يستعد الشمال السوري للدخول في مرحلة جديدة من التصعيد، تمثلت في استمرار دخول الحشود التركية العسكرية الضخمة إلى مناطق ريف
حلب الشمالي المحاذية لمدينة عفرين، يقابلها تحشيدات عسكرية مماثلة من جانب الوحدات الكردية.
وفيما لم يعرف بعد إن كانت مدينة عفرين مستثناة من العملية العسكرية المرتقبة، استبعد الخبير بالشأن التركي، ناصر تركماني، أن تكون المدينة المكتظة بالمدنيين ضمن الأهداف العسكرية التركية في الوقت الحالي، لخطورة ذلك على المستوى الإنساني.
وقال خلال تصريحات لـ"
عربي21": "إن سقف أهداف المعركة، التي قد تنطلق بين لحظة وأخرى، ستكون استعادة مدينة تل رفعت وما حولها من المناطق العربية التي تسيطر عليها الوحدات الكردية".
واعتبر تركماني أن التصعيد بين
تركيا والوحدات الكردية "أمر طبيعي"، ويعود إلى تضرر تركيا من هشاشة وخطورة الوضع الأمني للحدود الغربية والجنوبية لمنطقة درع الفرات.
وقال: "هناك تأييد شعبي تركي واسع لحسم المعركة، ردا على استبعاد تركيا من المشاركة في معركة الرقة، والأتراك كذلك يحاولون حصد نتائج التنافس الروسي الأمريكي في الشمال السوري".
من جانب آخر، ألمح تركماني إلى ظهور مؤشرات تبدي ليونة من جانب الوحدات الكردية، تجنبا للمواجهة.
ولم يستبعد الخبير بالشأن التركي انسحاب الوحدات الكردية من المناطق العربية محط الخلاف إلى داخل عفرين، عوضا عن خوض مواجهة بنتيجة محسومة لصالح الجانب التركي وفصائل المعارضة، وخصوصا مع وجود شبه توافق تركي روسي إيراني على انحسار المعارضة إلى داخل عفرين، كما قال.
وأوضح بقوله: "البربوغاندا الإعلامية صورت الوحدات الكردية على أنها القوة التي لا تُكسر، واليوم هي بين نارين إما الدخول في مواجهة بخسائر عسكرية ومعنوية، أو الانسحاب تحت ستار المفاوضات مع حفظ القليل من ماء الوجه".
وفي رؤيته للمعركة المرتقبة، اعتبر عضو المكتب السياسي السابق في حركة نور الدين الزنكي، بسام حجي مصطفى، أن كل الاحتمالات مفتوحة، بما في ذلك امتداد المعارك إلى مدينة عفرين.
وأضاف في تصريح لـ"
عربي21" أنه "في حال تمكن الأتراك والثوار من الضغط على المليشيات التابعة لحزب العمال الكردستاني وفرعه السوري حزب الاتحاد الديمقراطي، قد تمتد المواجهات إلى مدينة عفرين".
وبحسب حجي مصطفى، فإنه وفي حال تم ذلك، "قد ينضم كثير من المدنيين
الأكراد إلى حزب الاتحاد الديمقراطي، الذي سيلجأ إلى التهويل وتخويف الأهالي من التدخل التركي مستفيدا من تأزم العلاقة التركية مع أكراد
سوريا".
وبالرغم من كل ذلك يرى حجي مصطفى، أن "مليشيات حزب الاتحاد الديمقراطي قوة لا يستهان بها داخل عفرين، وسوف تستثمر المعركة على المستوى الشعبي".
في غضون ذلك أطلق مجموعة من النشطاء والمثقفين الكرد مبادرة من أربعة بنود، بهدف نزع فتيل الأزمة وتجنيب مدينة عفرين عواقب حرب محتملة.
وتنص أهم بنود المبادرة على العمل على انسحاب الوحدات من القرى العربية التي سيطرت عليها بريف إعزاز وتسليمها لأهلها، وتشكيل لجان مدنية وعسكرية من أهالي عفرين للإشراف والتخطيط على كيفية إخراج مقاتلي حزب العمال الكردستاني التركي من المنطقة بأقل الخسائر حفاظا على مصالح المدنيين.
وقال الناشط السياسي الكردي محمد أبو سيامند، وهو أحد مطلقي الحملة، إن المبادرة تأتي في إطار وحدة المصير العربي الكردي، وهي محاولة لنزع فتيل الأزمة، من خلال تسليم الحقوق لأصحابها.
وأضاف أبو سيامند لـ"
عربي21": "يحزننا تشريد الإخوة العرب من بلداتهم وقراهم التي تحتلها المليشيات، ونحن من خلال مبادرتنا نرأب صدعا لن يعود بالخير على سكان المنطقة".
إلى ذلك، تشهد خطوط المناطق القريبة من خطوط التماس في ريف حلب حالة من الهدوء الحذر، ويبدي السكان تخوفهم لما ستؤول إليه الأوضاع في منطقتهم.