هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا، أعده مراسلوها جيم راتنبيرغ وكيت كيلي وجيسكا سيلفر- غرينبيرغ ومايك ماكنتير، يتحدثون فيه عن الحملة الدعائية التي رافقت زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة.
ويكشف التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، عن أن ديفيد بيكر في محاولته لجذب الاستثمار السعودي وجد عونا من صديقه دونالد ترامب، ففي تموز/ يوليو 2107 زار بيكر البيت الأبيض، وأخذ معه ضيفا خاصا، وهو كيسي غراين، رجل الأعمال الفرنسي، الذي عمل مستشارا للأمير الوليد بن طلال، وعمل أحيانا وسيطا تجاريا بين ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ورجال الأعمال الغربيين.
ويشير الكتّاب إلى أن الرجلين وآخرين تحدثوا مع الرئيس في المكتب البيضاوي، والتقيا لفترة قصيرة مع صهره ومستشاره جارد كوشنر، الذي كلفه ترامب بملف الشرق الأوسط، لافتين إلى أنه قبل الانتقال لتناول العشاء، قام المصور الخاص للبيت الأبيض بالتقاط صورة للضيوف مع الرئيس، الذي كان يقف خلف مكتبه.
وتلفت الصحيفة إلى أن بيكر استخدم إمبراطوريته الإعلامية لحماية صورة ترامب، ففي أثناء الحملة الانتخابية لعام 2016، قامت شركته بالتكتم على قصة عارضة سابقة في مجلة "بلاي بوي"، زعمت أنها أقامت علاقة عاطفية مع الرئيس، مشيرة إلى أن بيكر حصل من الرئيس في مأدبة العشاء تلك على مصادقة غير رسمية من البيت الأبيض.
ويفيد التقرير بأن تلك كانت فرصة لا تعوض لبيكر، الذي كان يحاول توسيع إمبراطوريته الإعلامية ونشاطاته في السعودية، ويبحث عن شريك مالي لشراء مؤسسات إعلامية.
ويقول مراسلو الصحيفة إن زيارة البيت الأبيض كشفت عن العلاقة الطويلة بين الرئيس وبيكر، التي تعود لسنوات التسعينيات من القرن الماضي، ففي تلك الفترة كان ترامب بعد إعلانه الإفلاس في كازينو موضوعا للكثير من الشائعات في نيويورك، واصطحب الناشر الأمريكي معه رجل الأعمال الفرنسي غراين، الذي تعرف عليه قبل عدة أشهر، ليشكره على النصائح التي قدمها له حول كيفية الاستثمار في الشرق الأوسط، وبعد ذلك انتشرت الأخبار في السعودية عن العشاء مع الرئيس، وأشارت إلى صورة عن موقع خاص لبيكر في البيت الأبيض.
وتورد الصحيفة نقلا عن شركة "أمريكان ميديا إنك"، قولها إن بيكر سافر بعد شهرين إلى السعودية بمعية غراين، حيث عقدا لقاءات مع ولي العهد، وناقشا فرصا تجارية معه، لافتة إلى أنه بحلول شهر كانون الثاني/ يناير كان بيكر واثقا بدرجة كبيرة من علاقته مع المستثمرين السعوديين، للطلب منهم مساعدته على شراء مجلة "تايم"، التي يطمح منذ وقت بامتلاكها، وذلك بناء على شخصين يعلمان بالأمر، مع أن شركة "أمريكان ميديا إنك" تجادل في حدوث أمر كهذا، فيما لم يستجب البيت الأبيض للتعليق.
ويستدرك التقرير قائلا إن جهود بيكر بناء علاقات تجارية مع السعودية غير واضحة، إلا أنه يعمل على تقوية العلاقات، ففي هذا الأسبوع حضر هو وغراين مناسبات في نيويورك شارك فيها ابن سلمان، الذي يقوم بجولة في الولايات المتحدة.
وينوه الكتّاب إلى المجلة التي أصدرتها "أمريكان ميديا إنك" قبل زيارة ولي العهد للولايات المتحدة، التي لم تكن سوى نشرة ترويجية عن السعودية والأمير، مشيرين إلى أنها تجنبت الحديث عما هو مزعج، مثل الحملة العسكرية التي يقودها ابن سلمان في اليمن، أو مظاهر قلق منظمات حقوق الإنسان بشأن الاعتقالات التي قام بها ولي العهد في تشرين الثاني/ نوفمبر ضد النخبة التجارية، بمن فيهم أبناء أعمامه.
وتذكر الصحيفة أن العدد الخاص يتحدث عن السعودية باعتبارها "المملكة السحرية"، ويحتوي العدد على مقابلة مع غراين مشفوعة بصورته في البيت الأبيض مع ترامب، لافتة إلى أن الرئيس الأمريكي دعم حملة مكافحة الفساد والاعتقالات، التي أشرف عليها ولي العهد.
وينقل التقرير عن الشركة، قولها إنها أصدرت العدد لاستثمار الاهتمام الإعلامي بزيارة ولي العهد السعودي، وكانت حريصة على ألا تذكر أي دعم مالي سعودي؛ لأن تلقي الشركة أموالا أجنبية لنشرات ذات طابع ترويجي يقتضي منها الكشف عن المبالغ لوزارة العدل، منوها إلى أن الحكومة السعودية لم ترد على طلب الصحيفة للتعليق.
ويذكر الكتّاب أنه طبع من العدد الخاص 200 ألف نسخة، وعرضت بسعر 13.99 دولارا في المتاجر الكبرى، مثل "وول مارت"، لافتين إلى أن غراين البالغ من العمر 30 عاما توسط في صفقات استثمارية بين شركات فرنسية وسنغالية وأمريكية ومستثمرين سعوديين.
وتبين الصحيفة أن غراين قدم إلى بيكر في الربيع الماضي آري إيمانويل، صاحب شركة "إندوفير"، ومقرها بيفرلي هيلز في كاليفورنيا، مشيرة إلى أن غراين التقى مع بيكر أكثر من مرة؛ للحديث عن مناخ الاستثمار في السعودية، حيث اصطحبه لدعوة العشاء في البيت الأبيض لاحقا، فيما لم تذكر شركة "أمريكان ميديا إنك" من اصطحب بيكر معه غير غراين "من المجموعة المختارة من الأصدقاء" للبيت الأبيض، حيث تمت مناقشة الوضع في الشرق الأوسط والانتخابات الفرنسية في تلك الليلة.
ويورد التقرير نقلا عن الشركة، قولها إن "الحديث تركز على الأمور الاجتماعية، باستثناء بعض الإشارات لشؤون الساعة"، مشيرا إلى أن بيكر يملك بالإضافة إلى مجلة "ناشونال إنكويرر" مجلات أخرى، مثل "الرجل" و"هي" و"فليكس، "مصل أند فيتنس".
ويكشف الكتاب عن أن بيكر استخدم الشركة لحماية أصدقائه المقربين، بمن فيهم ترامب، حيث اشترى حقوق نشر قصة علاقة العارضة في مجلة "بلاي بوي" كارين ماكدول، بمبلغ 150 ألف دولار، عن علاقتها مع ترامب، لكنه لم ينشرها، مشيرين إلى أن "ناشونال إنكويرر" نشرت في أثناء الحملة الانتخابية تقارير هاجمت فيها منافسي ترامب وأعداءه.
وتعلق الصحيفة قائلة إنه بدعم المجلة لترامب، فإنها قامت، ولأول مرة في تاريخها، بدعم مرشح انتخابي، لافتة إلى أن المجلة نشرت منذ دخول ترامب إلى البيت الأبيض موضوعات عن "الدولة العميقة" التي تحاول تقويض رئاسة ترامب.
وبحسب التقرير، فإن الدعم كان متبادلا، حيث مدح ترامب بيكر وطريقة إدارته لشركة "أمريكان ميديا إنك"، ودعم ترامب بيكر لتولي إدارة مجلة "تايم"، التي زعم الرئيس "كذبا" أنها اختارته رجل العام أكثر من أي شخصية، فقال في تغريدة تعود إلى عام 2013: "سيكون ديفيد بيكر خيارا عظيما ليكون مديرا تنفيذيا لـ(تايم)، ولا أحد يستطيع إعادة مجدها مثل ديفيد".
ويفيد الكتّاب بأن شركة "أمريكان ميديا إنك" عانت من مصاعب مالية، ما أدى بها إلى إعادة تشكيل عملها، بما في ذلك إعلان إفلاس عام 2010، حيث تحدثت الشركة عن مليار دولار ديون، لكنها تؤكد اليوم أنها في وضع مالي مستقر.
وتختم "نيويورك تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن بيكر واصل البحث عن فرص لشراء مؤسسات إعلامية، ففي العام الماضي اشترى "يو أس ويكلي" من "وورنر ميديا".