يُعاني أهالي مدينة الطبقة في ريف
الرقة، لليوم العشرين على التوالي، من
حصار مطبق عليها، من قبل "قوات
سوريا الديمقراطية" التي تشكل الوحدات الكردية عمودها الفقري، من الأرض، ومن الغارات الجوية للتحالف الدولي.
وقد أودى القصف بحياة العشرات من أهالي المدينة، بالتزامن مع إعلان قوات سوريا الديمقراطية؛ السيطرة على أجزاء من المدينة، الاثنين.
وقال الناشط الحقوقي، مهاب ناصر، لـ"
عربي21"، وهو من أبناء الطبقة: "المدينة محاصرة بشكل كامل من قبل "قسد" (قوات سوريا الديمقراطية)، حيث يُعاني أكثر من 30 ألف نسمة فيها؛ من نقص كبير في المواد الغذائية، إضافة إلى فقدان اللحوم والمحروقات منها، فضلا عن انقطاع الكهرباء والماء".
وذكر ناصر أنّ التحالف الدولي قطع الإنترنت الفضائي عن المدينة، منذ بدء العمليات العسكرية فيها، مشيرا إلى قيام طيرانه بتدمير مبنى البريد الاثنين، ما أدى لاتقطاع الاتصالات الأرضية عن المدينة.
وأعلنت وحدة تنسيق الدعم المنبثقة عن الائتلاف الوطني السوري، في بيان صادر عنها، وزعته على وسائل الإعلام خلال مؤتمر صحفي عقد في مقرها بمدينة عينتاب في الجنوب التركي، أنّ هناك أكثر من 30 ألف شخص في المدينة يعيشون في حصار خانق، وهم بحاجة ماسة إلى المساعدات الإنسانية، مشيرة إلى تخوّف سكان المدينة من وقوع مجازر في حقهم، في حال عدم تأمين ممرات آمنة، في ظل اقتراب المعارك من المدينة.
وذكر البيان أنّ التحالف الدولي، استهدف أفران الخبز الثلاثة في المدينة (الفرن الآلي في القرية، فرن الحي الأول، فرن الحي الثّاني)، ما أودى بحياة العشرات من المدنيين، ما تسبب في نقص حاد في مادة الخبز.
ودعت الوحدة إلى "عدم قصف الأحياء السكنية بشكل عشوائي"، و"تحييد المدنيين وعدم استهدافهم بأي شكل من الأشكال"، و"فتح ممرات آمنة لخروج الحالات الإنسانية الصعبة"، و"فتح ممرات إنسانية لإدخال المساعدات الإنسانية".
وفي سياق المطالبة بتوفير ممرات آمنة لخروج المدنيين، قال نائب رئيس مجلس محافظة الرقة، وابن مدينة الطبقة، محمد حجازي، إنّ مجلس محافظة الرقة زار عدة مرات؛ الأمم المتحدة بمدينة غازي عنتاب، وطلب من المسؤول الإقليمي للأمم المتحدة، راميش راجاسينجهام، تمرير رسائل إلى التحالف الدولي من أجل فتح ممرات آمنة لخروج المدنيين.
وبحسب قول حجازي لـ"
عربي21"، فإنّ طلب المجلس لم يقتصر على الأمم المتحدة، وإنما طالب الأمريكيين، من خلال وزارة الدفاع والخارجية الأمريكيتين، بضرورة توفير ممرات آمنة، لكن دون جدودى حتى الآن، مشيرا إلى تلقي المجلس ردودا من قبل الأمريكيين بـ"الجاهزية لفتح الممرات"، شريطة "موافقة التنظيم الذي يتخذ من المدنيين دروعا بشرية"، وفق رد الأمريكيين على مجلس المحافظة.
ولفت حجازي إلى وجود 92 حالة بحاجة لتلقي العلاج بشكل فوري، كونها أصيبت في القصف على المدينة، ولم تجد من يقدم لها العلاج، مشيرا في الوقت ذاته إلى توثيقه مقتل 105 أشخاص منذ بدء الحصار وحتى اليوم، وكان آخرهم الاثنين، حيث قتل 11 شخصا وهم يحاولون النزوح من المدينة.
من جهته، شدّد رئيس مجلس محافظة الرقة، سعد شويش، في حديث لـ"
عربي21"، على أنّ هدف التحالف الدولي، وفي مقدمته الولايات المتحدة، الآن، هو تحقيق نصر عسكري، بعيدا عما يسببه ذلك من خسارات في أرواح المدنيين.
وتحدث شويش عن تقديم المجلس للتحالف؛ تحديدا لمواقع المنشآت الحيوية في المدينة؛ لمنع استهدافها، لكن الرد الأمريكي كان بالإغارة على تلك المواقع بعد أيام، وفق قوله.
واستغرب شويش من تعليقات المسؤولين الأمريكيين على مطالبهم بمنع استهداف المدنيين، قائلا: "نقول لهم حيّدوا المدنيين، وهم يقولون لنا: لماذا تأخر الإعلان عن تشكيل مجلس جديد لمحافظة الرقة؟".
إلى ذلك، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، الاثنين، تقدمها في الجبهات الغربية والشمالية الغربية والجنوبية من الطبقة، وسيطرتها على نقاط عدة في غرب المدينة، "وتحرير قسم من حي الوهب في الجبهة الجنوبية".
لكن مصادر التنظيم نفت تقدم تلك القوات في المدينة، وتحدثت عن نجاح التنظيم يوم الأحد الماضي بفك جزئي للحصار عن المدينة، مستغلا العاصفة الرملية التي ضربت المنطقة، لكن عناصر التنظيم اضطروا للانسحاب بعد عودة فعالية طيران التحالف الدولي إثر انقشاع غبار العاصفة، وفق مصادر التنظيم.
إلى ذلك، أكدّ حجازي تقدّم قوات سوريا الديمقراطية بوتيرة متصاعدة في الأحياء الجنوبية الشرقية من مدينة الطبقة، مشيرا إلى أنّ الاشتباكات الحالية بين "قسد" ومقاتلي
تنظيم الدولة تبعد عن مركز المدينة بأربعة كيلومترات فقط.
وبحسب حجازي، فإنّ المعارك الدائرة الآن تتمركز في الاتجاه الجنوبي الشرقي من المدينة، في منطقة دوار العجراوي، وجامع الرحمة، وسوق الجمعة.
وتقع مدينة الطبقة على الضفاف الجنوبية لنهر الفرات على بعد نحو 50 كلم غرب مدينة الرقة، وفيها أهم سد مائي في سوريا (سد الفرات). وبدأت المعارك فيها بين تنظيم الدولة والمقاتلين الأكراد المدعومين من قبل التحالف الدولي، في 22 آذار/ مارس، عبر القيام بإنزال لقوات أمريكية وعناصر من قوات سوريا الديمقراطية؛ جنوب نهر الفرات.