هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "نوفوي فاستوتشني آبازريني" الروسية تقريرا بينت فيه أن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأخير بشأن القدس المحتلة كشف عن مدى هشاشة مواقف الدول العربية تجاه إحدى أهم القضايا في العالم الإسلامي.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه بعد قرار ترامب بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس المحتلة، ما يمثل اعترافا صريحا منه بأن القدس عاصمة لإسرائيل، توقع الكثير من الخبراء رد فعل عاصف من طرف دول العالم العربي والإسلامي، إلا أن الواقع كان عكس ذلك.
وأفادت الصحيفة بأن ردود الفعل العربية تقتصر على التصريحات المنددة، التي لا تقدم أي خطوة حقيقية تدفع نحو التصعيد السياسي.
وفي هذا السياق، نشر وزير الخارجية الإماراتي، أنور محمد قرقاش، بعد انعقاد قمة جامعة الدول العربية على صفحته على "تويتر" تعليقا على رد الفعل الهادئ للدول العربية، قال فيه إن "قدرة الدول العربية في الرد على هذا القرار محدودة جدا، وهذا ناتج عن الانقسام الذي حدث في المنطقة بعد أحداث الربيع العربي".
وأضافت الصحيفة أن بغداد بدورها وجهت انتقادات لجامعة الدول العربية، حيث أكدت وزارة الخارجية العراقية أنه على الدول العربية اتخاذ المزيد من الإجراءات السياسية والاقتصادية لحماية وضع القدس المحتلة.
وأوردت الوزارة أن "قرار وزراء خارجية الدول العربية لا يتفق مع مستوى التهديد الذي تواجهه القدس".
وتساءلت الصحيفة عن سبب هذه اللامبالاة تجاه مسألة غاية في الحساسية بالنسبة للعرب والمسلمين.
وقالت: "في الواقع، يبدو أن العالم العربي الذي اكتفى بالتصريحات دون التمكن من اتخاذ أي خطوات عملية، لم يعد له وجود فعلي، خاصة بعد ثورات الربيع العربي، ما يعكس أدنى مستويات الوحدة العربية".
وأشارت الصحيفة إلى أن الوضع الداخلي في أغلب الدول العربية يجعلها عاجزة عن إنقاذ القدس المحتلة، وهذا ينطبق على مصر والسعودية والجزائر والعراق، ولبنان، والبحرين، وقطر، والسودان وموريتانيا.
من جهة أخرى، تعاني كل سوريا وليبيا واليمن من حرب أهلية دموية. وفي المقابل، تشهد الإمارات وسلطنة عمان حالة من الاستقرار النسبي.
وأوردت الصحيفة أن هناك العديد من التفسيرات لظاهرة الضعف التي تطغى على العالم العربي، لعل أهمها إعادة توزيع الأدوار في العالم العربي بين سنتي 2011 و2012. وبعد تغيير الزعماء التقليديين في المواجهة؛ مصر، وليبيا، واليمن، وقبلهم العراق؛ تمكنت السعودية من احتكار قيادة العالم العربي مع حلفائها في مجلس التعاون الخليجي، إلا أن المملكة لم تتمكن من لعب هذا الدور على الوجه الأمثل.
وأفادت الصحيفة بأن الثروة المالية للمملكة لا تكفي لقيادة 300 مليون عربي، الذي بحاجة إلى قوات عسكرية قوية ورأس مال سياسي ومهارة دبلوماسية.
أما السعودية، فتعاني من مشاكل عدة على المستوى الخارجي والداخلي، فقد أثرت عليها مشاركتها في حرب اليمن سلبا، بالإضافة إلى الصراع مع قطر وإقحام نفسها في الصراع السوري، فضلا عن الدخول في المواجهة ضد إيران.
في المقابل، كانت مشاكلها الداخلية، نتيجة لتداعيات الإجراءات التي اتخذها ولي العهد تجاه العشيرة الحاكمة، بالإضافة إلى هبوط أسعار النفط، ما أدى إلى تقويض قوة المملكة المالية.
وأوضحت الصحيفة أن رد الفعل الإيراني كان الأقوى، حيث أكد "حزب الله" استعداده لدعم المقاومة الفلسطينية، ما أثار استنكار بعض الدول الغربية التي ترفض توسع النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط. ومع ذلك، من الممكن اعتبار تلك الشعارات والتصريحات شعوبية بالأساس، وتهدف لجذب انتباه الشارع العربي.
كما كان من المتوقع أن يؤدي قرار ترامب إلى اندلاع الاحتجاجات، وورود تصريحات من مختلف القوى، خاصة "حزب الله".
وأشارت الصحيفة إلى أنه من المرجح أن تُنسى القضية الفلسطينية بسهولة، كما من الوارد أن يتم تجاهل الوضع في القدس.
وبناء على ذلك، لن يحصل الفلسطينيون على دولة مستقلة لهم في المستقبل القريب، كما ستظل القدس عاصمة لإسرائيل كما أقرها ترامب.
وأكدت الصحيفة أن العرب في حاجة إلى بعض الوقت للتأقلم مع الوضع الجديد، بل وقد تسارع بعض الدول العربية إلى إقامة علاقات مع إسرائيل. وخير مثال على ذلك السعودية التي تسير في هذا الاتجاه منذ فترة وبنشاط كبير، سعيا لتعزيز علاقتها بإسرائيل.
وعلى هذا الأساس، يبدو أن القضية الأساسية في الشرق الأوسط لن تكون القضية الفلسطينية وإنما صراع المملكة العربية السعودية مع إيران والعمل على الحد من النفوذ الشيعي في المنطقة.
وفي الختام، أفادت الصحيفة بأن تركيا قد تشارك في هذه المواجهة بين إيران والسعودية، ما قد يؤدي إلى حدوث العديد من التطورات في منطقة الشرق الأوسط.
وبناء على هذه المعطيات، يبدو أنه من غير الممكن تجنب الحروب والصراعات في المنطقة، ما سيجعلها الرقعة الجغرافية الأكثر توترا على وجه الأرض. وجل ما قد يتغير في المنطقة هو موازين القوى وأطراف المواجهة.