كتاب عربي 21

الجديد في بيان جماعة المكتب العام للإخوان

عزام التـميمي
1300x600
1300x600

تنوعت تجارب الحركات الإخوانية حول العالم في الإقبال على العمل السياسي حيثما فتحت أبوابه.

 

والمقصود بالعمل السياسي هنا الممارسة الديمقراطية التي يسمح بها النظام القائم، بغض النظر عن مدي ضيقها أو محدوديتها. والأصل في النظام الديمقراطي أنه يقوم على التعددية الحزبية، بمعنى أن القوى السياسية تشكل أحزاباً تخوض غمار المنافسة على قلوب وعقول العامة من خلال تقديم برنامج سياسي، إلا أن النظم الحاكمة في العالم العربي لم تكن دوماً تسمح بالتعددية الحزبية، ولئن سمحت فهي تفرض من القيود ما يحول دون إتاحة الفرصة للأحزاب بالعمل بحرية أو ما يحرمها من الحقوق المتساوية، وخاصة فيما يتعلق بحق الحصول على الموارد. 

 

الحقيقة التي لا مراء فيها أن العسكر في مصر ما كانوا ليسمحوا للسلطة بأن تفلت من قبضتهم أياً كان القادم الجديد إليها، وما كانت المنظومة الإقليمية التي تتزعمها الإمارات والسعودية لتسمح بتحول ديمقراطي مهما كانت نسبته

آثرت بعض الحركات مثلما حدث في الأردن ومصر وموريتانيا والكويت، تأسيس حزب سياسي خاص بها، بينما رأت حركات أخرى، مثلما حدث في تونس واليمن، أن تتحول بأسرها إلى حزب سياسي. ولربما كانت ظروف كل واحدة من هذه الحركات هي التي تملي عليها الخيار الذي مالت إليه.

 
كان ذلك في الأغلب في فترة ما قبل الربيع العربي حيث سمح النظام بتأسيس أحزاب سياسية مستقلة – ولم يكن ذلك مسموحاً به في مصر، فاضطر الإخوان إلى المشاركة في العملية السياسية من خلال أحزاب سياسية قائمة.

 

أما بعد أن أطاح الثوار برؤوس أربعة من أطول الطواغيت حكماً في العالم العربي – في تونس ومصر وليبيا واليمن – فقد بدأت تتشكل نواة منظومة ديمقراطية حقيقية، بما أتاح الفرصة لتعددية حزبية حقيقية، وللمرة الأولى في هذه البلدان، رغم قصر عمر التجربة.
 
ما يقترحه جماعة المكتب العام للإخوان المسلمين مارسه الإخوان في مصر قبل الثورة مضطرين عندما لم يكن مسموحاً لهم بتأسيس حزب، أما بعد الثورة، فلم يعد ذلك مبرراً بحال. بل لقد أثبت الحزب الذي أسسته الجماعة أنه كان صاحب المصداقية الأعلى في كل عملية اقتراع جرت إلى أن وقع الانقلاب المشؤوم.
 

إن الشيء الوحيد الذي كان بإمكانه إبطال مكائد هؤلاء المتربصين بربيع مصر هو وعي الشعب المصري وتماسكه ووقوفه صفاً واحداً للدفاع عن حقه في الحرية والكرامة.

ماذا يعني الآن أن يطرح أصحاب المكتب العام أنهم لن يشكلوا حزباً سياسياً، بل سيسمحون "للأعضاء والمتخصصين والعلماء من أبناء الجماعة بالانخراط في العمل السياسي من خلال الانتشار مع الأحزاب والحركات التي تتقاطع مع رؤيتهم لنهضة الأمة."
 
قد يُفهم من ذلك أنهم خلصوا من خلال "مراجعاتهم" إلى أن تشكيل حزب الحرية والعدالة كان خطأ وأن المشاركة في العملية الديمقراطية من خلال التنافس "الحزبي" كان سبباً فيما جرى للإخوان في مصر.

 

بل ربما يظنون أنه لو نأى الإخوان بأنفسهم عن المشاركة في العملية الديمقراطية لربما كانت مصر اليوم واحدة من واحات الأمن والأمان، ولما قتل فيها من قتل وشرد منها من شرد ولما كان في سجونها سوى حفنة من مجرمي الحق العام.
 
والحقيقة التي لا مراء فيها أن العسكر في مصر ما كانوا ليسمحوا للسلطة بأن تفلت من قبضتهم أياً كان القادم الجديد إليها، وما كانت المنظومة الإقليمية التي تتزعمها الإمارات والسعودية لتسمح بتحول ديمقراطي مهما كانت نسبته خشية على نفسها من انتشار العدوى في أرجائها، وما كان الكيان الصهيوني ليهنأ له بال أو يغمض له جفن وبجواره بلد عظيم يخطو – ولو ببطء وتؤدة – نحو الحرية والنهضة.
 
إن الشيء الوحيد الذي كان بإمكانه إبطال مكائد هؤلاء المتربصين بربيع مصر هو وعي الشعب المصري وتماسكه ووقوفه صفاً واحداً للدفاع عن حقه في الحرية والكرامة.
 
للأسف، أتى المتربصون بديمقراطية مصر الشعب المصري من نقطة ضعفه، المتمثلة بتدني مستوى الوعي لدى قطاعات منه، وبما مارسته بعض النخب السياسية من غدر بسبب الحقد والحسد والغيرة الفتاكة، فانحازت في لحظة غياب الوعي إلى القتلة الذين وأدوا التجربة في مهدها.
 
جديد المكتب العام ينم عن عدم استيعاب لما جرى لمصر خلال السنوات الماضية، بقدر ما ينم عن عدم إدراك لمعنى الممارسة الديمقراطية.

 

وما أخشاه أن ينم ذلك أيضاً عن شعور بالهزيمة واستسلام للقوة الغاشمة التي كل همها تحييد الإخوان وإقصاؤهم من العمل السياسي.
 
أن تشكل جماعة إصلاحية حزباً سياسياً تتقدم من خلاله إلى الجماهير ببرنامجها الإصلاحي هو الأصل في الممارسة الديمقراطية.

 

لكن لو اختارت جماعة ما ألا تفعل ذلك، واكتفت بغير السياسة نشاطاً لها، فذلك هو خيارها واجتهادها. لكن لا يجوز بحال أن يصدر مثل هذا الاجتهاد في حالة ضعف، ولا داخل الأسر. بل يعتبر مثل ذلك في حالة القهر والاضطهاد استسلاماً وانصياعاً، عن قصد أو عن غير قصد، لرغبات الطاغية.
 

7
التعليقات (7)
بقي تفعيل القرار
الأربعاء، 03-07-2019 05:00 م
بعد هذا القرار من الإخوان المسلمين بعدم تشكيل حزب سياسي سنرى بإذن الله أن الحلقة إكتملت على نظام اسيسي، وسنرى بإذن الله أن من يديرون عمليهم السيسي من الغرب إمر ودون تفويض ببدأ مرحلة جديدة ولكن فات الوقت، بإذن الله مسألة وقت وقصير، فقط يأخوان المسلمين بمصر فعلوا ما قررتم وبادروا وعندكم الوقت، حيث إنشاء الله بعد تفعليكم لن يمر أي شيء يرتكبه السيسي دون كوارث تعود عليه، وككل مسلم، وما النصر إلا من عند الله.
قرار الإخوان صائب
الأربعاء، 03-07-2019 04:47 م
بيان جماعة الإخوان المسلمين بعدم تشكيل حزب سياسي هو التقوى والإيمان بالله وعدم النفاق مع النفس، هنا صار شعار الأخوان المسلمون وهو القرأن صادقا ولا يجرأ أي حزب سياسي أخر أن يدعي مخالفته للدستور حيث الإخوان ليس حزبا سياسيا بل دعوي وإصلاحي، هذا طريق وطريق صادق، أما كاتب المقال فسؤال بسيط له، إذا كنت حزب ودستورك كدستور مصر سنة 2012 والذي يوافق عليه كاتب هذاالمقال، هل سترفض وأنت وزير التوقيع على فتح ملاهي وبيع الخمور والفن ووو وأنت تدعي أنك تطبق الإسلام، هذا الوضع الأن وهذا الحال الأن فلا لف ولا دوران، هذا هو معنى قرار جماعة الأخوان المسلمين بعدم تشكيل حزب سياسي.
متفائل
الأربعاء، 03-07-2019 01:27 م
السيد عزام يتحدث عن تجربة الإخوان في عالم العمل السياسي من خلال مكتبها العام ، اليوم ، و تحديدا انطلاقا من التجربة المصرية الأم ، حتى و إن لم يحدد ذلك ، فقط هو يحاول أن يقدم نفسه بمثابة المراقب للشأن الإخواني ، و كأنه لا يمت لهذه التجربة و هذا التنظيم بأي صلة تنظيمية ، و هذه هي المصيبة . و إن دل هذا فإنما يدل على كون الإخوان من بعد الشيخ حسن البنا ، و سيد قطب ، رحمهما الله ، و بسبب أمثال السيد التميمي ، تحولوا إلى ما نعبر عنه : " ادعاء أكثر منه دعوة ، و تنظيم أكثر منه نظام حياة " . أما ما قصده السيد التميمي بوعي الشعب المصري ، فهو وعيه و وعي امثاله الذين باتوا لا يفهمون شيئا ذي صلة بضمير الشعب ، من قريب أو من بعيد . و على هذا الأساس بات سهلا على عزام الإشارة إلى المكتب العام ، مثله مثل مكتب النائب العام المصري الذي يتلقى الأوامر للتنفيذ ، و حاشى أن يكون كذلك . فقط : إذا أراد عزام أن يسترجع القليل من حياة الضمير أن ينزل لرجل الشعب المصري ، و رجل الشعب الفلسطيني ، و رجل الشعب اليمني ، فينصت قليلا إلى ما هو فعلا وعيا بديلا على طريق دور و رسالة الشهادة . و شكرا .
adem
الأربعاء، 03-07-2019 01:12 ص
إن لم تخني ذاكرتي لجماعة الإخوان قيادة شرعية ممثلة في نائب المرشد و محاولة البعض بحسن نية أو ل..... ركوب الموجة للاستلاء على الجماعة بينما الآلاف من القيادات داخل السجون قلة مروءة ، زد على ذلك يقول هؤلاء أنهم نتاج اتخابات داخلية في مختف محافظات مصر ؟!! في عز انقلاب فاشي دموي ؟! اللهم إلا إذا تمّ ذلك الأمر تحت أنفاق حماس في غزة؟! بالنسبة للأخطاء و المراجعات سيتم في وقته و في الظروف المناسبة بمشاركة الجميع بعيدا عن الأنانية و الانتهازية
هادى جلال
الثلاثاء، 02-07-2019 08:02 م
بداية المقال وضع مفهوم انهزامى للعمل السياسي فيقول (والمقصود بالعمل السياسي هنا الممارسة الديمقراطية التي يسمح بها النظام القائم، بغض النظر عن مدي ضيقها أو محدوديتها) وبناء عليه جاء ما ترتب عليه حقائق غريبة افترضها الكاتب مثل 1 الحقيقة التي لا مراء فيها أن العسكر في مصر ما كانوا ليسمحوا للسلطة بأن تفلت من قبضتهم أياً كان القادم الجديد إليها، وما كانت المنظومة الإقليمية التي تتزعمها الإمارات والسعودية لتسمح بتحول ديمقراطي مهما كانت نسبته. 2 إن الشيء الوحيد الذي كان بإمكانه إبطال مكائد هؤلاء المتربصين بربيع مصر هو وعي الشعب المصري وتماسكه ووقوفه صفاً واحداً للدفاع عن حقه في الحرية والكرامة. 3 أن تشكل جماعة إصلاحية حزباً سياسياً تتقدم من خلاله إلى الجماهير ببرنامجها الإصلاحي هو الأصل في الممارسة الديمقراطية.