هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
طالبت عائلة من يعرف بـ"الزعيم الروحي للتيار السلفي الجهادي" الأردني في الشمال (أبي محمد الطحاوي) بالإفراج عنه، بعد تدهور حالته الصحية في معتقله الذي دام منذ 2013 على خلفية اشتباك جهاديين مع رجال الأمن في مدينة الزرقاء.
وقال عبد الله الطحاوي، نجل أبي محمد، المسجون في مركز إصلاح الطفيلة، لـ"عربي21" إن والده، "يعاني من ظروف اعتقال سيئة أدت إلى تدهور وضعه الصحي".
وتابع نجل الطحاوي: "والدي يعاني من ارتفاع نسبة السوائل في قدميه ولا يستطيع الوقوف أو لبس الحذاء، وإذا أراد تلقي العلاج تقوم سلطات السجن بتقييده في زنزانة ضيقة لمدة ساعات وهو جالس وتذهب به إلى العاصمة عمان تحت ظروف صعبة".
وشارك الطحاوي في اعتصام مدينة الزرقاء في نيسان/أبريل 2011 لتعتقله السلطات الأردنية إلى جانب قياديين جهاديين آخرين، وتحيلهم إلى محكمة أمن الدولة العسكرية، لتفرج عنهم في أكتوبر/تشرين الأول 2013، إلا أن هذا الإفراج لم يدم طويلا إذ عادت السلطات الأردنية واعتقلت الطحاوي في يناير/كانون الثاني من نفس العام، بحجة تغيبه عن جلسات المحاكمة.
ويعاني الطحاوي الذي يبلغ من العمر 64 عاما من أمراض مزمنة، كالسكري والضغط، وأمضى في السجن ما يقرب من سبع سنوات، منها 3 سنوات في الحبس الانفرادي دون عرضه على محاكمة، كما يقول ابنه عبد الله.
ودعت العائلة المنظمات الحقوقية، إلى الالتفات للوضع الصحي للطحاوي، مطالبين السلطات بالإفراج عنه، و"تكفيله أسوة بباقي المعتقلين على خلفية أحداث الزرقاء".
من هو الطحاوي؟
وبرز اسم الأردني عبد القادر شحادة الملقب بـ(أبي محمد الطحاوي)، في سماء الشخصيات الجهادية في تسعينيات القرن الماضي، ليصبح فيما بعد أحد أهم منظري التيار السلفي الجهادي الأردني، ورقما صعبا في معادلة شطرت التيار نصفين بين "الدولة" و"جبهة النصرة".
عمل الطحاوي مدرسا للتربية الإسلامية في المملكة العربية السعودية في الثمانينيات، وتأثر كثيرا في وقتها بكتابات الشيخ عبد الرحمن الدوسري (أحد أبرز شيوخ السلفية في السعودية)، لتسفّره السلطات السعودية هو عائلته في بداية التسعينيات إلى الأردن؛ بسبب ما يحمله من فكر سلفي "لا يرضي آل سعود" كما يقول صديق مقرب منه.
استقر الطحاوي في عام 1990 في الأردن، ليتوجه فيما بعد إلى "الجهاد في أفغانستان" التي أمضى فيها عامين كاملين ليعود مجددا إلى مسقط رأسه مدينة إربد (شمال العاصمة عمان)، ويبدأ بنشر الفكر السلفي الجهادي برفقة أبي مصعب الزرقاوي وأبي محمد المقدسي في فترة وصفها الكاتب المتخصص بشؤون الجماعات الإسلامية، محمد أبو رمان بــ“الفترة الذهبية لصعود التيار الجهادي الأردني”؛ لأسباب اقتصادية واجتماعية.
قاد الطحاوي التيار السلفي الجهادي الأردني إلى انعطافات مهمة بعد الربيع العربي، وشكل تحت وطأة المسيرات التي اجتاحت مدن وقرى المملكة عام 2011 "حراكا سلفيا جهاديا"، لينخرط ضمن الأصوات المطالبة بالتغيير، رافعا شعار “الشعب يريد تحكيم القرآن”، والمطالبة بالإفراج عن المعتقلين من أبناء التيار.
الحراك خلق له أعداء من أبناء التيار رفضوا الانخراط في المسيرات باعتبارها "ضربا من الكفر"، ما أحدث انقساما في صفوف التيار، وصلت إلى تكفير الطحاوي ومن شارك في المسيرات على يد عمر مهدي زيدان المكنى بأبي المنذر، الذي أعلن تنظيم الدولة مقتله في أبريل/ نيسان 2017 في رسالة تهديد موجهة إلى الأردن تحت اسم "إصدار بما يسوؤهم".
ودافع الطحاوي في حينها عن الاعتصامات في حديث سابق، معتبرا أن "هذه الوسائل مشروعة، استنادا لما قاله علماء في أن الأصل فيها الإباحة ما لم يرد نص فيها يحرمها، كما أن هذه الوسائل تتوافق إلى حديث الرسول عليه الصلاة والسلام وقاتلوا المشركين باللسان والسنان" .
استمر الطحاوي وأنصاره بتنفيذ الاعتصامات، ليشكل اعتصام مدينة الزرقاء في نيسان/ أبريل 2011 نقطة مفصلية في مصير التيار، بعد أن اشتبك أعضاء التيار مع الأجهزة الأمنية الأردنية التي فضت تجمعهم بالقوة واعتقلت المشاركين.
التحول الكبير في حياة الطحاوي جاء بعد بروز تنظيم الدولة في سوريا والعراق، ليعلن من سجنه (الموقر 2) مبايعة التنظيم في عام 2014 ومهاجمة أبي محمد المقدسي وأبي قتادة، خلال رسالة سربها لوسائل الإعلام، معلنا عن ولادة جسم بديل للتيار في رسالته يحمل اسم "أبناء دعوة التوحيد والجهاد"، الأمر الذي زاد التيار انقساما بين تنظيم الدولة وجبهة النصرة.
وقال الطحاوي في رسالته: "الدولة الإسلامية ليست فقاعة كما يقولون والتحالف الدولي حرب على الله ورسوله".
زادت هذه الرسالة –بحسب صديق مقرب سُجن مع الطحاوي- من إصرار السلطات الأردنية على عدم الإفراج عن الطحاوي الطاعن بالسن رغم حالته الصحية السيئة والأمراض المزمنة التي يعاني منها.