حقوق وحريات

تقارير دولية تكشف انتهاكات نظام السيسي ..لماذا الآن؟

تحدث تحقيق أجرته "رويترز" مؤخرا أن نحو 465 شخصا قُتلوا على يد قوات الأمن منذ منتصف 2015 وحتى نهاية 2018- فيسبوك
تحدث تحقيق أجرته "رويترز" مؤخرا أن نحو 465 شخصا قُتلوا على يد قوات الأمن منذ منتصف 2015 وحتى نهاية 2018- فيسبوك

أثار تحقيق استقصائي لوكالة الأنباء العالمية "رويترز" بشأن قتل السلطات المصرية لمعارضين خارج إطار القانون من قبل أجهزة الأمن، ردود فعل واسعة.

ورحب حقوقيون وسياسيون بالتحقيق، وقالوا في تصريحات لـ"عربي21"، إن التقرير يعزز التقارير الحقوقية المحلية والدولية، ويدحض مزاعم وزارة الداخلية بأنهم قتلوا في "اشتباكات" مسلحة.

وشددوا على أن التقرير يؤكد ما وثقته العديد من المنظمات الحقوقية، بشأن انتهاج نظام السيسي القتل خارج القانون تحت مسمى "العدالة الناجزة"، ويثير علامات حول توقيتها.

وأظهر تحليل أجرته "رويترز"، مؤخرا لبيانات وزارة الداخلية، أن نحو 465 شخصا قُتلوا على يد قوات الأمن منذ منتصف 2015 وحتى نهاية 2018، وأنه لم يبق على قيد الحياة سوى ستة فقط من المشتبه بهم من بين 471 رجلا في 108 وقائع، أي إن نسبة القتلى فيها بلغت 98.7 في المئة.

وقال أحدث تقرير سنوي أصدرته وزارة الخارجية الأمريكية عن حقوق الإنسان في مصر في آذار/ مارس، إن الانتهاكات شملت القتل التعسفي أو خارج نطاق القانون على أيدي الحكومة أو رجالها والاختفاء القسري والتعذيب.

إحصاءات وأرقام

وكان أغلب القتلى في العشرينيات من العمر، وأصغرهم في السادسة عشرة وأكبرهم سنا عمره 61 عاما. ووصفت وزارة الداخلية 320 من القتلى بأنهم "إرهابيون" و28 بأنهم مجرمون أو تجار مخدرات.

ولا توجد إحصاءات رسمية أو دقيقة عن أعداد القتلى خارج إطار القانون منذ انقلاب تموز/يوليو 2013 لغياب البيانات والمعلومات، والتضييق على العمل الحقوقي، ومنع الحقوقيين من جمع المعلومات وملاحقتهم، وغلق مراكزهم الحقوقية.

إلا أن مركز الشهاب لحقوق الإنسان، ومركز عدالة لحقوق الإنسان، والتنسيقية المصرية للحقوق والحريات، قدروا أعداد ضحايا جرائم القتل التعسفي خارج نطاق القضاء، حتى منتصف العام الماضي بنحو 2600 شخص.

"سياسة القتل"

وأكد الباحث الحقوقي في التنسيقية المصرية للحقوق والحريات أحمد العطار لـ"عربي21"، أن "هناك مئات الحالات التي قتلت بيد قوات الأمن وهم بحوزتهم، ثم زعموا مقتلهم في اشتباكات مباشرة بالأسلحة، وقمنا بتوثيق عشرات الحالات التي تم التخلص منها بالطريقة نفسها".

وأضاف أن "تحليل وكالة رويترز يفند بالطبع مزاعم السلطات المصرية، ويؤكد صحة التقارير الحقوقية التي تحدثت عن هذا النوع من الجرائم ضد الإنسانية، بحق معارضين معتقلين في يدهم، وقتلهم بدم بارد ثمنا لإخفاقات قوات الأمن بعد كل عملية مسلحة هنا أو هناك".

وأوضح أن "الأمن الوطني يلجأ إلى ما بات يُعرف بالاختفاء بعد الإفراج من أجل استخدامهم كضحايا مستقبليين، كما حدث مع الشاب أحمد يسري الذي كان قد اعتقل وتم إخلاء سبيله بقرار من المحكمة، وعند ترحيله لقسم الشرطة تمهيدا للإفراج عنه، فإذا بزوجته تتعرف عليه من ملابسه ضمن الأشخاص الذين أعلنت وزارة الداخلية تصفيتهم بزعم قيامهم بعمليات إرهابية، ولم تعلن عن اسمه ولم تسلم جثمانه للآن".

"شهادة من الواقع"

وتواصلت "عربي21" مع أسرة أحد الضحايا ويدعى أشرف القزاز، وأكدوا بدورهم "أنه قتل داخل شقة شقيقته بمنطقة كرداسة بالجيزة، في تشرين أول/ أكتوبر 2016، بعد اقتحام قوات الأمن للمنزل، وطرد الأسرة، ومحاصرة الشوارع المجاورة".

وأضافت أن "قوات الأمن احتجزت أشرف لمدة أربع ساعات داخل الشقة منذ الخامسة فجرا وحتى التاسعة صباحا، تعرض خلالها لضرب مبرح، وتعذيب شديد بالكهرباء، والضرب بأدوات حادة، ثم رموه بأربع رصاصات في جسمه، ثم نقلوه إلى سيارة إسعاف إلى مشرحة زينهم بالقاهرة، وتعنتوا في تسليم جثمانه حتى الساعة الثامنة مساء من اليوم نفسه".

وزعمت الداخلية حينئذ في بيان لها أنه "توافرت معلومات لقطاع الأمن الوطني تفيد بتردد الجهادي الهارب أشرف إدريس القزاز، المحكوم عليه بالإعدام في قضية اقتحام وحرق مركز شرطة كرداسة، وقتل والتمثيل بجثث عدد من ضباط وأفراد المركز، على منزل شقيقته، حيث تم إعداد الأكمنة اللازمة واستهدافه فجر (ذاك) اليوم، بعد تبادل لإطلاق النار في أثناء مداهمة القوات الأمنية لمخبئه".

"لماذا الآن"

قال مؤسس تيار الأمة، ورئيس حزب الفضيلة محمود فتحي، لـ"عربي21"، إن "العبرة ليست بتقرير رويترز، ولكن باتخاذ فعل على الأرض، فالمنظمات الحقوقية لا تحتاج إلى تقرير رويترز لإثبات قتل نحو 500 شخص خارج إطار القانون؛ فالعالم كله شهد مذابح رابعة والنهضة وغيرها على الهواء مباشرة، ولم يحرك ساكنا".

وتساءل: "لماذا في هذا التوقيت ينشر مثل هذه التقارير المعروفة للجميع سوى الحصول على تنازلات أكثر من السيسي، خاصة مع بدء العد التنازلي لإقرار ما يسمى بالتعديلات الدستورية التي تمكنه من حكم البلاد بقوة الحديد والنار".

ولم يستبعد "كشف مثال هذه التقارير مع اقتراب أجل صفقة القرن"، مشيرا إلى أنه "يبقى احتمال أن رويترز وغيرها من المنظمات، استشعرت الخطر في ظل الحراك في الجزائر والسودان وغيرهما أن مصر تشتعل، ويحذرون الغرب بأن السيسي هو الكبريت الذي سوف يشعل مصر، التي إذا اشتعلت ستشتعل المنطقة برمتها، ومن ثم تنبهوا قبل أن تمضي المنطقة إلى الفوضى".

 

اقرأ أيضا: تحقيق.. هكذا قتل الأمن المصري مئات الشباب بحجة "الاشتباك"

التعليقات (0)