تداولت مواقع إخبارية محلية عدة، خلال الأيام القليلة الماضية، أنباء عن إرسال النظام للمئات من مقاتلي "
فصائل التسوية" في كل من الجنوب السوري وريف حمص الشمالي إلى محيط إدلب، تمهيدا لعمل عسكري مرتقب ضد المعارضة في شمال البلاد.
وفي الوقت الذي فجرت فيه هذه الأنباء موجات من الغضب على مواقع التواصل الاجتماعي، فقد أثارت تساؤلات واهتمام المراقبين، حول الأسباب التي تدفع النظام إلى إشراك "فصائل التسوية" في معارك إدلب.
وعن أهداف النظام، أشار المحلل العسكري والاستراتيجي العقيد فايز الأسمر، في حديث لـ"
عربي21" إلى جملة من الغايات.
دوافع انتقامية
وقال الأسمر إن "النظام يحاول الانتقام من فصائل التسوية من خلال زجها في معركة بصفر من الخسائر من جانبه".
وأوضح العقيد أن "النظام يعتبر كل شخص قاتل مع المعارضة شخصا خارجا عن طاعته، والخلاص منه أولى، لذلك فهو سيعمد إلى ضرب عناصر فصائل التسوية بالمعارضة، حتى ينتقم من كلا الجانبين".
وتابع الأسمر بأن "النظام لن يخسر شيئا من المواجهات، وهو يعتبر ذلك شيئا إيجابيا، فهو لن يزج بالمقاتلين الموالين له، خشية أن يتحمل تبعات مقتلهم، بعكس عناصر التسوية الذين وضعوا رقابهم تحت رحمته".
وذهب العقيد إلى التأكيد أن النظام سيضع هؤلاء في الخطوط الأمامية، لحماية مليشياته.
مكاسب سياسية
ومستعرضا غايات النظام الأخرى، أشار الأسمر إلى استثمار "فصائل التسوية" سياسيا وإعلاميا، من جانب النظام، موضحا أن "وسائل الإعلام الموالية تحرص على نشر أنباء وصول هؤلاء إلى محيط إدلب، للتأكيد على أن الثورة هي ثورة مزعومة، وهي ثورة قام بها المئات من الإرهابيين".
وأوضح أن النظام يصور هؤلاء على أنهم عادوا عن الأخطاء التي ارتكبوها بحق بلادهم، وأنهم يريدون التكفير عن ذلك بمشاركتهم في ضرب أصدقاء الأمس.
والأهم من كل ذلك بحسب الأسمر، أن النظام يريد أن يظهر للعالم أن من وقف ضده هو اليوم يقاتل إلى جانبه، معتبرا أنه "بذلك يوجه رسالة للعالم، فحواها أنه ما زال الممثل الشرعي الوحيد للشعب السوري".
مكاسب عسكرية
ومتفقا مع كل ما ذكره الأسمر، قال الخبير العسكري العقيد أحمد حمادة، إن النظام يهدف من إشراك هؤلاء إلى تحقيق مكاسب عسكرية كبيرة على حساب المعارضة في إدلب، نظرا لأن عناصر فصائل التسوية سيقاتلون بما يستطيعون لإثبات أنهم تحولوا فعلا إلى جانب النظام.
وقال حمادة لـ"
عربي21": "ما يظهر للآن أن كل من توجهوا لإدلب هم من العناصر الذين يتهمون بالخيانة، حيث رضي هؤلاء بقتال إخوتهم، الذين كانوا في صفهم يوما ما".
وفي السياق ذاته، ألمح الإعلامي أمين بنا، إلى صعوبة المعركة المرتقبة من الناحية العسكرية، مبينا أن النظام محتاج لهؤلاء (فصائل التسوية) وغيرهم من المقاتلين، لكسب المعركة.
وقال لـ"
عربي21" إن النظام يحشد ما يملك من قوة لهذه المعركة، وفصائل التسوية من بين القوات الجديدة التي استطاع تجنيدها لتنفيذ هذه المهمة القاسية، وإن النظام يتعامل معها كما يتعامل مع القوات والمليشيات الأخرى.
ولفت بالمقابل إلى حالة من القلق تثيرها هذه الأنباء في صفوف المعارضة، معتبرا أن الغاية من الزج بمقاتلي الفصائل التي أبرمت اتفاقا مع الروس، هي التشويش على المعارضة، وزعزعة صفوفها عسكريا ونفسيا.