باللجوء إلى العصيان المدني في الفترة التي تعقب عيد الأضحى، وهو ما وثّقته العديد من الفيديوهات المنتشرة بكثرة على مواقع التواصل الاجتماعي.
ومن مبررات بعض المتظاهرين الذين يرفعون هذه الفكرة، عجز أسلوب التظاهر الأسبوعي عن دفع النظام إلى القبول بمطالب الحراك الشعبي، بدليل بقاء نفس الواجهة المدنية للحكم رغم الإلحاح على تغييرها.
ورفضت العديد من الحسابات وصفحات شبكات التواصل الاجتماعي العصيان المدني من بينها صفحة "الجزائر العميقة" التي اقترحت لإجهاض هذه الدعوة "طرد كل موظف لدى الدولة يقوم بالعصيان المدني وتعويضه بشباب من خريجي الجامعات المدارس العليا، والتشميع لكل محل يقوم بالغلق على أساس العصيان المدني".
بدوره رفض عالم الفيزياء الجزائري البروفيسور جمال ضو فكرة العصيان المدني ودعا إلى الوقوف ضدها، مؤكدا في تدوينة على حسابه بـ"فيسبوك"، أن "هذا المشروع لن يخدم الأغلبية الشعبية في شيء، وهو يقينا مشروع من يمتلكون مفاصل الإدارة وكثير من المؤسسات ويحركون النقابات".
فيما أكد الإعلامي في قناة الجزيرة، حفيظ الدراجي، أن "العصيان المدني لن يخدم ثورة الشعب ولن يخدم الوطن بقدر ما يخدم بقايا النظام التي تدفع إليه لتعفين الوضع..".
وأضاف في تدوينة على حسابه بـ"فيسبوك" أن "بقاء الوطن بين أيدي العصابة أخطر من الإضراب وأخطر من العصيان والاعتصام، لكن السلمية ستبقى سلاحنا مهما حصل من استفزاز وابتزاز..".
بدوره قال رئيس الاتحاد الدولي لمكافحة الفساد الرياضي، مراد مزار، إن الشعب الجزائري ينتظر "بفارغ الصبر هذا العصيان المدني المزعوم ليميز الخبيث من الطيب، وليفتضح المندسون وأتباع الانفصاليين والمستعملين لضرب استقرار الوطن ووحدته..".
وأضاف في تدوينة على حسابه بـ"فيسبوك" أن "الشعب يدرك أن العصيان المدني والفوضى هي مطلب العصابة وأذرعها، وأن أمن واستقرار الوطن سيزيد من التضييق عليها، وأن مضاعفة العمل في كل القطاعات وفي جميع المواقع هو السبيل الأساسي لهذا الاستقرار وهذا الأمن".
من جانبه قال الأمين العام لحزب التجمع الوطني الديمقراطي بالنيابة بالنيابة عز الدين ميهوبي إن فكرة العصيان المدني في الحراك الشعبي، "لن يكتب لها النجاح خصوصا وأنها طرحت في الأيام الأولى منذ 22 فيفري الفارط لكنها لم تمتد داخل أوساط الحراكيين".
المدون محمد لمين بليلي قال في منشور له على صفحته بـ"فيسبوك" إن من يدفع الشعب الجزائري للعصيان المدني يريد استعماله "كحصان طروادة من أجل تدويل القضية دوليا والإطاحة بالمؤسسة العسكرية التي وجهت لهم في الأسابيع الماضية صفعة تلوى الأخرى، لهذا يريدون استغلال قلة وعي البعض والذين يتحركون بالعاطفة (لا علاقة بين السياسة والعاطفة) من أجل إيصال قضية الجزائر لمجلس الأمن".
بالمقابل، نشرت صفحة "الجزائر" تدوينة قالت فيها إن "العصيان المدني المرحلة الأخيرة قبل النصر والذي يعتبر أكبر سلاح سلمي في يد الشعوب المتحضرة".
العضو المؤسس في حركة رشاد الجزائرية المعارضة، الديبلوماسي السابق محمد العربي زيتوت دعا بدوره إلى عصيان مدني إلا أنه رفض أن يكون عصيانا شاملا وقال إنه يفضل أن يكون عصيانا يمس جزءا من القطاعات ومحددا في مدة زمنية معنية وليست مطلقة.
ويُطالب الحراك الشعبي منذ استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في 2 نيسان/ أبريل الماضي، برحيل من يسميهم "الباءات" والذين تبقى منهم رئيس الدولة المؤقت عبد القادر بن صالح، والوزير الأول نور الدين بدوي، لكن ذلك لم يتحقق إلى اليوم.