نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريرا للكاتب ديفيد ميسيغوير، حول عودة الحزب الديمقراطي الكردستاني
الإيراني إلى الحرب، بعد وضعه السلاح لمدة 20 عاما.
ويصف الكاتب كيف يتجمع المجندون في ثكنة عسكرية سرية في جبال زاغروس، في الوقت الذي يقوم فيه القائد رحيم منغوري بتذكيرهم بسبب وجودهم في هذا المكان، قائلا لهم، "إن هذه القاعدة هدف عسكري... من يقرر البقاء فيها فإنه يبقى على مسؤوليته".
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن هذه المفرزة المؤلفة من 20 مقاتلا، تتمركز على بعد 5 كيلومترات من الحدود الإيرانية؛ ليتعلموا أساليب الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني، ومعركته مع الحكومة الإيرانية، ففي الصباح يتم تثقيفهم سياسيا، وفي المساء يُدربون عسكريا.
ويقول الموقع: "الآن، مع انتهاء الشتاء، فإنهم يجهزون لتطبيق ما تدربوا عليه، وهو القتال ليس من أجل استقلال كامل، لكن من أجل حكم ذاتي ضمن فيدرالية مع إيران".
وينقل ميسيغوير عن عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني جمال بورنصار، قوله قبل أن يغادر الثكنة: "في الصباح ندرس عن فلاسفة وسياسيين عالميين مختلفين، وبعدها نقوم بالتدريبات الجسدية والعسكرية، فمن المهم أن نكون جاهزين للقتال"، حيث عاد الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني لحمل السلاح عام 2015، بعد التخلي عن السلاح لمدة ما يقارب 20 عاما.
ويقول منغوري، الذي انضم للحزب وعمره 14 عاما، متحدثا للعشرين مقاتلا الذين تجمعوا حول موقد حطب: "لقد عدنا إلى الكفاح المسلح لأننا متأكدون بأن النظام الإيراني لن يأخذ تطلعاتنا بالحسبان، فيحب علينا الضغط على حكومة طهران، وأفضل طريقة لفعل ذلك هي العودة إلى السلاح".
ويلفت التقرير إلى أن اجتماع هذه الوحدة الكردية يتم في بيت صغير تم تحويله إلى ثكنة عسكرية، وهو مخبأ بشكل جيد، وتحميه قمم جبال زاغروس، البالغ ارتفاعها ثلاثة آلاف متر، ولا يبعد عن الحدود الإيرانية سوى خمسة كيلومترات.
ويذكر الموقع أن منغوري البالغ من العمر 52 عاما، ولد في بلدة بيرانشاهر، والتحق بالحزب عام 1979 ناشطا سياسيا، وبعد ثلاث سنوات أصبح مقاتلا مع
البيشمركة، ويقول: "فعلت ذلك بسبب قمع النظام الإيراني لشعبي، فلم أستطع أن أجلس مكتوف اليدين".
وينوه الكاتب إلى أنه تم إنشاء الحزب عام 1945؛ للدفاع عن حق الأكراد الإيرانيين في تقرير مصيرهم، وأداء دور مهم عام 1946 في إنشاء جمهورية مهاباد، التي لم تدم طويلا، وكانت المرة الأولى في التاريخ التي صار فيها للأكراد ما يشبه الدولة، التي لم تدم سوى عام واحد.
ويستدرك التقرير بأن الحزب الكردي استمر وشارك في الثورة الإيرانية عام 1979، التي أطاحت بالشاه، لكن آية الله الخميني رفض مطالب الأكراد، وحظر الأحزاب السياسية، واضطر الحزب الديمقراطي الكردي الإيراني للجوء إلى المنفى في كردستان العراق.
ويقول بورنصار وهو يدفئ بيديه على النار: "لقد ظلم الشعب الكردي لسنوات كثيرة من شاه إيران ونظام آية الله، ولذلك نحن فقراء"، ويضيف: "لا نسعى إلى كردستان مستقلة؛ لأن ذلك معقد جدا من ناحية اقتصادية وسياسية، لكننا ملتزمون بنظام فيدرالي ديمقراطي للاستفادة من إمكانيات إيران".
ويتابع بورنصار، المولود في مهاباد، قائلا إنه انضم للحزب عام 2011، ويقول للموقع: "كنت مشاركا في النشاط السياسي السري داخل إيران لمدة خمس سنوات، لكني قررت الصيف الماضي الصعود إلى الجبال لأصبح مقاتلا في البيشمركة؛ لأنني لو بقيت هناك لتم اعتقالي".
ويقول منغوري إن بقية المقاتلين العشرين، مثل بورنصار، هم مجندون جدد، ويضيف: "لا يمكن أن نكشف عن عدد المجندين لدينا لأسباب أمنية، لكن منذ أن عدنا إلى الكفاح المسلح قبل عامين التحق بصفوفنا الكثير من الشباب"، فبعد حوالي عقدين من غياب النشاط المسلح، أعلن الحزب عن عودته للسلاح، بعد حادثة في أيار/ مايو 2015، عندما اتهمت فريانز خوسرافاني، البالغة من العمر 25 عاما، ضابطا في الحرس الثوري الإيراني باغتصابها، وأقدمت الفتاة، التي تعمل خادمة، على الانتحار، وتسبب موتها بمظاهرات في المدن الكردية الرئيسية في إيران، وقامت الحكومة بقتل ما لا يقل عن ستة متظاهرين، واعتقلت العشرات، وعاد الصراع المسلح.
ويبين ميسيغوير أن الشباب يجهزون أنفسهم وهم حاملون كلاشنكوفاتهم مستعدين للسير عبر الجبال المغطاة بالثلوج في اتجاه إيران، وهي رحلة على الأقدام تأخذ عدة ساعات، ويصيح القائد: "هيا نمضي"، مستدركا بأنه بالرغم من وجود الثلوج التي تغطي الطريق، فإن المفرزة تبدأ بالسير سريعا في خط، حيث يتم الفصل بين كل عنصر والذي يليه.
ويشير التقرير إلى أن سادي مرادبور، البالغ من العمر 19 عاما، وهو من قرية بيرانشهر في إقليم أذربيجان، قام برحلة معاكسة في ربيع عام 2016، عندما هرب من إيران للانضمام إلى مليشيات الحزب الديمقراطي الكردستاني، ويقول إنه جاء هنا عبر الجبال، وكان ذلك صعبا، لكنه كان يستحق ذلك الجهد.
ويضيف مرادبور أنه كان يدرس ليلتحق بالجامعة، لكنه كان بحاجة لعمل ليدفع رسومه، إلا أن الأبواب كلها كانت مغلقة أمام الأكراد، ويقول إن "هذا التمييز العرقي يجعل الكثير من الشباب مثلي يلتحقون بالبيشمركة".
ويلفت الموقع إلى أن جد مرادبور كان رجل بيشمركة، وقتل في الثمانينيات على يد الجيش الإيراني، ويقول مرادبور إنه كان يسمع عن الكفاح السياسي والعسكري منذ نعومة أظفاره، وإنه انضم إلى خلية سرية نائمة في المدينة قبل أن يأتي إلى هنا.
ويقول منغوري: "منذ أن أعدنا الكفاح المسلح عام 2015، قتل 30 عنصر بيشمركة في اشتباكات مع الحرس الثوري الإيراني".
ويكشف الكاتب عن أن الحزب لا يقاتل وحده، فهناك حزب كومله، وهو جزء من الحزب الشيوعي الإيراني، وقد أعلن عناصره عن عودتهم للكفاح المسلح في شهر نيسان/ أبريل الماضي، لافتا إلى أنه تم وقوع مناوشات بين المليشيات الكردية والقوات الإيرانية بعد إعلان تلك المليشيات بأنها ستقوم بهجمات ضد القوات الإيرانية قريبا، وقام حزب الحياة الحرة الكردستاني، المرتبط بحزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا، في 27 أيار/ مايو بهجوم، قتل فيه حارسا حدود إيرانيان، وجرح سبعة آخرين، بالقرب من مدينة أرومية الكردية.
ويقول بورنصار: "لا أخشى الذهاب للخطوط الأمامية؛ لأننا نشأنا في مجتمع كنا دائما نسمع فيه قصصا بطولية عن البيشمركة والمقاومة.. نحن مستعدون للحرب، ولا يهمني مدى قوة العدو".
ويقول القائد: "لا نتوقع أن تمدنا إدارة ترامب بالأسلحة أو المساعدة الاقتصادية، لكننا نعتقد أن الرئيس الجديد ملتزم تماما بإعادة فرض العقوبات ضد إيران".
وقال منغوري إن التقارب بين حكومتي الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما والرئيس الإيراني حسن
روحاني، لم تكن خطوة جيدة نحو تحسين وضع الأكراد.
ويورد الموقع أنه بحسب تقرير صادر عن "هنغاو"، وهو موقع حقوق إنسان كردي إيراني، فإن السلطات الإيرانية أعدمت 328 كرديا خلال السنوات الأربع الأولى من حكم روحاني.
وقال منغوري للموقع إن وحدة البيشمركة تلك كلها من الرجال، لكن هناك الكثير من النساء المقاتلات الموجودات في قواعد قريبة، وأضاف: "على غير ما عليه الحال في المليشيات الكردية الأخرى، يسمح للمقاتلين بإنشاء علاقات حتى إن بعضهم متزوجون".
ويقول ميسيغوير: "بعد يوم من التدريب، وبعد العودة إلى الثكنة، يكون وقت العشاء، حيث هناك طبق كبير من السباغيتي واللحم، ويقول منغوري إن الطبخ والتنظيف والأنشطة اليومية تهذب المقاتلين، ويجلس المقاتلون على الأرض لتناول الطعام".
ويوضح مرادبور كيف يستطيع البقاء على اتصال مع أقاربه، بالرغم من عيشه في المنفى، حيث يقول: "أتواصل معهم بالهاتف دائما، وأحيانا يعبرون الحدود، حيث نلتقي في مكان ما في كردستان العراق"، مضيفا أن لديه عمين وابن عم في السجن، وخمسة أصدقاء تم القبض عليهم بسبب أنشطتهم السياسية، ويقول مرادبور إنهم يساعدون العديد من الناشطين السياسيين، الذين تقمعهم السلطات الإيرانية، في عبور الحدود، وهو أحد النشاطات الأساسية للبيشمركة.
ويقول منغوري: "لا نريد التغيير الذي حصل في العراق وليبيا وسوريا والثورات التي سحقت تماما.. إنما يجب تغيير النظام الديكتاتوري بآخر ديمقراطي، وبعد ذلك نريد مفاوضات، وتبادل مطالب".
وينقل التقرير عن القائد في البيشمركة، قوله إن الأقليات من العرب والبلوش والتركمان الذين يعيشون في إيران يشاركونهم تلك الرغبات.
ويختم "ميدل إيست آي" تقريره بالإشارة إلى قول بورنصار إن راتب المقاتل هو فقط 40 دولارا أمريكيا في الشهر، وهو راتب قليل، لكنه يساعد في شراء بعض الأشياء، ويستدرك قائلا: "علينا ألا ننسى أننا متطوعون، وأن هناك بعض المقاتلين الذين يعيدون رواتبهم للتنظيم".