نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريرا للصحافية أروى إبراهيم، حول اختلاف أكراد
تركيا بخصوص
الاستفتاء الذي سيقوم به أكراد
العراق يوم الاثنين للاستفلال، حيث كشف هذا الاستفتاء عن خلافات ذات جذور عميقة لدى الأكراد في الجارة تركيا.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أنه في الوقت الذي يعد فيه المزاج العام بين أكراد تركيا هو تأييد الاستفتاء، إلا أن ميول الأحزاب والحركات السياسية ليس بذلك الوضوح، مستدركا بأنه بالرغم من غياب استطلاعات الرأي بهذا الشأن، إلا أن الكثير من أكراد تركيا، خاصة الذين يعيشون في المناطق التركية الجنوبية الشرقية ذات الأغلبية الكردية، عبروا عن تأييدهم للاستفتاء.
وترجح الكاتبة أن تطفو الآن الخلافات الكردية الداخلية، التي بقيت نائمة منذ فشل العملية السلمية عام 2015، وسط موجة تفجيرات قام بها حزب العمال
الكردستاني، والرد القاسي الذي قامت به قوات الأمن التركية في جنوب شرق البلاد، مشيرة إلى أن الفصائل التركية المؤيدة للاستفتاء قامت بإطلاق مبادرة في تموز/ يوليو لتأييد الاستفتاء والضغط على الشخصيات السياسية المحلية والأجنبية لتأييد الاستفتاء وفكرة كردستان المستقلة المنفصلة عن بغداد.
ويذكر الموقع أن ستة أحزاب كردية تقليدية أيدت المبادرة، وهي حزب الحرية الكردستاني، والحزب الديمقراطي الكردستاني، وحركة أزادي، والحزب الديمقراطي لشمال كردستان، وحزب الحرية والاشتراكية، والحزب الاشتراكي الكردستاني، بالإضافة إلى سبع شخصيات مستقلة، بالرغم من أن معظم هذه الأحزاب قديمة، وبعضها كانت تعده الدولة غير شرعي، حيث فشل في الحصول على 10% من أصوات الناخبين لدخول البرلمان، وسعت الأحزاب للحصول على الاستقلال أو الفيدرالية مع تركيا من خلال "طرق سياسية سلمية"، بدلا من العنف أو التسلح.
ويستدرك التقرير بأنه كان غياب حزب الشعوب الديمقراطي واضحا، حيث يعد أكبر الأحزاب الكردية في البرلمان التركي، ولم يبد تأييدا للاستفتاء، لافتا إلى أن قيادات الحزب تقبع في السجون، وهناك عشرات من أعضاء البرلمان إما معتقلون أو محرومون من مقاعدهم بسبب الاشتباه بعلاقاتهم بالانفصاليين المسلحين.
وتبين إبراهيم أنه مع أن الناشطين المؤيدين للاستفتاء اجتمعوا بشخصيات المعارضة التركية وجمعيات المجتمع المدني، إلا أن محاولات لقائهم بممثلين عن الحكومة لم تفلح إلى الآن.
وينقل الموقع عن رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني سيرتاك بوكاك، قوله إن الحملة ساعدت على رفع الوعي العام بالاستفتاء، وأبرزت الأحزاب المشاركة فيها، وأضاف بوكاك: "مع أن دعواتنا لحزب العدالة والتنمية للقاء لم تجب بعد، إلا أن حزبنا يسعى ليقلل من مخاوف الحكومة التركية تجاه دولة كردية مستقلة، ولزيادة الدعم من الدول الغربية، حيث أن الاستفتاء لم يتلق إلا دعما دوليا قليلا"، مشيرا إلى أن الحزب الديمقراطي الكردستاني قام بتوزيع منشورات ورسائل باللغتين التركية والكردية على أعضاء البرلمان، بغض النظر عن انتماءاتهم الحزبية لتأييد الاستفتاء.
ويورد التقرير نقلا عن وحيد أبا، أحد ناشطي حزب الحرية الكردستاني المشارك في الحملة، قوله: "شرحنا لهم لماذا ندعم الاستفتاء، وأن عليهم احترام النتيجة؛ لأن كل شعب له الحق في تقرير مصيره وأن ذلك يتماشى مع القانون الدولي، وأن إخواننا في الجنوب أيضا لهم ذلك الحق، وأنه يجب الاعتراف بذلك دوليا".
وتفيد الكاتبة بأنه مع أن الأحزاب الستة لم يكن لها شأن منذ قيام حزب الشعوب الديمقراطي عام 2012، ودخوله البرلمان بعد الحصول على 13.2% من الأصوات في انتخابات عام 2015، إلا أن المحللين يقولون بأن منصتهم التي ينفذون حملة التضامن مع الاستفتاء من خلالها، جعلتهم يكسبون بعض الأهمية في المشهد السياسي الكردي التركي.
وينقل الموقع عن أستاذ السياسة الكردية التركية في جامعة دايسل، وهاب كوكسن، قوله: "بالرغم من صغر حجم الأحزاب الستة من حيث الأصوات التي يمكن أن تحصدها، فإن مبادرة تشكليها للمنصة منحتها شرعية قوية وأثرا كثيرا على الرأي العام؛ لأن الاستفتاء يعد مسألة وطنية وتاريخية يتوقع من جميع الأكراد تأييدها"، وأضاف أنه يعتقد أن الحملة لن تزيد حجم قاعدة التصويت أكثر من حزب الشعوب الديمقراطي.
وينوه التقرير إلى أنه بالإضافة إلى حزب الشعوب الديمقراطي، الذي لم يبد تأييدا للاستفتاء، فإن حزب الأقاليم الديمقراطي يعارض أيضا فكرة دولة كردية مستقلة، مستدركا بأنه بالرغم من تصريح زعيم حزب الشعوب الديمقراطي صلاح الدين دمرتاس في 10 أيلول/ سبتمبر، بأنه سيؤيد أي قرار يتخذه شعب كردستان العراق، إلا أن الحزب رفض الانضمام إلى مبادرة دعم الاستفتاء رسميا، ولم يتخذ خطوات عملية لدعم الحملة.
وتقول إبراهيم إنه بحسب المحللين، فإن العلاقة المعقدة لحزب الشعوب الديمقراطي بحزب العمال الكردستاني، الذي ينظر إلى رئيس كردستان العراق مسعود برزاني، على أنه منافس إقليمي، هي السبب في عدم تأييده للاستفتاء.
وقال ألطان تان، عضو البرلمان عن حزب الشعوب الديمقراطي عن ديار بكر لـ"ميدل إيست آي": "بالرغم من أن ناخبي الحزب وبعض أعضائه يؤيدون الاستفتاء، إلا أن الحزب لن ينضم إلى أي مبادرة أو يعبر بقوة عن تأييده بسبب التعاطف في صفوفه مع حزب العمال الكردستاني"، وأضاف أنه بسبب تعاطف الأكراد في جنوب شرق تركيا مع الاستفتاء، الذين صوتوا للحزب، فإن الحزب لم يستطع أن يتخذ موقفا قويا ضد الاستفتاء.
ويورد الموقع نقلا عن صحافي كردي من ديار بكر يدعى محمد بوز أرسلان، قوله إنه بالرغم من أن حزب العمال الكردستاني يحظى بتأييد واسع في مناطق جنوب شرق تركيا، وبالرغم من معارضة الحزب للاستفتاء’ إلا أن الكثير من الناس يؤيدونه.
ويجد التقرير أن أنقرة تخشى إن نجح الاستفتاء في كردستان العراق أن يحرك ذلك الرغبة الانفصالية في أكراد جنوب شرق تركيا، حيث يشكل الأكراد ما بين 18 إلى 25 في المئة من الشعب التركي، منوها إلى أنه على المستوى الدبلوماسي، فإن الاستفتاء الكردي يعقد علاقة أربيل القريبة من أنقرة، حيث عارض الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الاستفتاء من البداية؛ خوفا من تأثير ذلك على الأقلية الكردية في كل من سوريا وتركيا.
ويختم "ميدل إيست آي" تقريره بالإشارة إلى أن الجيش التركي بدأ مناورات عسكرية على الحدود العراقية يوم الاثنين، بعد أن قال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم إن الاستفتاء الكردي مسألة أمن قومي بالنسبة لتركيا، وحذر من أن تركيا ستقوم بالخطوات اللازمة كرد فعل.