هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
لم تمض 3 أشهر على اعادة العمل بمعبر نصيب-جابر حتى بدأت العلاقات الأردنية السورية تسير نحو التقارب، كان آخرها إعلان الأردن، الثلاثاء، رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي بين البلدين، بعد شبه قطيعة بدأت منذ سبع سنوات على خلفية انطلاق الثورة السورية.
محللون أردنيون أوضحوا، في حديث لـ"عربي21"، أن "عودة العلاقات الدبلوماسية كاملة بين عمان ودمشق هي مجرد وقت، ضمن عوامل دولية وإقليمية تكبح سرعة عودة هذه العلاقة".
المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية وشؤون المغتربين، سفيان القضاة، أكد لـ"عربي21"، أنه تقرر بالفعل رفع التمثيل الدبلوماسي الأردني في سوريا، وتعيين دبلوماسي برتبة مستشار قائما بالأعمال بالإنابة في السفارة الأردنية في دمشق.
وحسب القضاة، فإن "سفارتنا مفتوحة في سوريا منذ بدء الأزمة، ولم تغلق، وسوريا دولة جارة للأردن، ولنا حدود طويلة مشتركة، فما يحدث الآن أمر طبيعي بعد فتح المعبر الحدودي بيننا".
اقرأ أيضا: مسؤول أردني يوضح قرار رفع التمثيل الدبلوماسي مع سوريا
إعلان الحكومة الأردنية رفع التمثيل الدبلوماسي مع دمشق جاء بعد ساعات من تصريحات للقائم بأعمال السفارة السورية في عمان، أيمن علوش، لراديو البلد المحلي، كشف خلالها رفع الأردن لمستوى تمثيلها في سورية بتعيين دبلوماسي بلقب “مستشار” لدى سفارتها فـي دمشق، معلقا: "يبقى ذلك دون مستوى طموح البلدين".
ويتهم علوش دولا لم يذكرها بالاسم، "ليس لديها مصلحة بأي تقارب عربي – عربي أو سوري – أردني، وتعمل على زرع الفتنة بينها، وتمارس الضغوط لعدم عودة العلاقات بين الدول العربية عموما، وبين دول الجوار خصوصاً".
قائلا: "هناك تطورات في العلاقة بين البلدين، لكن هذه التطورات لم تأخذ البعد السياسي المطلوب، بل بقيت في مجالات محدودة. هي تعكس بالتأكيد الإرادة السياسية للأردن بتوثيق علاقته مع سورية انطلاقاً من إيمانه بذلك، ولكن ضغوط بعض الدول ما زالت تحول دون ذلك.
ضغوط أمريكية
ويعتقد الكاتب الصحفي محمد الروسان، في حديث لـ"عربي21"، أن "الأردن وقع تحت ضغوط وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، الذي زار المملكة مؤخرا، وحال دون توسيع الأردن خياراتها، ومن بينها عدم اعادة كامل العلاقات مع سورية، وفرملة أي علاقات أردنية إيرانية في المستقبل".
التوتر بين عمان ودمشق، وتذبذب العلاقات الرسمية بين البلدين، لم يكن وليد اللحظة، وشهدت العلاقات محطات تاريخية ساهمت في توتر هذه العلاقة، وأخذت منحدرا جديدا في عام 2011، عقب انطلاق الأحداث في سوريا، واتهام دمشق لعمان بتدريب وتسليح المقاتلين، وتسهيل عبور الجهاديين، لتصل إلى القطيعة في العلاقات الرسمية، وصلت إلى حد طرد السفير السوري في عمان بهجت سليمان في عام 2014.
اقرأ أيضا: "أشقاء ألداء" مع عقود من التوتر.. قراءة بعلاقات الأردن وسوريا
الكاتب والمحلل الاستراتيجي، د.عامر السبايلة، يرى أن "الطريق بدأ في إعادة العلاقات مع سوريا وبناء منظومة العمل العربي بالتواجد السوري، بالنسبة للأردن هي خطوة جيدة، لكنها تسير ببطء مقارنة مع بعض الدول العربية، بالرغم من أن الواقع الجغرافي للأردن كان يحتم تسريع عودة العلاقات".
ويقول السبايلة لـ"عربي21": "لم يعد هنالك محرمات أو فيتو على عودة العلاقات الدبلوماسية بين الأردن وسورية، والأردن بحاجة الآن ليكون بوابة العرب للعودة إلى سورية".
تغييرات فرضها الواقع
بدوره، يرى الرئيس السابق للجمعية الأردنية للعلوم السياسية، د.خالد الشنيكات، في حديث لـ"عربي21"، أن " رفع التمثيل الدبلوماسي بين عمان ودمشق هو إعادة تأهيل للعلاقات من جديد، والسير بشكل كامل بين الدولتين، بعد الحسم العسكري من قبل الجيش السوري، ما يعكس اعتراف من قبل بعض الدول بالوضع الراهن".
ويتابع: "هنالك دول عربية ذهبت لقبول انتصار الأسد، وحتى الدول الكبرى يعترفون ضمنيا ببقاء الأسد؛ لوجود اعتقاد لديهم أن الأسد يشكل عامل استقرار ليس الأفضل، لكن أقل سوءا من داعش وغيرها، وبدلا من الدخول في المجهول، هذه التغييرات في المواقف الدولية، ومنها الأردن، بدأت قبيل التدخل الروسي في سوريا".
وأوضح أن "خطوة رفع التمثيل الدبلوماسي ستكون ضمن سلسلة خطوات، كان من ضمنها زيارة وفد برلماني ولقاؤه مع رأس النظام السوري، وفتح المعبر، وانطلاق التجارة بين الطرفين، وكان الأردن عنصرا في إجراء مصالحات مع النظام السوري، وكلها مؤشرات على خطوة رفع التمثيل الدبلوماسي، والاتجاه لاستعادتها بشكل كامل".
واستطاع الأردن ترطيب الأجواء مع دمشق بعد أن قاد مفاوضات بين الجانب الروسي والمعارضة المسلحة في الجنوب السوري، أفضت إلى تسليم السلاح الثقيل وتسليم المعابر الحدودية، مقابل خروج آمن لمن يرغب إلى الشمال السوري، ليفتح معبر نصيب لاحقا، وتعود الحركة التجارية.
رفض لعودة العلاقات
علي الضلاعين، النائب الأسبق ونائب رئيس اللجنة الأردنية لنصرة الشعب السوري، استهجن إعادة رفع التمثيل الدبلوماسي مع نظام الأسد، وسعي بعض الدول العربية لذلك، قائلا لـ"عربي21": "كنا نتمنى عودة العلاقات مع دمشق بعد الخلاص من طاغية الشام وعصاباته التي قتلت وشردت الشعب السوري على مدار خمسة عقود من الزمن".
واستغرب "عودة العلاقات العربية تحت جنح وظل نظام الأسد"، متسائلا: "كيف ستبنى العلاقة مع النظام الذي قتل مليون سوري وشرد 10 مليون، ويقبع في سجونه مليون ونصف معتقل في أسوأ ظروف العيش، فقط لأنهم خالفوا ورفضوا طغيان هذا النظام".
ورغم تحسن العلاقات الرسمية بين عمان ودمشق، إلا أن ملفات كبيرة تبقى عالقة بين الطرفين، أبرزها اللاجئون السوريون في الأردن وخوفهم من العودة، والتواجد الإيراني بالقرب من الحدود الشمالية الأردنية، إلى جانب مخيم الركبان داخل الأراضي السورية، الذي تعتبره المملكة خطرا يهدد أمنها.