قال عبد القادر مساهل، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي
الجزائري، إن "الأشقاء في
الخليج مقتنعون بضرورة إيجاد حل سياسي وسلمي للأزمة الخليجية"، نافيا أن تكون جولته إلى دول الخليج العربي، من أجل الوساطة.
وأوضح مساهل، خلال "لقاء أخوي" مع بعض الإعلاميين، بالعاصمة الجزائر الأحد، شارك فيه مراسل "
عربي21"، أنه "لم نتقدم بأي مبادرة في هذا الإطار"، مضيفا: "أشقاؤنا في الخليج العربي يعرفون جيدا أننا لا نحبذ التدخل في شؤون الغير، وبالتالي لا نحب أي نوع من أنواع التدخل في شؤوننا، وبالتالي تفهموا بأننا مع الحل الذي يختارونه وفق المبادرة الكويتية".
وكان مساهل قد قام بجولة دبلوماسية شملت دول مجلس التعاون الخليجي الست (السعودية،
قطر، الإمارات، سلطنة عمان، البحرين، الكويت)، بالإضافة إلى الأردن والعراق ومصر، بالفترة ما بين الفاتح من آب/ أغسطس الجاري واستمرت إلى يوم 12 من نفس الشهر.
وقال مساهل: "الجزائر كانت الدولة الأولى التي أصدرت بيانا تنادي من خلاله الأشقاء في الخليج العربي إلى الحوار واحترام سيادة الدول وحسن الجوار تحت مظلة مجلس التعاون الخليجي، وبعيدا عن التدخل في شؤون الغير"، مشددا على أنه "على ثقة تامة بأن الأشقاء في الخليج سيكونون في مستوى التحديات والتوصل لحل في إطار المبادرة الكويتية التي يرعاها أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح".
وأكد وزير الخارجية الجزائري أن الموقف الجزائري الداعي للحوار لم يُغضب أي طرف، مشيرا إلى أن الموقف الذي عبرت عنه الخارجية الجزائرية منذ نشوب الأزمة أثار قراءات بأنه ينحاز إلى قطر، وتناولت وسائل الإعلام المصرية الموقف الجزائري بإسهاب على أنه يعادي محور القاهرة، خاصة بعد التئام دورة الاتحاد الأفريقي، نهاية تموز/ يوليو، وإبطال الجزائر مساعي مصرية بمقاطعة دولة قطر في الاتحاد.
نقف على مسافة واحدة
وعلى النقيض من ذلك، قال مساهل: "يعرفوننا ونقف على مسافة واحدة من الجميع. فعلنا ذلك مع عدة قضايا، قلنا من قبل ما يجب أن يُقال؛ لأننا دولة مسؤولة، وعلاقاتنا مع أشقائنا الخليجيين متميزة، وعلاقاتنا مع إيران أيضا متميزة، ونفس الشيء مع فرنسا، وقلنا ذلك بكل صراحة لكل من التقينا معهم"، وفق قوله.
من جهته، قال حمو بن زيان، مدير مركز البحوث والدراسات الاستراتيجية في باريس، إن "موقف الجزائر النابع من مبدأ عدم التدخل في شؤون الغير، والوقوف على مسافة واحدة مع الجميع، يراعي عدة معطيات اقتصادية، أولها العلاقات المميزة مع الدوحة والتي نمت بشكل ملفت للانتباه في السنوات الأخيرة بعد ارتفاع حجم استثمارات قطر في الجزائر".
وأشار إلى أن الاستثمارات القطرية تجاوزت نمو نظيرتها الفرنسية، "حيث تصنفها وكالة تطوير الاستثمار في المركز الأول بالنسبة للمستثمرين الأجانب شاملة قطاعات الحديد والصلب، والاتصالات المتنقلة والطيران المدني، حيث تقدر قيمتها بخمسة مليارات دولار".
وتابع بن زيان لـ"
عربي21": "كادت العلاقات الجزائرية السعودية تشهد بعض الانفراج بعد
الأزمات التي كانت تعيش على وقعها نتيجة اختلاف الرؤى والمواقف بشأن قضايا مشتركة بين البلدين، على رأسها القضية السورية واليمنية، حتى جاءت الأزمة مع قطر لتربك الدبلوماسية الجزائرية التي سارعت لإعلان موقفها الحيادي منها والدعوة إلى الحوار وتسويتها بعيدا عن لغة التصعيد، مع تغليب الحكمة وحسن الجوار"، مضيفا أن "هذا الموقف ثمنته قطر، واستحسنته السعودية والإمارات والبحرين ومصر"، وفق تقديره.
ولم يخض الوزير الجزائري خلال لقائه مع الصحفيين؛ في تفاصيل لقاءاته مع رؤساء حكومات ووزراء خارجية الدول التي شملتها جولته، ومدى تشبثهم بمواقفهم المعلنة أمام الرأي العام الدولي، لكنّ مصدرا من وزارة الخارجية الجزائرية، رفض الكشف عن هويته، أكد لـ"
عربي21"، أن "الجزائر استشعرت خطرا كبيرا في ضوء أزمة قطر مع خصومها، خاصة مع الإمارات العربية المتحدة والسعودية".
احتقان شديد بالعلاقات
وأضاف المصدر أن "الجزائر استشعرت أن حدة في الاحتقان بلغت أوجها مع تمسك كل طرف بموقفه، حيال الأزمة". وقال: "من خلال جولتنا نعتقد أن حل الخلافات بين دولة قطر وخصومها لن يكون غدا".
وأفاد مساهل من جهته؛ بأن "الشركاء العرب في الخليج والشرق الأوسط مقتنعون بضرورة اعتماد الحل السياسي والسلمي للنزاعات والخلافات البينية"، معتبرا أن "كل الأطراف في المنطقة العربية تعي جيدا التحولات التي تتعرض لها الخارطة الجيو-سياسية، والتي تتطلب اعتماد مقاربات جديدة في التعامل معها لتفادي تداعياتها على الاستقرار في الوطن العربي والوحدة الترابية واستقلال القرار السياسي والاقتصادي"، كما قال.
وأكد مساهل أن "الصف العربي يحتاج إلى المزيد من القوة، وهذا لا يتأتى إلا بتطوير وسائل العمل العربي المشترك تحت مظلة جامعة الدول العربية"، وقال: "ذهبت إلى الخليج العربي والشرق الأوسط بتوجيهات وتعليمات من رئيس الجمهورية، لطرح أفكارنا بخصوص القضايا التي تعج بها المنطقة العربية، المليئة بالمشكلات والخلافات، ونظرتنا لحلها في إطار سلمي وسياسي وبالحوار البناء".