نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرا سلطت فيه الضوء على استقبال إيمانويل
ماكرون يوم الاثنين لإدارة المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية من أجل مناقشة مشروع إصلاح قانون
الفصل بين
الكنائس والدولة.
وقالت
الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن الرئيس الفرنسي التقى في السابع من كانون الثاني/ يناير خمسة مسؤولين من المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية لمدة ساعة ونصف، بحضور الوزير الأول، إدوارد فيليب، ووزير الداخلية، كريستوف كاستانير. وكان الهدف من هذا اللقاء الخوض في موضوع تنظيم الإسلام في
فرنسا، وهو الملف الذي تم الإعلان عنه في حزيران / يونيو 2017 من طرف إيمانويل ماكرون.
وأشارت الصحيفة إلى أنه وفقا للإليزيه، يتمحور هذا المشروع حول خمسة محاور تتمثل في مرافقة المسلمين في هيكلة الجمعيات الثقافية، وضمان استقلاليتهم، وانتداب وتكوين الأئمة والفاعلين الدينيين في فرنسا، فضلا عن محاربة الخطب الأصولية والمتطرفة (من خلال معاقبة الجمعية المديرة لمكان العبادة وليس الإمام). فضلا عن جانب آخر لهذا المشروع يتعلق بإصلاح قانون 1905 لفصل الكنائس والدولة، حتى يدعم "هذا القانون مبدأ العلمانية". وقد أثار هذا المشروع، الذي تسربت بعض خطوطه العريضة في أوائل شهر تشرين الثاني/ نوفمبر، غضب أطراف عديدة.
وقد يهدف "هذا الدعم القانوني"، الذي أصرت عليه السلطة التنفيذية من أجل تحسين أطر الإسلام في فرنسا، أساسا إلى "ضمان الشفافية ومراقبة أفضل لتمويل أماكن العبادة من خلال تشجيع الجمعيات الإدارية على التخلي عن النظام الأساسي للجمعيات 1901، ذو الطابع الثقافي، الذي ينظم أكثر من 90 بالمائة من المساجد، والخضوع لقانون 1905". بحسب ما جاء ذلك على لسان نائب رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، أنور كبيبش، معتمدا على التفسيرات التي أدلى بها وزير الداخلية.
وذكرت الصحيفة أن الأمر يتعلق بتشجيع هذه الجمعيات على الانتقال من وضع إلى آخر من خلال نسخ القواعد المفروضة على الجمعيات الخاضعة لقانون 1901 التي تدير أماكن العبادة، على الجمعيات الأخرى التي ينظمها قانون 1905. ومن بين هذه القواعد؛ اللباس الإلزامي أثناء حضور اجتماع عام سنوي أو المصادقة على الحسابات من طرف مدقق حسابات. تجدر الإشارة إلى أن رفض تغيير هذا الوضع يؤدي إلى حرمان هذه الجمعيات من المزايا الضريبية.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن إخضاع كل هذه الجمعيات إلى التزام جديد، يتمثل في التصريح بالتبرعات القادمة من الخارج، التي تتجاوز قيمتها 10 آلاف يورو. ويفسر أنور كبيبش، الذي عبر عن "اطمئنانه" من هذه المقابلة مع إيمانويل ماكرون "المنفتح على النقاش"، أن "الفكرة لا تهدف بالضرورة إلى مراقبة المبالغ، وإنما طبيعة المانحين. وقد أكد لنا الرئيس أن هذا المشروع لن يكون قانونًا معاديًا للإسلام".
وأضافت الصحيفة أن احتمال "المس" من قانون 1905 يُثير مخاوف بعض الممثلين الدينيين من "استهداف العلمانية"، حيث يرون فيه "محاولة من قبل الدولة للتدخل في شؤون الدين والإسلام على وجه الخصوص"، فضلا عن الجمعيات العلمانية، التي وقع بعضها مؤخرا على عريضة، أطلق عليها اسم " نداء 113"، "ضد أي تعديل" لقانون الفصل بين الكنائس والدولة.
وبينت الصحيفة أن الموقعين على هذه العريضة، على غرار اللجنة الجمهورية العلمانية، والعديد من المحافل الماسونية والرابطة الدولية لمناهضة العنصرية ومعاداة السامية، كتبوا أن "تنظيم العبادة ومبادئها اللاهوتية لا يخص الدولة في المقام الأول، وإنما المؤمنين والممارسين. كما جاء في العريضة أيضا أنه "يمكن ضمان شفافية التمويل الخاص للعبادات بواسطة تدابير الشرطة المالية، وعن طريق عمليات مراقبة دقيقة تأذن بها القوانين الفرنسية. أما فيما يتعلق بمكافحة الأعمال التخريبية والإرهابية، فهي لا تندرج ضمن هذا القانون".
وفي الختام، نقلت الصحيفة عن تصريحات قصر الإليزيه أن "الأمر لا يتعلق بالعودة على المبادئ الأساسية لهذا القانون، وإنما بتكييفه مع متغيرات الواقع الحالي"، فضلا عن "تحميل المزيد من المسؤولية للجهات الدينية". كما أوضح رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، أحمد أوغراس، أن "رئيس الدولة أكد لنا أن لا شيء قطعي أو نهائي إلى حد الآن، إذ لا زلنا في مرحلة التشاور، "والبناء المشترك"، "ولن يتطرق الرئيس إلى هذا الموضوع قبل التوصل إلى إجماع". في الأثناء، سيتعين على إيمانويل ماكرون استقبال جميع مسؤولي العبادات يوم الخميس.