تعجبني جداً قدرة هؤلاء القوم على تكلف الجد في أشد المواقف هزلاً. فقد قرأت تقريراً عما قاله المفتي شوقي علام ودعوته للمشاركة بكثافة في انتخابات الانقلاب من أجل إعطاء رسالة إيجابية للعالم أن مصر أصبحت قاطرة في ممارسة العملية الانتخابية والألطف من هذا أنه شدد على أن الرشاوي الانتخابية حرام شرعاً !!
لم أتمالك نفسي، ووجدت ابتسامة تغزو وجهي وأنا أقرأ اسم المؤتمر أو المنتدى أو الاجتماع أو سمه ما شئت، الذي اختاروا له اسما ناصريا كوميديا (حكاية وطن)، وهو اسم قريب من اسم أغنية (حكاية شعب).
هذه المشاهد التي تأتيكم من سوريا ومن مصر واليمن وليبيا والعراق تبدو كما لو كانت مشاهد من احد أفلام الخيال العلمي. كيف تشابهت طوابير البشر الذين غادروا رفح سيراً على الأقدام بطوابير النازحين من المدن السورية ؟
نحتاج أن نفهم أن الانقلاب فشل في امتحانه الشعبي ولكنه سيظل موجوداً حتى يقرر المعسكر المناهض للانقلاب تغيير سياساته ومحاولة حشد الشعب بطريقة أخرى غير طريقة الحشد بالطماطم!
حتى الآن مازلت اتحاشى تذكر مشهد محمد الدرة رحمه الله وهو يختبيء خلف ذراعي أبيه وتلك الرصاصة تنجح في الوصول إليه. هذا المشهد هو أحد أشد المشاهد التي تنجح في صهر مشاعري واذابتها مهما تجلدت.
هناك في سوريا لم تترك الطائرات الروسية سنتيمترا مربعا دون أن تقصفه. على الجدران في كل مكان في سوريا ترى توقيعات رصاص حزب الله وآثار أقدام الحرس الثوري الإيراني..
يبدو أن للانقلابات ذاكرة ما. تتعلم من بعضها البعض, ففي اللحظات الأولى لانقلاب تشيلي عام 1973، قُتل الرئيس سلفادور الليندي ليستتب الأمر للجنرال أوجوستو بينوشيه ليحكم الإرهاب بعدها 17 عاما في تشيلي حتى رحيل بينوشيه. في مصر كان السيناريو مختلفا نوعا ما رغم تشابه الخطوط العامة للانقلاب في مصر مع انقلاب
يبدو أنه على أسرة الرئيس مرسي أن تتحمل جانبا من ثمن انتخابه رئيسا، ويبدو أنه على أسامة مرسي نجل الرئيس أن يدفع ثمن ثبات أبيه في تلك المباراة التي بدأت بعد الثورة، وازدادت سخونتها حتى تصاعدت في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، حتى أصبحت أشبه بمباراة غير ودية بين مرشح الشعب ومرشح العسكر.
فرغت للمرة الثالثة من قراءة مجموعة مقالات يوسف إدريس التي كانت تُنشر في جريدة القبس الكويتية في عام 1983 والتي ضمها كتيب صغير بعنوان (البحث عن السادات) وكان من بين ما استرعى انتباهي هذه المرة، تصويره لآليات اتخاذ القرار داخل ما عُرف باسم مجلس الأمن القومي..
السلاسة غير العادية التي جرى بها تمديد حالة الطوارئ في مصر والتي لم تُقابل إلا بالبيانات؛ تكشف عن حالة من الإرهاق والكسل السياسي أصابت مناهضي الانقلاب..