تتجه الأنظار إلى مدينة
الحديدة الواقعة غربي
اليمن على البحر الأحمر، التي تشهد احتداما في وتيرة المعارك بين القوات الموالية للرئيس عبدربه منصور هادي المدعومة من التحالف العربي بقيادة السعودية، ومسلحي جماعة "أنصار الله" (
الحوثي).
وتفيد المؤشرات على الأرض، بتقدم قوات هادي، وهو ما اعترف به زعيم الحوثيين، عبدالملك الحوثي، يوم الأحد الماضي، لتصبح السيطرة عليها مسألة وقت.
ويكاد العديد من الخبراء والمراقبين يُجمعون على أن معركة الحديدة، تعد واحدة من أهم المعارك للقوات الموالية للرئيس اليمني، لما تمثله من أهمية استراتيجية تتيح لها انتزاع الميناء الذي يدر للحوثيين إيرادات مالية ضخمة، وهو ثاني أكبر الموانئ اليمنية، وقطع آخر اتصال لهم مع البحر.
الأهمية الجغرافية
تتوسط محافظة الحديدة محافظات الشمال اليمني، وتتربع على أراض زراعية، وبساحل طويل يمتد على الضفة الشرقية للبحر الأحمر بطول 300كم، يبدأ من مديرية اللحيَّة شمالا حتى مديرية الخوخة جنوبا.
كما تنتشر قبالة سواحل الحديدة أكثر من 40 جزيرة أكبرها جزيرة كمران التي ما تزال تخضع لسيطرة الحوثيين، بالإضافة إلى جزر أرخبيل حنيش وهي حنيش الكبرى، والصغرى، التي تسيطر عليها القوات التهامية الموالية للحكومة اليمنية، وسيول حنيش، وكذا جزيرة زقر، الخاضعة لسيطرة الحوثيين والتي يوجد فيها أعلى قمة جبلية في البحر الأحمر بارتفاع يصل إلى 2047 قدما (624 مترا) فوق مستوى سطح البحر.
وتعد المحافظة اليمنية الثانية من حيث الكثافة السكانية بعد محافظة تعز (جنوب غرب)، حيث يتجاوز عدد سكانها مليوني نسمة.
ميناء الحديدة
أما ميناؤها، فهو ثاني أكبر موانئ البلاد، بعد ميناء عدن، إذ يتوسط الساحل اليمني المجاور له، ويتمتع بعدد من المزايا أهمها قربه من خطوط الملاحة الدولية، وتدخل منه أغلب واردات اليمن من الغذاء والنفط والمساعدات الإنسانية.
نصر جديد
وفي هذا السياق، أعلن رئيس الوزراء اليمني أحمد بن دغر، أن محافظة الحديدة باتت على موعد قريب مع العودة إلى حضن الوطن، وحضن الدولة والجمهورية. وفقا لما نقلته وكالة الأنباء اليمنية الرسمية "سبأ".
وقال بن دغر إن بلاده على أعتاب نصر جديد باستعادة هذه المحافظة الساحلية. مؤكدا أنه بتحرير مينائها (يحمل اسم المدينة نفسها)، "سنتمكن من تأمين الملاحة وحفظ الأمن في المياه الدولية".
ودعا رئيس الوزراء اليمني أبناء وسكان المدينة إلى رص الصفوف لمواجهة مشروع الحوثيين، والحفاظ على الجمهورية.
على بعد 15 كلم
وأفاد أيمن جرمش، ركن توجيه اللواء التهامي، بأن العمليات العسكرية في جبهة الساحل مستمرة وبوتيرة عالية والانتصارات تتحقق بفضل الله، ثم بفضل السواعد السمراء لأبطال المقاومة التهامية والجنوبية والوطنية.
وقال في حديث خاص لـ"
عربي21" إن القوات المشتركة باتت تتمركز على بعد 15 كيلومترا، من مطار الحديدة، في أعقاب السيطرة على مناطق عديدة في مديرية الدريهمي أهمها "الكويزي" الساحلية.
وأضاف أن القوات الموالية للحكومة تمكنت من استعادة السيطرة على 50 في المئة، من مديرية التحيتا وأهمها "ميناء حيمة الاستراتيجي العسكري، ومناطق المتينة والجبلية والفازة والمجيلس، ومن ثم التقدم وتحرير منطقة الجاح والقرى المحيطة بها".
ووفقا لركن توجيه اللواء التهامي (أحد الألوية المشاركة في المعركة)، فإن الحوثيين يعانون من حالة هلع وتخبط، جراء الخسائر البشرية والمادية التي لحقت بهم، بالتزامن مع الانكسارات الميدانية، وهروب قياداتهم من مركز محافظة الحديدة.
وأكد المسؤول العسكري أن ميليشيات الحوثي، قامت وأمام هذه المعادلة على الأرض، بتلغيم مطار الحديدة ومدرج الطائرات، وتهريب السلاح التابع لها خارج المحافظة.
وكان الناطق باسم التحالف العربي الداعم للشرعية، عقيد، تركي المالكي، قد أعلن أمس الأول، أن القوات اليمنية باتت على بعد نحو عشرين كيلومترا فقط من مدينة الحديدة.
ماذا تعني خسارة الحوثي لها؟
من جهته، قال الخبير اليمني في الشؤون الأمنية والعسكرية الذهب إن ما يكشفه الموقف العسكري حاليا، أن الحوثيين سيفقدون السيطرة عليها، ولم تعد سوى مسألة وقت.
وأضاف الذهب في حديث لـ"
عربي21" أن الحديدة تمثل محور الارتكاز الاقتصادي للحوثيين في الوقت الراهن، لما تلعبه من دور في اقتصاد سلطتهم واقتصاد الحرب، بالإضافة إلى دور مينائها في تهريب الأسلحة وتقنيات الصواريخ.
وبحسب الخبير الذهب فإن انتزاع هذه المدينة الساحلية من قبضة الحوثيين، قد يمهد لانفراط عقد سيطرتهم على بقية محافظات الوسط التي تمثل الخط الدفاعي الأول عن المركز.
أهمية السيطرة عليها
ويدرك التحالف العربي والحكومة الشرعية، أهمية السيطرة على هذه المدينة الساحلية، لا سيما بعد سلسلة الهجمات التي تعرضت لها سفن تابعة له وأخرى تابعة للبحرية الأميركية تعرضت لهجمات صاروخية وزوارق موجهة، في البحر الأحمر.
ففي تشرين الأول/ أكتوبر 2016، تعرضت سفينة إماراتية تدعى "سويفت"، لهجوم أدى إلى تدميرها بشكل شبه كامل.
وفي الشهر ذاته، تعرضت قطعتين بحريتين أميركيتين لهجمات صاروخية فاشلة، في الوقت الذي نفذت فيه البحرية الأمريكية ضربات صاروخية موجه، استهدفت كما أعلنت وزارة الدفاع، رادارات في مدينة الحديدة.
كما تعرضت فرقاطة سعودية، في كانون الثاني/ يناير 2017، لهجوم قبالة السواحل اليمنية، أدى إلى اشتعال مؤخرة السفينة، وسقوط قتلى من طاقهما.
كما تتهم الحكومة اليمنية والتحالف الداعم لها، جماعة الحوثي، بتلقي أسلحة إيرانية عبر سواحل هذه المدينة، عبر قوارب صغيرة، رغم قرار حظر إيصال السلاح إلى اليمن بموجب البند السابع.
وبالسيطرة على مدينة الحديدة، يكون الحوثيون قد خسروا اتصالهم بالبحر تماما، وتم حصارهم في مناطق مغلقة بعيدة عن الساحل.
وخلال الأيام القليلة الماضية، شهدت البلدات الساحلية التابعة للحديدة، معارك طاحنة، بين ألوية العمالقة وقوات المقاومة التهامية، وقوات المقاومة الوطنية المدعومة من التحالف، ومسلحي الحوثي وحلفائهم، حققت من خلالها القوات الموالية للحكومة، مكاسب ميدانية، مكنتها من الاقتراب أكثر من مركز المدينة ومينائها الاستراتيجي.