تثير العملية التي أعلنت
تركيا أمس بدءها في
منطقة
عفرين لطرد الفصائل الكردية الانفصالية عن حدودها تساؤلات بشأن مصاعب
العملية من ناحية التركيبة السكانية التي تتميز بها المنطقة وغالبيتها من
الأكراد.
وبحسب آخر الإحصاءات يبلغ عدد سكان عفرين
أكثر من نصف مليون شخص غالبيتهم من العرقية الكردية وتتألف المنطقة من 7 نواح وهي: "شران وشيخ الحديد وجنديرس وراجو وبلبل
والمركز ومعبطلي" وتضم 366 قرية.
ولم تخض عفرين مع قوات النظام السوري معارك
تذكر على خلاف بقية الجغرافيا السورية إذ بسطت المليشيات الكردية سيطرتها على
المدينة منذ اليوم الأول للثورة وفرضت حالة من الحكم الذاتي بل وساعدت النظام في
فترة من الفترات خلال حصار المعارضة السورية لقريتي نبل والزهراء بريف حلب.
ويرى مراقبون أن التحرك التركي تجاه عفرين قد
يثير حساسيات بسبب التركيبة الديمغرافية للمدينة ولذلك لجأت للاستعانة بقوات من
الجيش الحر وأرسلت عدة رسائل "تطمينية" للسكان بأنهم غير مستهدفين
بالعملية.
الكاتب والصحفي التركي إسماعيل ياشا قال إن
تركيا ومنذ اللحظة الأولى للإعلان عن العملية بشأن عفرين تفرق بين "المنظمة
الإرهابية" والسكان الذين وقعوا تحت قبضة هذه المنظمات.
وأوضح ياشا لـ"
عربي21" أن تركيا
لا يوجد لديها مخاوف من السكان المحليين خاصة أنهم "متضررون من تلك التنظيمات
التي تجبرهم على التجنيد في صفوفها وتدفع الأطفال لحمل السلاح من أجل
القتال".
وأشار إلى أن تركيا لديها خبرة طويلة في
التعامل مع هذه التنظيمات والبيئة السكانية التي تتواجد فيها على غرار المحافظات
التركية ذات الأغلبية الكردية.
وأضاف: "بعد الانتخابات البلدية التي
فاز فيها حزب الشعوب الكردي في تركيا بدأت التنظيمات الإرهابية بحفر الخنادق وعسكرة
المناطق لكن ما إن تم إزاحة خطرهم وتعيين رؤساء بلديات من الدولة حتى بدأوا بتقديم
الخدمات وإصلاح ما تم تدميره وسادت حالة من الأمن الاجتماعي في تلك المناطق وشعر
السكان بالفرق".
وأشار ياشا إلى أن مشاركة الجيش السوري الحر
مهمة في العمليات لأنهم أصحاب الأرض وأدرى بها وربما تحصل مشاركة كردية لاحقا ضد
تلك التنظيمات التي تستغل الأكراد بدعم خارجي.
وشدد على أن "تركيا ليست مثل روسيا تقصف
وتدمر ولا تبالي بفاتورة الدماء المدفوعة بالحرب وتريد إنهاء العملية بأقل
الخسائر".
وفي رأي المحلل العسكري السوري العميد أحمد
رحال أن عملية عفرين تختلف عن درع الفرات في الخصم وطبيعة القوى المشاركة والدعم
الدولي.
وأوضح الرحال لـ"
عربي21" أن عملية درع
الفرات تلقت دعما دوليا من أمريكا وروسيا وشارك فيها الجيش الحر في مناطقه
بالإضافة إلى أن الخصم كان تنظيم الدولة.
وبشأن عفرين أشار الرحال إلى أن تركيا لم
تتلق ضوءا أخضر حتى الآن من الولايات المتحدة أو روسيا والأكراد يتلقون دعما من
تلك الدول، بالإضافة إلى ألمانيا في الاتحاد الأوروبي، والجيش السوري الحر سيكون
أمام معركة يقاتل فيها ضد سوريين من بلده بغض النظر عن توجهاتهم.
وأضاف: "حتى النظام السوري يقدم الدعم
للأكراد لأنه مدين لهم بتخفيف الحصار عن قريتي نبل والزهراء خلال هجوم فصائل
المعارضة عليهما وكانت المليشيات في عفرين ترشد حوامات النظام لإلقاء الذخيرة
والمساعدات الغذائية".
ورأى رحال أن غالبية سكان عفرين ليسوا مؤيدين
للمشروع الانفصالي الذي يقوده "صالح مسلم ومليشياته" واعتبر أن هذا يضع
أمام تركيا تحديا لكسب السكان دون الدخول في عداوات معهم.
وعلى صعيد مشاركة الجيش الحر في العمليات قال
رحال: "الحساسية والتوتر العرقي موجودان والذرائع لن تنتهي".