قضايا وآراء

معركة الشرعية اليمنية مع الإمارات

منذر فؤاد
1300x600
1300x600
بينما كان القائد العسكري في الجيش الوطني، مهران القباطي، يُمنع من دخول عدن عبر مطارها، بواسطة قوات موالية للإمارات، أصدر الرئيس اليمني قرارت مفاجئة بإقالة وزير الدولة وقائد الحزام الأمني الموالي للإمارات، هاني بن بريك، وإحالته للتحقيق، كما صدر قرار بإقالة محافظ عدن عيدروس الزبيدي، المعروف بولائه للإمارات. كانت تلك معادلة مختصرة للمعركة السياسية بين الإمارات وهادي، فضلا عن كون تلك القرارات اختبارا حقيقيا لفرض شرعية الدولة في مناطق محررة، قبل فرضها في مناطق سيطرة المليشيات، عند تحريرها.

تتمتع الإمارات بعلاقة وثيقة مع المخلوع صالح، لم تزعزعها الحرب بشكل كبير كما يبدو، هذه العلاقة أسهمت بشكل كبير في إطالة أمد الحرب، وتوقف تحرير المدن بفعل النفوذ الإماراتي داخل التحالف العربي، المسكوت عنه سعوديا، في مقابل رئيس ضعيف أتاح المجال للعبث الإماراتي، ولم يكن حازما منذ أول لحظة، لمنع تغلغل هذا العبث إلى مفاصل الدولة، بحيث أصبح من الصعب التخلص من هذا العبث خلال فترة قصيرة.

لا أحد ينكر الدور الكبير الذي أدّته الإمارات، ضمن التحالف العربي لإعادة الشرعية في اليمن، والتضحيات التي قدمها الجيش الإماراتي في أكثر من جبهة، وبسالته في مواجهة مليشيات الانقلاب، لكن ذلك لا يبرر للسلطات الإماراتية استغلال نفوذها ضمن التحالف العربي، لتحقيق أجندات خاصة، وأهداف توسعية، وتصفية حساباتها العابرة للحدود مع الإسلاميين.

عقب تحرير محافظة عدن، تسلّمت السلطات الإماراتية الملف الأمني والعسكري في المدينة، وفشلت فشلا ذريعا في وقف الهجمات الانتحارية، وحماية أرواح المواطنين، ما ترتب على ذلك من اغتيالات ممنهجة بحق قيادات في المقاومة الشعبية. ودعاة السلفية الذين لم يكونوا في صف الإمارات، ولم يعلنوا ولاءهم، كحال الشيخ هاني بن بريك، الذي أصبح وكيلا للإمارات في تنفيذ مخططاتها في المناطق المحررة، وعدن على وجه الخصوص.

لم تفوّت الإمارات عملية تحرير عدن كفرصة لابتزاز هادي، والتدخل في قرارت هي صلب شرعيته، ونجحت في إقالة المحافظ السابق نايف البكري الذي ينتمي للتجمع اليمني للإصلاح، الحزب الذي تراه الإمارات رجسا من عمل الشيطان، وتعمل علي استئصاله بكل السبل، كما نجحت في الضغط على هادي، لتعيين محافظ جديد موال لها، خلفا للشهيد جعفر سعد، وأحكمت نفوذها أكثر من أي وقت مضى.

الإمارات غضبت كثيرا عندما قرر الرئيس هادي إقالة خالد بحاح من منصبه، كنائب للرئيس، دون الرجوع إليها، في وقت نجحت فيه الإمارات في ضم الرجل إلي معسكرها، وعملت على تهيئته ليخلف هادي في رئاسة البلاد، لكن هادي أدرك تفاصيل اللعبة، فأقال الرجل، ودفع بالجنرال علي محسن لتولي المنصب؛ سدا لأي خطة سياسية تفضي للإطاحة به. ومن لا يعرف الجنرال محسن، فإن الإمارات تعتبره الذراع العسكري لحزب الإصلاح، وهذا ما تسبب في تصاعد وتيرة الخلاف علي فترات متلاحقة، ليصل إلي المواجهة العسكرية، بين معسكر الشرعية، ومعسكر الإمارات، في مدينة عدن العاصمة المؤقتة.

عبر بوابة التنمية، وتقديم المساعدات، نجحت السلطات الإماراتية في تثبيت حضورها علي الأرض، وعززته بإنشاء قوات عسكرية موالية فيما بعد، ففي الفترة التي أعقبت انتخاب هادي رئيسا، ألغت الحكومة اليمنية اتفاقية تأجير ميناء عدن التاريخي للإمارات، وكان هذا القرار يشكل خطورة على السلطات الإماراتية، فيما لو تحرر الميناء من قبضتها، وما سيعقبه من حسابات اقتصادية قد تؤثر على الاقتصاد الإماراتي، ولو بنسبة ضئيلة. تحركت الإمارات صوب سقطري الجزيرة النائية المحرومة من الخدمات وعناية الجهات الرسمية، ونفذت عددا من المشاريع التنموية التي لاقت ارتياحا في أوساط المواطنين. وكان من البديهي أن يزور الشيخ حمدان آل مكتوم، ولي عهد دبي، سقطري دون إذن مسبق في نيسان أبريل 2013، بدعوي السياحة، واكتفت حكومة هادي بالاحتجاج لا أكثر، ولم تلتفت لمطالب سكان الجزيرة، بينما استمر التوسع الإماراتي من خلال المشاريع التنموية، وأصبح نفوذها في سقطري كما لو أنها تابعة لسيادتها، في الوقت الراهن.

بعد بدء عاصفة الحزم بسنة وثلاثة أشهر (حزيران يونيو 2016 تحديدا)، أعلنت الإمارات انتهاء دورها في حرب اليمن، قبل أن تتراجع عن هذا التصريح، وتتحدث عن استمرارها في التحالف، ولم يكن ذلك سوى انعكاس للصراع بين السعودية والإمارات، كما يرى مراقبون. غير أن ذلك كان بداية مرحلة جديدة من الصراع بين شرعية هادي والنفوذ الإماراتي، سعت خلالها الإمارات لتحقيق أهدافها ضمن التحالف لا أكثر، فتفرغت لتعزيز قوة الحزام الأمني الموالي لها، على حساب ألوية الحماية الرئاسية الموالية للشرعية، ووسعت نفوذها في محافظة حضرموت بعد مساهمتها في تخليصها من العناصر المسلحة التابعة لتنظيم أنصار الشريعة، خلال معركة قصيرة لم تتجاوز 24 ساعة.

بلغت ذروة الخلاف بين هادي والإمارات في شباط/ فبراير الماضي، بعد منع طائرة الرئيس اليمني من الهبوط في مطار عدن، من قبل قوات حماية المطار الموالية للإمارات، الأمر الذي تطور إلى اشتباكات بين ألوية الحماية الرئاسية وقوات الحزام الأمني، للسيطرة على المطار، وساندت المروحيات الإماراتية حلفاءها في الحزام الأمني، بقصف مواقع للحماية الرئاسية، ليرضخ هادي للأمر الواقع ويلجأ للتفاوض عبر الرياض، منعا لأي اقتتال قد يفضي إلى مزيد من الدماء، لكن ذلك بكل الأحوال لم يكن استسلاما، بقدر ما كان فرصة لإيجاد حلول للنفوذ الإماراتي المتنافي مع الشرعية، وقرارات التحالف العربي.

لا يزال لدى الإمارات أوراق كثيرة لتلعب بها مع هادي، كالورقة الأمنية، التي تحركها متى ما شاءت، إضافة إلى قدرتها على إثارة الشارع ضد الرئيس هادي، ولديها أيضا ورقة المخلوع صالح ونجله أحمد، التي تلجأ إليها بعض الأحيان لتحقيق مآربها.

ويبقى الصراع بين هادي وعبث الإمارات جزءا لا يتجزأ من مشروع استعادة الدولة، وفرض السيادة على التراب الوطني، بما في ذلك التراب الذي يخضع للنفوذ الإماراتي. إنها معركة ضمن سلسلة معارك فرضت على اليمنيين دون سابق إنذار، وأجبروا على التعاطي معها وفق ما يلزم، وفي إطار ما هو متاح.
التعليقات (1)
aboahmedmansour
الإثنين، 01-05-2017 07:04 ص
هؤلاء ليسوا عرب ولا مسلمين هؤلاء يهود الدونما العرب الجدد زرعتهم اليهودية الصهيونية العالمية في بلاد الخليج وبلاد العرب . ولذا تجدهم يتاجرون في كل شيئ ممنوع .. هؤلاء عوطلية وتجار مخدرات وكل الممنوعات شرعا .. فلا تقل مع الامارات قل مع يهود الدونما الاماراتيين ..