تصر دول حصار
قطر على أن الأزمة الخليجية مع قطر "صغيرة" وأحيانا أخرى "صغيرة جدا جدا جدا"، غير أن الأزمة لا تلبث تكبر حتى وصلت إلى أروقة
البيت الأبيض، حيث كشفت وسائل إعلام أمريكية تورط مستشار الرئيس الأمريكي، دونالد
ترامب، وصهره جاريد كوشنير بالأزمة الخليجية، وتحقيقات في دور
الإمارات بالتأثير على قرارات ترامب.
ونشر موقع شبكة "أن بي سي" تقريرا، يقول فيه إن فريق المحقق الخاص في التدخل الروسي في انتخابات عام 2016، يقوم بفحص فيما إن كانت تعاملات صهر ومستشار الرئيس الأمريكي جارد كوشنر قد أثرت على سياسة دونالد ترامب.
وقال الموقع بأن شركة العقارات التي تملكها عائلة كوشنر تحادثت مع قطر عددا من المرات، بما فيها واحدة في الربيع الماضي، بشأن الاستثمار في بناية مهمة اشترتها عائلة كوشنر في نيويورك، إلا أن الصندوق السيادي الذي تديره الحكومة لم يستجب، أعقب ذلك دعم البيت الأبيض للحصار الذي فرضته
السعودية والإمارات والبحرين ومصر عليها، بحجة دعم الإرهاب.
وفي مشاركه له في مؤتمر مركز "تشاثام هاوس" البريطاني للعلاقات الدولية في لندن، في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، قال وزير الخارجية السعودية، عادل الجبير، إن قطر تمثل قضية صغيرة بالنسبة للسعودية، وتوجد قضايا أكبر بكثير تتعامل معها بلاده، كتلك المتعلقة بإيران، وسوريا، والعراق.
وبعد تصريحات الجبير بأيام، قال ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، لوكالة رويترز للأنباء، إن الأزمة القطرية "صغيرة جدا جدا جدا"، مستبعدا أن يكون للأزمة الخليجية أي تأثير على ما وصفها بـ"الثقة الاستثمارية" للمملكة العربية السعودية، وذلك في معرض حديثه عن الجدل حول شركة "أرامكو" السعودية.
وفي شباط/ فبرير الماضي، عاد الوزير الجبير للتأكيد من العاصمة البلجيكية بروكسل، على أن "الأزمة القطرية صغيرة جدا مقارنة بتحديات المنطقة".
وآخر التصريحات السعودية كانت على لسان ولي العهد من جديد وذلك في لقاء له مع الإعلاميين المصريين، قائلا بحسب ما نشر المستشار في الديوان الملكي، سعود القحطاني: "من يتولى الملف القطري هو زميل في وزارة الخارجية السعودية في المرتبة 12 إضافة إلى المهام الموكلة له".
وتابع: "عدد سكان قطر لا يساوي شارعا في مصر، وأي وزير عندنا يستطيع أن يحل أزمتهم".
السياسي السعودي المعارض، كساب العتيبي، رأى أن المهم في الأزمة الخليجية مع قطر ليس حجم الأزمة بقدر ما هو الآثار المترتبة عليها.
وقال العتيبي لـ"
عربي21" إن الأزمة تذهب بعيدا عن الحل، لعدة عوامل أهمها أن الأمريكيين والأوروبيين غير مهتمين بحل الأزمة، والآخر أن أطراف الأزمة لا يبدون أي مرونة.
ولفت العتيبي إلى أن على القطريين إبداء بعض المرونة في ملف الأزمة، مشيرا إلى أن ذلك لا ينتقص من السيادة القطرية شيئا، لأن الموضوع الآن "نفسي" يعتمد على من يبادر أولا.
ولفت العتيبي إلى أن التصعيد الإعلامي القطري الأخير سيصعب حل الأزمة، مشيرا إلى الوثائقي الأخير حول أحداث العام 1996 في قطر.
وقلل العتيبي من فرص التدخل الخارجي، إلا أنه لفت إلى أن القطريين ربما يبدون بعض المرونة إذا ضغطت إدارة الرئيس ترامب عليهم في هذا الاتجاه.
إماراتيا، لم تختلف النظرة حول "حجم" الأزمة فقد نشرت صحف إماراتية في الأول من آذار/ مارس النظرة الإماراتية التي لا تختلف عن السعودية، وهي أن الأزمة "صغيرة".
وقالت صحيفة الاتحاد الإماراتية بافتتاحيتها في 1 آذار/ مارس إن النظام القطري يواصل مساعيه "لتسويق هذه الأزمة الصغيرة" في المحافل الدولية على أنها "كبيرة" في إشارة إلى كلمة وزير الخارجية القطري، محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
وأكدت الافتتاحية على أن "القضية الثانوية لا تستحق أن يتم الالتفات إليها".
أما صحيفة الخليج فقالت في ذات اليوم، إن قطر تسعى لتدويل أزمتها "الصغيرة" والنأي بها عن إطارها المنطقي، في إشارة إلى الوساطة الكويتية.
وقالت الصحيفة إن "الحل في البيت الخليجي وليس أي بيت آخر، وكما عبرت دولنا، فإن نظام قطر سعى ويسعى لإشعال أزمة دبلوماسية عبر تضخيم أزمة قطر الصغيرة".
أما البحرين، فقد رأى العاهل البحريني في السادس من آذار/ مارس الجاري، في أمير قطر "أخا أصغر"، وأن عليه الذهاب بنفسه إلى الرياض باعتبارها "الأخ الأكبر" لشرح موقفه، على اعتبارها "عادات وشيم" الخليجيين.
أستاذ العلاقات الدولية في جامعة أكسراي، ضياء عباس، رأى في التصريحات الأخيرة بأن الأزمة صغيرة بادرة أمل على اعتبار أنها تعني أن الأزمة "سهلة الحل".
غير أنه أكد في حديث لـ"
عربي21" على أن الأزمة "ليست بسيطة"، والدليل هو ردود الأفعال عليها.
ورأى عباس أن الحل لن يكون خليجيا لكون أطراف الأزمة يمتازون بالطباع الصعبة، ولن يبدي أحد منهم مرونة تجاه الآخر، مرجحا تدخلا خارجيا في الأزمة.
الإثنين الماضي، نشرت مجلة "نيويورك" مقالا للكاتب إريك ليفيت، تحدث فيه عن السبب الحقيقي لدعم مستشار وصهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، جارد كوشنر، الحصار على قطر.
وقال ليفيت في مقاله، الذي ترجمته "
عربي21"، إن كوشنر دعم الحصار على قطر بعد أسابيع من قرار دولة قطر عدم الاستثمار في شركته، مشيرا إلى أن والد جارد تشارلز كوشنر، التقى مع وزير المالية القطري في نهاية نيسان/ أبريل العام الماضي؛ في محاولة للحصول على استثمارات لبناية تعاني من مشكلات في "فيفث أفنيو"، بحسب ما ذكر موقع "إنترسبت".
ويعلق الكاتب قائلا إن "القطريين أطلقوا النار عليه: وهو ما دفعه بعد أسابيع، مع السعودية والإمارات العربية المتحدة، لتنظيم حصار على قطر، وزعمت الدول الخليجية أن هذا التحرك العدواني جاء ردا على دعوة الرئيس دونالد ترامب العالم العربي للحد من النشاطات الإرهابية".