هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
شن برلمانيون سابقون وسياسيون هجوما حادا على البرلمان المصري بعد زيادة موازنة البرلمان للعام المالي 2018 / 2019، بقيمة 300 مليون جنيه، الأحد، لتبلغ مليارا و400 مليون جنيه، مقارنة بنحو 508 ملايين جنيه في الموازنة السابقة لانعقاد البرلمان القائم في 2014 /2015.
وفي مفارقة من نوعها، يرفض البرلمان لأعضاء المجلس الإطلاع على الموازنة الجديدة، وردا على ما أثاره النائب المعارض هيثم الحريري، بعدم السماح لمن هم خارج لجنة الخطة والموازنة بالإطلاع عليها، أجاب رئيس البرلمان علي عبدالعال، خلال جلسة اليوم الاثنين، أن "الموزانة في أيدي أمينة".
واتهم برلمانيون سابقون وسياسيون ونشطاء في تصريحات لـ"عربي21" الحكومة المصرية بـ"تقديم رشاو مقننة للبرلمان، من خلال مضاعفة موازنته"، تثمينا لدوره في تمرير القرارات والتشريعات الحكومية من جهة، وتمهيدا لتمرير قوانين أخرى في الفترة المقبلة من جهة أخرى، لتصبح الأكبر في تاريخ البرلمان المصري.
وتضاعفت موازنة البرلمان مرتين خلال أقل من 3 سنوات، إذ بلغت الزيادة الأولى 92 مليون جنيه في موازنة 2015/2016، والثانية 221 مليون جنيه في موازنة 2016 /2017، والثالثة 303 ملايين جنيه في الموازنة الحالية 2017 /2018، وأخيرا 300 مليون جنيه في الموازنة المقبلة 2018/2019.
"رشوة مقننة"
من جانبه، هاجم النائب والبرلماني السابق أيمن صادق، وعضو البرلمان المصري بالخارج، مضاعفة موزانة البرلمان، قائلا: "قام البرلمان المصري خلال الفترة الماضية بإقرار حزمة من التشريعيات الاقتصادية لا أرى لها دورا إلا زيادة العبء على المواطن محدود الدخل، ونرى أن كل ما صدر من تشريعات لا يصب إلا في صالح طبقة محدودة من المنتفعين بالانقلاب".
وأضاف لـ"عربي21": "ليس مستغربا أن توافق اللجنة العامة بمجلس النواب على زيادة قدرها 300 مليون جنيه في موزانة المجلس ذاته، التي تشير كل الدلائل -رغم التكتم على ذلك- أنها ستوجه إلى زيادة مكافآت وبدلات أعضاء المجلس الذين يمثلون الشعب كما هو مفترض".
وربط صادق بين ولاية السيسي الثانية والزيادة الكبيرة للموازنة بالقول: "من الواضح أن لها ارتباطا ببدء ولاية السيسي الثانية كنوع من المكأفاة للبرلمان على دوره في تمرير القوانين المطلوبة من جهة، واستعدادا لفترة أخرى سيحتاج فيها السيسي إلى العديد من التشريعيات التي تكرس لحكمه وحكم العسكر".
ولفت إلى أن "أطروحة حزب الرئيس مازالت تسيطر على المشهد، فقد تنادت كثير من الأصوات المحسوبة على السيسي ورجاله بضرورة تكوين حزب ذي أغلبية مؤيدة للرئيس، وقد نرى تحول هذه النداءات إلى واقع ملموس استعدادا لتعديلات دستورية تضمن استمرار حكم السيسي أبد الدهر".
دور الدولة العميقة
فيما هاجم النائب المصري السابق، ثروت نافع، نظام السيسي الذي يعتمد على مؤسسات الدولة العميقة في إدارة شؤون البلاد، بمنحها مزايا متعددة ومتنوعة.
وقال لـ"عربي21" إن "نظام السيسي يعتمد بالأساس على مؤسسات الدوله العميقة في مساندته؛ ولذلك يقوم برفع مرتباتهم ومنحهم الكثير من المزايا باستمرار، دون أن يأبه أو يكترث للوضع الاقتصادي لباقي طبقات الشعب".
وأضاف: "أنه ليس مستغربا أن ينطبق ذلك على برلمان صنع على أيدي الأجهزة الأمنية من أجل إضفاء شكل سياسي لشبه الدولة (التي تحدث عنه السيسي عند وصف مصر) أمام المجمتع الدولي".
برلمان ملحق بالرئاسة
وقال الكاتب الصحفي، أبو المعاطي السندوبي، لـ"عربي21": "وفقا للدستور الحالي، فإنه ينص على الدور الرقابي والمحاسبي لمجلس النواب على السلطة التنفيذية، فعندما يقوم رئيس الدولة بمنح مكافأة أوهبة للمسؤولين عن رقابته ومحاسبته بل وسحب الثقة منه، فإنهم تحولوا بذلك إلى مجرد إدارة ملحقة بمكتب رئاسة الجمهورية لأنهم فقدوا دورهم الدستوري".
واعتبر أن "المكافاة تظهر كيف استطاع السيسي أن يجعل السلطة التشريعية الممثلة لمصالح الناس في مواجهة غلواء السلطة التنفيذية جزءا من السلطة التنفيذية".
وأضاف: "في اللحظة التي يواجه السيسي فيها زيادة الأجور والمرتبات بكلمته الشهيرة (مفيش) يضاعف موزانة البرلمان، الذي وافق له على التنازل عن تيران وصنافير، وعلى برنامج التجويع لصندوق النقد الدولي".
فيما أرجع السياسي المعارض، أحمد رامي الحوفي، مضاعفة الموازنة في حديثه لـ"عربي21" إلى أن "السيسي لديه أزمة في الحكم تتمثل في غياب الظهير السياسي، وهذا يجعله يعمل على تكوين مجموعات مصالح مرتبطة بوجودة واستمراره عبر زيادة مرتبات ومكافآت في مؤسسات الجيش والشرطة والقضاء، مثل الحالة التي أمامنا بزيادة موازنة البرلمان".